“أهوى الفلسفةَ والموسيقى، وأوجد حيث توجد اللغة، وأؤمن بأن الشاعرَ لا يصفُ العالم، ذلك لأنَّ له دوراً في خلقه”.
فاطمة المِسك، شاعرةٌ وكاتبة، تحاولُ التحليقَ في عوالمِ الأدبِ واللغة،وخلال حوارها مع صحيفة “الواحة النيوز”، كشفت عن علاقتها بالقراءة وكيف انجذبت لها وأول كتاب اقتنته في حياتها،وكم ساعة تمضيها يوميًا في القراءة ومن هم الكتّاب والأدباء والمثقفين العرب وغير العرب الذين تأثرت بهم وغيرها من الأسئلة، التي أجابت عنها.
كيف انجذبتِ للكتاب وهل هناك أحد من العائلة ساهم بذلك؟
القراءة لم تكن خَيارًا بقدرِ ما كانت قَدرًا، نشأتُ في بيتٍ كانت تتردد أصداء الكتب في زواياه، فوجدتُ نفسي أتنفس الأدب دون أن أدري، وفي ذات يومٍ وبين صفحاتِ دفتري المدرسي في المرحلة الابتدائية، نسجتُ عبارة “أريد أن أصبح شاعرة”، وكأن هذه العبارة كانت تسبقني إلى قدري، وأدركت أنها ستصبح طريقي الأبدي، منذ تلك اللحظة فقط أدركت أني سأصبح شاعرة وتمسكتُ بالكتاب أكثر.
أول كتاب اقتنيتيه ما هو اسمه؟ ومن أين حصلتِ عليه؟
لا أذكره كعنوانٍ في الحقيقة، ولكنهُ كان أشبه بقاربٍ صغيرٍ أبحرتُ على متنه لأسافر نحو عوالمٍ أوسع، كان كتابًا شعرياًّ، وربما لم أفهمه يومها كما يجب، لكنني أدركتُ أنني أمسكتُ بشيءٍ لن أتركه أبداً، في بدايةِ قراءاتي كنتُ أترددُ على كاتب وبائعِ كتبٍ متجولٍ في منطقة القطيف، يمتلكُ بسطةً للكتب، كانت في نظري كجنةٍ صغيرةٍ وسطَ الزحام، وكل من يمر على هذه البسطة من قراءٍ وكتَّابٍ وشعراء، كان مؤمناً أنها ليست مجرد بسطة للكتب فحسب، بل نوعاً من اللقاءات الثقافية.
كتاب أو كتب أثرت فيكِ فكرياً وثقافياً؟
كل كتابٍ قرأته كان يتركُ أثرًا ما، وكما يقول بول فاليري: “مجرد فتحنا لصفحاتِ الكتاب يمكنه أن يمنحَ أفعالنا رؤيا جديدة”، وأنا أؤمن أن الكتبَ ليست مجرد صفحات مليئة بالكلمات، بل عوالمَ تسكننا بمجرد عبورها، بعضُ الكتبِ تمضي بنا بعيدًا لنعود بعدها أشخاصًا لم نكن منهم، كانت هناكَ كتبٌ تقرؤني أكثر مما قرأتها، كتبٌ تسللت بين سطور روحي قبل أن أتنقلَ بين سطورها، أذكر كيف غرقتُ في صفحاتِ كتابِ موسيقى الماء، للشاعرِ البحريني قاسم حداد، من ثم لم أنجو ونجوت في ذات الوقت بروحٍ جديدة، الكتاب الذي قرأته مرارًا، وفي كل مرةٍ كنتُ أشعرُ أنني لم أقرأه بعد، ومثل ذلك الكثير من الكتبِ التي خَلقت في داخلي آفاقاً لم أكن أعلم بوجودها، كتبٌ منحتني ما كنت بحاجةٍ إليه لأكون أكثر مما كنتُ عليه في الماضي.
كتب لا تملِ من قراءتها؟
إن القراءةَ رحلةٌ وجوديةٌ عابرةُ للأزمنة، لحظةُ تأملٍ عميقة، تُشعرنا أننا لسنا وحدنا في هذا الكون، بل هناكَ من يشاركنا أسئلتنا، هواجسنا، وأحلامنا، حيثُ نجدُ صدىً لصوتنا، ولصوتِ كل من مرّوا عبرَ الزمن.
