هل طفلك موهوب؟
“لسوء الحظ، قد يعتمد ذلك على، من تسأل؟ – وأين تعيش؟، من معدل ذكاء طفلك إلى سلوكياته، تعرف على أمارات الموهبة المختلفة والواعدة والإشكالية للموهبة”.
بقلم: جيل روبنسون– كاتبة مهتمة بالتربية والتعليم
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
17 أغسطس 2021م
المقالة رقم 116 لسنة 2023م
?Is your child gifted
by: Gail Robinson
August 17, 2021
لم تتفاجأ ستاسيا تايلور Stacia Taylor وزوجها مايك، حين وجدا أن طفلتهما كريستين ذات الـ 4 سنوات كانت منجذبة إلى كتب والدها الجامعية القديمة – أو عندما وجداها تحب الحديث مع الكبار أكثر من الحديث مع الأطفال الصغار. كما “كنا نفكر ونقول: “انظروا كم كانت هذه الطفلة ذكية وبارعة حين وحدناها تحب المطالعة في كتب والدها الجامعية التي كان يستخدمها آنذاك، كما و”تذكر السيدة تايلور، أنه “لم يخطر ببالنا واقعًا أن ما كانت تفعله هذه الطفلة كان تصرفًا غير عادي تمامًا”.
لم يكن إلا بعد ثلاث سنوات، عندما كانت ابنتهما في الصف الثاني الإبتدائي، حيث فهمت السيدة تايلور الرسالة. عندما أخذت معلمة الطفلة السيدة تايلور جانبًا وتحدثت معها، وقالت لها: “إن هذا الصف قطعًا ليس الصف المناسب لطفلتها”. لم تفهم السيدة تايلور الرسالة بالضبط، وقالت: “أوه لا، ماهي مشكلتها؟ قالت المعلمة: لا توجد أي مشكلة، لكن ألا يفاجئك سيدة تايلور كشيء يدعو للغرابة أن ابنتك قد شقت طريقها في قراءة كنب رواية هاري بوتر [شخصية خيالية في سلسلة من سبعة كتب للروائية البريطانية رولينغ(1)] بينما زملاؤها وزميلاتها في الصف قد بدأوا للتو قراءة قصص معدة لأطفال في عمر 7 – 10 سنوات تُعرف ب chapter book؟ لا، أجابت تايلور، لا يبدو الأمر غريباً على الإطلاق. تقول: “عندنا، تُعتبر هذه الحالة حالةً طبيعية، وقد تعودنا عليها”.
بصفتك أول مرة تصبحين والدةً لطفل، قد يكون من الصعوبة معرفة ما إذا كان سلوك طفلك سلوكًا طبيعيًا أو مختلفًا بعض الشيء أو تصرفًا استثنائيًا. إذا كان طفلك ذو العامين يحل ألغازًا مصممة لأطفال يكبرونه بثلاث مرات [6 سنوات في هذه الحالة]، أو إذا سأل طفلك ذو الـ 10 سنوات سؤالًا صعبًا مثيرًا للتفكير عن الفيزياء النظرية، فقد تشعر بمزيج من الفخر والرعب. هل طفلك ماتيلدا Matilda العادية(2)، أو نابغة مؤهل؟ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف ستتمكن من تلبية الاحتياجات الخاصة لطفلك الموهوب؟
موهوب: نعم أم لا؟ قد يعتمد ذلك على المكان الذي تعيش فيه.
على الرغم من أننا نرغب في أن يكون كل شخص متميزًا، إلًُا أن البعض يتمتع بقدرات غير عادية – فكرية أو فنية أو اجتماعية أو رياضية. العديد من الخبراء يعتقدون بأن فقط 3% إلى 5% من السكان موهوبون، على الرغم من أن بعض التقديرات تصل إلى 20 %. نسبة أقل بكثير – ربما عُشر الواحد% [أي واحد في الألف]- هم ما يسمونهم الخبراء بـ “الموهوبين الاستثنائيون” [المترجم: هم الذين يسجلون أعلى درجة في معدل الذكاء ويعتبرون في أعلى شريحة ذكاء – 0.1% – في العالم – أي يسجلون معدل ذكاء يبلغ 156 درجة(3)]: ويعتبرون نوابغ نادرين يقرأون نصوصًا معقدة بشكل نهم قبل مرحلة الحضانة أو يعزفون لحن سوناتا الكمان [يقولون أنها أفضل معزوفة(4)] التي من شأنها أن تجعل إسحاق بيرلمان فخوراً [المترجم: اسحاق بيرلمان عازف كمان وقائد أوركسترا إسرائيلي].
