أوضح المهندس المعماري “أحمد المنديل” بأن المكانية كمفهوم هي ما يميز حيز جغرافي معين، من خصائص وشواهد وثقافة مادية وغير مادية، وبتفاعل الإنسان مع هذه الشواهد ينشأ حسه الاجتماعي والثقافي والفكري، وتمثل المكانية الأحسائية التي تعود شواهد الاستقرار البشري فيها إلى 8000 عام بفضل وفرة المياه وخصوبة الأرض، أحد اللبنات الرئيسية في تكوين ثقافة الإنسان الأحسائي.
العمارة الأحسائية أنتجها الأحسائيين مكانيا من مواردهم البيئية
وعرف “المنديل” خلال محاضرة قدمها بعنوان “بين التوثيق والابتكار: استلهام التراث العمراني – العمارة الأحسائية الإسلامية نموذجًا” في مقر جمعية مهندسات سعوديات، العمارة الأحسائية الإسلامية بأنها العمارة التي أنتجها الأحسائيين مكانيا من مواردهم البيئية، وفق حس ومنظومة فنية وتعبيرية، وتحت ضوابط شرعية إسلامية.
النخلة أحد العناصر المستخدمة في العمارة الأحسائية
وفي العمارة الأحسائية الإسلامية الكثير من المفردات والعناصر الغنية، استلهم فيها المعمار الأحسائي الطبيعة، سواء من استخدامه للمواد الطبيعية المباشرة في بنائه، أو استلهام هذه العناصر فنيا وتجريديا بمعالجات فنية مميزة، والنخلة أحد العناصر الرئيسية المستخدمة في إنشاء الأسقف و الكمر، كما إن الفنان الأحسائي الحرفي أعاد رسم النخلة في مخيلته ورسمها تجريديا وذلك ما نجده في الزخارف والنقوش الجصية الأحسائية.
العمارة الأحسائية بحاجة ماسة إلى التوثيق والابتكار
وتطرق إلى الفرق بين التوثيق والابتكار، فالتوثيق هو فقط عملية تسجيل المعلومات وإثباتها، بينما الابتكار هو عملية توليد أفكار جديدة أو تحسين الأفكار الموجودة لتطبيقها بشكل عملي، مؤكدًا على حاجة العمارة الأحسائية الإسلامية إليهما معا، إذ في ظل توفر المعلومة المثبتة والموثقة، يستطيع المعمار أو الفنان تحويرها وتحويلها إلى تطبيقات واستخدامات جديدة، مبتكرا بذلك وبأسلوب جديد لربما يكون غير مطروق أو مستخدم سابقا.
مراحل استلهام العمارة الأحسائية
ولفت “المنديل” النظر إلى مراحل استلهام العمارة الأحسائية، التي مرت بعدة مراحل من أهمها، البحث، الدراسة، التوثيق، الفهم، ومن خلالها يستطيع الممارس أيا كان معمار أو فنانا إعادة تشكيل نتائج دراسته بشكل يتوافق مع رؤيته، وبطبيعة الحال العمارة الأحسائية غنية بالتعبير الذاتي والشكل و وفرة العناصر والاستخدامات، مما يدعو إلى التأكيد على أهمية الدراسة المستفيضة للتمكن من استلهامها مع الأخذ بالاعتبار المحافظة على قيمها الجمالية والفنية وإن استخدمت بطريقة معاصرة.
وشدد “المنديل” على فهم العمارة الأحسائية قبل تطبيقها، كون من يفهمها يستطيع توليد قيم ذات أسس متينة، كما أن فهمها يمنح القدرة على إعادة ابتكارها وتحويرها، ضمن أنساقها المترابطة بثقافتنا و قيمنا المعاصرة.
العمارة الأحسائية في مبادرة السعودية
وفي إطار مبادرة العمارة السعودية التي أطلقها صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله، وبالتأكيد على الهوية المكانية العمرانية لكافة مناطق المملكة، نحن في حقبة زمنية جديدة ومهمة من تأكيد طابع العمارة الأحسائية الإسلامية كونها إحدى مدارس العمارة المؤثرة في نطاق جغرافيتنا المحلية والإقليمية، وخلال الفترة القريبة القادمة سنجد أثر هذا التوجه المؤثر والمؤكد على ثقافتنا وموروثنا العمراني.
تسخير طابع العمارة الأحسائية في المباني
وأشار إلى كثير من المشاريع الثقافية والأنشطة التجارية التي سخرت طابع العمارة الأحسائية في مبانيها، مما كان له أثر جميل وتفاعل من الزوار أو المستفيدين من تلك المشاريع والأنشطة، منها على سبيل المثال: بيت البيعة الذي تم المحافظة عليه وحاليا أصبح متحف، وآخرون حولوا مساكنهم التراثية إلى نزل فندقية أو مطاعم مميزة بطريقة أحسائية، ولازالت هنالك بعض المشاريع في طور التصميم أو التنفيذ تستلهم العمارة الأحسائية.
أهمية المحافظة على العمارة الأحسائية
وختم “المنديل” حديثه مشددًا على أهمية المحافظة على العمارة الأحسائية، وعمل التنظيمات والتشريعات المكانية الخاصة بها، ثم الدراسات والأبحاث، وإعادة تطبيق هذه العمارة وتسويقها، سواء بالإنتاج الفني أو بإقامة الفعاليات والأنشطة ضمن الشواهد المعمارية الأحسائية.