هناك بعضُ الكتبِ التي لا تُقرأ مرةً واحدة، بل ترافقنا كرفيقٍ أبدي، تهبنا دهشةً جديدة في كل قراءة:
– اهْدَأ، هاملت تنشَّق جنون أوفيليا، لأدونيس. حيث يتشابكُ الحبُّ والموت والزمن في نسيجٍ شعريٍّ مدهش، وكأن أدونيس يوصلُ نبوءةَ الرؤيا بأصفى صورها.
– البشارة، لقاسم حداد. نصوصٌ تتقاطعُ فيها الأقدار، تحملُ نبوءتهُ في مهدها الأول.
– موسيقى الكتابة، عن إيقاظ الذاكرة وصقل المرايا، لقاسم حداد. إنها شذراتٌ مقسَّمةٌ إلى ورشةِ الشعرِ وموسيقى الكتابة، حيث يدوِّنُ الشاعر أفكاره وتأملاته حول الشعرِ وعمليةِ الكتابة.
– اللغة والإنسان، لماكس بيكارد. وهو الكتاب الثاني من سلسلة روائع بيكارد الفلسفيةِ والأدبية بعد كتابِ عالمِ الصَّمت، كتاب فلسفيٌّ يجعلك ترى أن اللغةَ ليست مجرد وسيلةٍ للتواصل، بل ككائنٍ حي.
– رواية الشاعر، لمصطفى لطفي المنفلوطي. الروايةُ التي اتسمت بلغتها الشعريةِ الساحرة، إذ قال فيها المنفلوطي إن رواية الشاعر اهداءٌ للشعراء، فبطلها شاعر وأكثر أشخاصها شعراء، وعبرتها أن النفس الشعرية هي أجملُ شيءٍ في العالم.
– العقل الشعري، لخزعل الماجدي. كتابٌ فريدٌ ومختلف، فكريٌّ مرجعيٌّ لكل شاعر، بل إنه العقل الرابع من بعد ما أدرج الفلاسفة العقول الثلاثة للإنسان (الديني، الفلسفي، والعلمي).
كتّاب يستهوونكِ سواءً في فكرهم أو أسلوبهم؟
أعتقدُ أن كل كاتبٍ متفردٌ بأسلوبه، سواءً كان روائيًا، قاصًا، أو شاعرًا، فلكل منهم ملكةٌ تميزه عن غيره، فلا يمكن أن يصل الكاتبُ إلى مستوى الإبداع باتفاقه مع الاخرين، بل من خلال اختلافه، وكما قال الناقد محمد مفتاح: “أن جوهر الإبداع يكمن في التباين وليس في التماثل”.
ولكن إن أردتَ ممن تحضرني أسماؤهم في الوقت الحالي، هنالك الكثير ممن تركوا أثراً عميقًا في نفسي، كالشاعر السوري نزار قباني، الشاعرُ الذي أسرتني لغته، وقصصه مع الشعر في سماوات الحبِّ ومدارج العشق، كذلك الشاعر البحريني قاسم حداد الذي قال مرة إن “الشِّعر هو اختزال العالم”، وهو الاقتباس الذي مكثَ في روحي منذ أول وهلةٍ قراءتهُ فيها، هو الشاعر القارة كما وصفه الشاعر محمد الحرز.
أما أدونيس فهو المستمرُّ والمتجددُ في الشعر، الشاعر الذي لا يقفُ عند شكلٍ أو مضمون، بل يتجاوز ذلك، ولا أنسى الشاعر جاسم الصحيح، أولُ شاعرٍ سعوديٍّ قرأتُ له، وحفظتُ بعضًا من نصوصه الشعرية، كأنني أستعيدُ شيئًا من ذاتي بين كل بيتٍ شعريٍّ وآخر، فهو الشاعرُ الذي ينسج الشعرَ بلغةٍ عذبة.