للأسف، لا يوجد معيار عالمي لتعريف الموهبة. ولكن هناك معيار وطني مستخدم في قانون جاكوب جاڤيتس(5) Javits (قانون اتحادي صدر في عام 1988 ولكن تم إيقاف تمويله في عام 2011) واعتمده قانون “لا طفل يهمل(6) no child left behind ومختصره NCLB. ومع ذلك، فإن أولياء الأمور الذين يأملون في فهم هذا التعريف بصورة لا لبس فيها سيصابون بخيبة أمل شديدة. على سبيل المثال: فإن تعريفنا الفيدرالي الغامض ينص على: “أن الطالب الموهوب هو أي شخص يبرهن على قدرة عالية على الإنجاز في مجالات مثل القدرات الفكرية أو الإبداعية أو الفنية أو القيادية، أو في مجالات أكاديمية معينة، ويحتاج إلى خدمات وأنشطة لا تتوفر عادةً في المدرسة ولكنها مطلوبة لتطوير تلك القدرات بشكل كامل”.
في مواجهة مثل هذا الغموض في التعريف، صاغت 41 ولاية أمريكية تعريفاتها الخاصة بها على حده. في عام 2006، حوالي 6.7% من طلاب المدارس العامة في الولايات المتحدة قبلوا في برامج المتفوقين في المواد الدراسية gifted والموهبين في المهارات الحرفية talented كالتصميم والموسيقى(7، 8)، وفقًا لوزارة التربية والتعليم الأمريكية، ولكن بحسب المكان الذي يعيش فيه الطالب، تفاوتت نسب هؤلاء الموهوبين [بالنسبة الى عدد السكان] على نطاق واسع، حيث تأرجحت من 16.1% في ماريلاند إلى 0.7% فقط في ماساتشوستس. بالرغم من أن الكثير من هذا التباين يتوقف على ما إذا كانت المدارس تقدم مثل هذه البرامج – مع أن ليس كلها تقدم مثل هذه البرامج – تعكس الأرقام أيضًا الطرق المتباينة التي تعرِّف بها المناطق التعليمية الموهبة. يركز البعض منها فقط على البراعة الأكاديمية [وهي مهارة التعلم الفائقة التي يمكن من خلالها اكتساب المعرفة من خلال الدراسة والممارسة والملاحظة]، بينما يركز البعض الآخر على السمات الأخرى. فلوريدا، على سبيل المثال: تركز على المهارات الفكرية فقط، بينما ولاية أيوا تأخذ في الاعتبار أيضًا القدرات في القيادة والفنون المرئية(9) أو الفنون التعبيرية / الأدائية(10).
تقول دونا ماثيوز Dona Matthews، مؤلفة كتاب “الاستعداد لتغيير وجهة النظر بشأن تعليم الموهوبين Being Smart About Gifted Education“، إن الأمر لا يقتصر على الولايات والمناطق التعليمية فقط. تقول ماثيوز: “لن تجد خبيرين في حقل الموهبة متفقين تمامًا على معنىً واحد للموهبة أو ما يجب على المرء فعله حيالها”. على مدى سنوات طويلة، ظلت الموهبة تعني أنه بمجرد تميز الطالب في اختبار الذكاء، فإنه يستحق أن يتوج بتاج الموهوب. لكن مثل هذا الانحياز لنصف الدماغ الأيسر بدأ يتغير حيث لاحظ اختصاصيو التربية والتعليم بشكل متزايد أن الموهبة تشمل أنواعًا أخرى من الذكاء. هناك أيضًا جدل حول ما إذا كانت الموهبة فطرية أو مكتسبة، أو مزيج من السمتين. البعض يرفض تسمية أي شخص موهوبًا – مفضلين اختيار سلوك أو سمات معينة واضفاء صفة الموهبة عليها (مثلًا: “هي قائدة موهوبة” مقابل “هي موهوبة” فقط).
علامات الموهوبين: ما ينبغي أن تبحث عنه
“أكن دائمًا احترامًا لأولياء الأمور الذين يعرفون مبكرًا جدًا أن أطفالهم موهوبون. إذا “كنا أكثر أولياء الأمور جهلًا بعلامات الموهبة والنبوغ لطفلتنا”، ذلك ما تقوله ستاسيا تايلور Stacia Taylo.