وفي السرد كذلك هناك الكاتبةُ الكويتية بثينة العيسى، التي لا تبحث عن إجاباتٍ قدر ذهابها لأسئلة أخرى، أما بالنسبة للكتَّاب غير العرب، فهناك الكثير كالكاتب الألماني السويسري ماكس بيكارد الذي ميز بعمقٍ بين الكلمة (اللغة) بمعناها الواسع والشامل، ولغة الضجيج وهي لغة الاستخدام التواصلي المعتاد الخاليةِ من الجوهر، وهناك أيضاً الكاتب الروائي بورخيس الذي لم يكن يبحث عن الكتابة، بل كانت تسكنُ روحَه منذ البداية، إذ كان يقول: “كنت دائمًا أتخيل أنني سأصبح كاتبًا، حتى قبل أن أقوم بتأليف أي كتاب، أي حتى قبل أن أكتب أي شيء إطلاقاً، كنتُ أعرف ذلك.”، وغيرهم الكثير.
أي أنواع الكتب التي تستميلكِ ولماذا؟
هذا السؤال أشبه بنافذةٍ على بحرٍ ممتد، كلَّما ألقيتُ فيه سؤالًا، قذفتني أمواجه العالية نحو كتبٍ جديدةٍ تولد من رحمِ الدهشة، وهنا تذكرتُ مقولةً شهيرةً كان يرددها الفيلسوف الاغريقي طاليس: “كلما زادت الأسـئلة ظهرت الكتب من تلقاء نفسها”، أفضلُّ الكتب التي تجعلني أطرح المزيد من الأسئلة أكثر مما تمنحني الإجابات، لذا أميلُ إلى الكتب الشعرية والفلسفية والدراسات الأدبية والنقدية، لأنها تدخلني إلى عوالمَ لم أكن أظن أنني سأدخلها يومًا.
وكذلك بعض الروايات الواقعية، وفي العامِ الماضي، وجدت نفسي غارقةً في كتابِ نقدٍ سينمائي، فتحَ أمامي أفقاً جديدًا لم أكن أدرك كم كنتُ بحاجته، إذ جعلني أقرأ المزيد في هذا المجال الفني.
كم ساعة تقضيها في القراءة يومياً؟
عمري الآن عشرون عامًا وبضعُ سنين، وجعلتُ من القراءة رفيقًا لا يفارقُ يومي، وأعتقد أنها لا تقيد بوقتٍ معين، بل بدهشةٍ تُقاسُ بمدى عمقها في روحي، وكما قال دانيال بيناك: “إن القراءة الذكية تنقذ الانسان من كل شيء، حتى من نفسه كما أننا نقرأ لواجهة الموت، والوقت الذي نقضيه في القراءة مثل وقت الحب يطيل وقت الحياة”، إن الوقت الذي أقضيه في القراءة من وجهة نظري هو الوقت الوحيد الذي لا يُسرق، بل يتسعُ بي كأنني أحلقُ في فضاءٍ أبدي، فكيف أحصي زمنًا أصبح أبدياً؟
ما هو منهجكِ في القراءة وهل لديكِ عادات أو طقوس تمارسيها معها؟
لا أعرف بالضبط كيف هو منهجي في القراءة، ففي كل مرة أفتح فيها كتابًا، أشعر وكأنني أدخل عالماً جديدًا تتشكلُ فيه المعاني بطريقةٍ غيرِ متوقعة، لا أملكُ طقوسًا ثابتة، فأنا أقرأ في أي وقتٍ وأي مكان، سواءً في زاويةٍ هادئةٍ من مقهى، أو في مكتبة، أو حتى تحتِ ظلِّ شجرة في حديقة، كل ما أحتاجه هو كتاب جيد، وقهوةٌ ربما.. أو ربما لا، فبعض الكتبِ كفيلةٌ بإبقائي مستيقظة.
مكتبتكِ المنزلية مما تتكون نريد نبذة عنها؟
مكتبتي بالرغم من بساطتها، إلا أنها واحةٌ صغيرةٌ جدا من الجمال والحكايات والطمأنينة، تسكنها أرواحُ الشعراءِ والكتَّابِ الذين أستحضرهم في ليالي القراءة الطويلة، مرتبةٌ بعناية، أحيانًا وفق إصداراتِ كل كاتبٍ أو شاعر، وأحيانًا حسب دورِ النشر، وكأنها خارطة تقودني إلى عوالم مختلفة كلما انتقلت رفٍّ لآخر، تضمُّ دواوينَ شعرٍ فصيح، ودراساتٍ أدبيةٍ عميقة، ورواياتٍ تأخذني في سفرٍ لأماكن لم أزرها يومًا، ومجموعاتٍ قصصيةٍ قصيرة، وكتبِ نقدٍ أدبيٍّ وسينمائي كانت تعلِّمني كيف أرى ما وراء النصوص والمَشاهدِ الفنية، و بعض كتب السير الذاتية الأخرى، كذلك تتسلَّقُ مكتبتي نباتاتٌ خضراء، وكأنها تمتدُّ بين الأزمنة، وتحفٌ تمنحُ المكتبةَ سحرًا مختلفًا ورونقًا خاصًا، وفي أعلى الرف، هناك راديو عتيق، إنه رفيقي في بعضِ الليالي، أفتحه بين حينٍ لآخر.
يقول الكاتب توماس دي كيمبيس “بحثتُ عن الطمأنينة في كل مكان، فلم أجدها إلا بالجلوس في ركن منزو وفي يدي كتاب”، في كل ليلةٍ كنتُ أجلسُ بقربِ المكتبة، على أريكتي البيضاء وبين يديَّ كتابٌ وكوبُ قهوة، وكانت المكتبة بدورها تشاركني بصمتها العميق وزواياها التي تروي لي حكايا الأزمنة الماضية والحاضرة.
مكتبات مولت مكتبتكِ المنزلية؟ وهل لديكِ مواقف مع إحدى هذه المكتبات؟
مكتبتي بُنيت عبر الزمن، من كتبٍ اقتنيتها بشغف، وأخرى تسللت إلى مكتبتي كهديةٍ من أصدقاء يعرفونَ كيف تسعدُ الكتبُ قلوبَ الشعراء، كل كتابٍ يشبه عتبةً تأخذني إلى عالم مختلف، إلى انصاتٍ لشاعر، أو حوار مع فيلسوف، أو حتى خصومة لا تنتهي مع كاتب جريء.
كنتُ أتردد كثيرًا على مكتبة بوكيش في منطقة القطيف، تلكَ المكتبةُ الساحرة، التي كانت تجمعُ كل عشاقِ الحرف والفن، كانت جدرانها تروي قصصَ بعض الشخصيات الأدبية والفنية، بصورهم المعلقة كأنهم يراقبون من يأتي إليها بابتسامة خفية، ألبير كامو، مكسيم غوركي، جبران خليل جبران، غابرييل غارثيا ماركيز، قاسم حداد، وغيرهم، وبعض الأحيان كنتُ أمرُّ على مكتبة جرير عند توفير إصداراتٍ جديدة، أجلسُ عند النافذة بضعَ دقائقٍ للقراءة، كم يعمُّ الهدوء والسكينة في ذلك الطابق، أما والدي، فقد كانَ يأخذ بيدي نحوَ بعضِ دورِ النشر المحلية، وأحيانًا كنتُ أقتني الكتب من المواقعِ الإلكترونية مثل بوك تشينو ووراقون لوجود الكتب النادرة فيها.
المكتبات قصصها لا تنتهي أبداً، ولكن تبدأ القصةُ دائمًا بمجردِ الدخولِ لأي مكتبة، منذُ مدةٍ قصيرة كنتُ في مكتبةِ بوكيش برفقة صديقاتي، وعند انتهائنا من جولتنا بين الأرفف، جلسنا نتبادلُ النصوصَ الشعرية، وكأنما كانت المكتبةُ واحةً مليئةً بالجمال، تتدفقُ منها الدهشة فنرتوي منها بالشعر.
ماهي الطرق التي تحبب هذا الجيل في القراءة؟
القراءة بصفتها ليست مجرَّد هواية، بل هي فعل تحرُّري، والجيل الحالي، غارقٌ في دوامة المحتوى السريع، لذلك فقد تراجعت القراءة في حياته، وهناك العديد من الطرق التي بوسعها أن تقلل من هذه المشكلة، مثالاً:
• لتكن الكتبُ جزءًا من المشهد اليومي: الإنسان ابن بيئته، وما يراه بعينه يصبح مألوفًا لديه، حين تحيطُ به الكتبُ في زوايا البيت، تترسخ في حياتهِ كشيءٍ طبيعي.
• القراءة والكتابة وجهان لعملة واحدة: لا يُدرك القارئ جوهرَ النص ما لم يُعبر عنه بقلمه، كتلخيص الكتبِ بأسلوبٍ شخصي، أو حتى كتدوينِ الأفكار التي تثيرها الصفحات، كل ذلك يجعل القارئ أكثر وعيًا.
• الاستماع للحديثِ عن الكتب ومشاركة القراءة: الإنسانُ كائنٌ قصصي بطبعه،
حين يسمع أحدًا يتحدث بحماس عن كتاب، يشعرُ بأن هناك مغامرة تنتظره بين الصفحات.
وهكذا، سيجد الإنسان نفسه يومًا ما، قد أصبح من عشَّاق القراءة، لا لأنها واجب ثقافي، بل لأنها باتت جزءًا من تفاصيل حياته.
كتاب أو كتب بذلتِ المستحيل للحصول عليها؟
لا وجود للمستحيل في قاموسي، فالمعرفة، بطبيعتها، لا تخضع للعوائق، ومع ذلك، هناك كتبٌ كان الوصول إليها ليس يسيراً، كديوان أدونيادا لأدونيس، حيث لم يكن اقتناؤه مجرد عملية شراء، بل كان جسراً ممتداً بفضل صديق، كان هو اليد التي حملت إليَّ هذا الكتاب.
ماذا يمثل الكتاب لكِ؟ وماذا أعطاكِ وماذا أعطيتيه؟
القراءةُ صقلٌ دائمٌ للغة، والعلاقة بين القارئ والكتاب، هي تفاعلٌ ساحر، فكل قارئٍ هو مشروعُ كاتب، وكل كاتبٍ لا بد أن يكون قارئًا مليئًا بالشغف، فالقراءة ليست مجرد استقبالٍ للمعلومات، بل هي إعادةُ خلقٍ لها، إعادة تشكيلٍ وفقَ المخزونِ المعرفيِّ واللغويِّ والثقافي، هي المرآة التي تعكس أفكاره.
الكتاب يعطيني أجنحةً أطير بها، وأنا أمنحه جزءًا مني، من تأملاتي، من قراءتي الخاصة بين السطور، من التفاعل الحيِّ الذي يجعل القراءةَ ليست مجردَ فعلٍ فردي، بل حالةً حواريةً مدهشة.
مهارات ضرورية لمن يريد أن يصبح كاتبا؟
أعتقد أن لكل كاتبٍ منظومته الخاصة من المهارات والأدوات التي تشكِّل هويته الإبداعية، إضافة إلى ذلك، يجب على الكاتب ألا يقف عند لونٍ قرائيٍّ معين، فكما قال الشاعر قاسم حداد: “القراءة هي باب المعرفة، وكما قرأت أكثر، تسنَّى لك اكتشاف جديد الكتابة. إنها زيت آلتك. ليس لك أن تقتصر القراءة على الشعر لكي تكتب شعرًا”، ذلك أن الكتابة لا تُولد من فراغ، بل تنبثق من تراكمات التجارب، في بوتقة الإبداع، والقارئ الذي يحدُّ بصرهُ بلونٍ واحد، كمن يحاول رسم لوحة بألوانٍ محدودة، بينما الكاتب الحقيقي هو من يفتح نوافذ عقله لكل التيارات الفكرية، ليصنع بأسلوبه نهرًا متدفقًا من الجمال والإبداع.
كلمة أخيرة؟
ختامًا، أتوجه بجزيلِ الشكرِ لصحيفةِ الواحة على هذا اللقاء الثري، وأودُّ أن أختم بكلمات توماس ستيرنز إليوت: “الكتبُ هم الأصدقاءُ الأكثرُ هدوءاً واستمراريةً، هم المستشارونَ الأكثرُ قربًا، والمعلمونَ الأكثر صبرًا.”