ولكن كان ذلك جينئذ مع ابنتها الأولى، كان على السيدة تايلور أن تتعلم كيف تكتشف قدرات طفلتها – والاحتياجات المتعلقة بهذه القدرات – من البداية. الآن وبعد أن أصبحت أمًا لثلاث فتيات موهوبات، أصبح بإمكانها الإشارة إلى عدد من الأمارات التي كانت خلف ولع كريستين المبكر بالقراءة المتقدمة. جميع بناتها – كريستين وأوليڤيا Olivia وإيما Emma – يتمتعن بما تصفه بقدرة “مذهلة” على استخلاص المعلومات من محيطهن. بناتها يتحدثن عن أشياء تذهلها. “كنت أسأل الواحدة منهن،” كيف عرفت ذلك أصلًا؟”
يذكر الخبراء عددًا من الأمارات التي قد توحي بأن طفلك موهوب، بما في ذلك (ولكن، بالنظر إلى مجموعة التعريفات والإحتمالات الأخرى، بالتأكيد لا تقتصر على) الأمارات التالية:
- يُبدي فضولًا استثنائيًا ويسأل أسئلة
- جيد في حل المسائل
- إعماله لعقله واستدلالاته وفهمه لأفكار الآخرين واقتباسها والاستفادة منها
- له اهتمامات كثيرة
- يقرأ بشغف
- يتعلم بسرعة ويتذكر ما تعلمه
- قدراته على التواصل جيدة مع الناس
- يستمتع بالتحديات الفكرية
ولكن، ماذا لو لاحظت هذه الأمارات الآنفة الذكر ولكن لم يلحظها آخرون – مثل أساتذة الطفل؟ من المحتمل أن يحدث هذا بشكل خاص إذا كان طفلك موهوبًا ويعاني من عجز التعلم(11)– وهي توليفة تُعرف باسم “الاستثنائي مرتين twice exceptional”. يقول ريتش وينفيلد Rich Weinfeld، خبير التربية الخاصة ومؤلف كتاب “الأطفال الأذكياء الذين يعانون من صعوبات في التعلم”، والمدافع عن الأطفال “الاستثنائيين مرتين”، المدارس قد ترى العجز فقط، مما يجعلك تُصر على زعمك بأن طفلك موهوب أيضًا.
الأمارات المبكرة على الموهبة
قد تلاحظ بعض المؤشرات حتى قبل ما لاحظتها السيدة تايلور- حين لا يزال طفلك صغيرًا. تقدم جوان فرانكلين سموتني Joan Franklin Smutny، مؤسس ومديرة مركز الموهوبين في غلينفيو Glenview، إلينوي، عددًا من النصائح التي قد يكون طفل ما قبل المدرسة موهوبًا، ومنها إذا كان:
- يستمر في الاستماع لقراءة كتاب حتى لو كان كتابًا طويلًا ويطلب الاستماع إليه مرة أخرى
- يُظهر اهتمامًا مُبكرًا بالأبجدية
- يتذكر أحداثًا مُعقدة/ مُركبة
- يُنظم الأشياء أو يفرزها
حتى أن هناك من الخبراء من يقترح أنه يمكنك ملاحظة أمارات على الموهبة المبكرة عند الرضع. خذ، على سبيل المثال: هذا المقال بعنوان “هل طفلي موهوب؟” من موقع “ماذا تتوقع”، الذين يلاحظون كل شيء من “كونه فطنًا بشكل خاص” إلى “معاناته من صعوبة الخلود إلى النوم” كأمارة على أن هذا الطفل في طريقه إلى الدراسة في جامعة هارفارد [المترجم: استعارة دالة على حدة ذكائه].
ما إذا كان طفلك سينمو ليكون خارقًا للطبيعة قبل آوانه قد لا يكون واضحًا إلَّا بعد عدة سنوات، في حين أنه من الجيد أن تشجع طفلك الصغير، إلا أن هناك بعض القيود، خاصة لطفل في مرحلة ما قبل المدرسة. وجد الباحثون فائدة قليلة أو معدومة فيما يسمى بأقراص DVD التعليمية والألعاب التي تُسوَق لأولياء أمور الأطفال الموهوبين، ويشكك معظم الخبراء في قيمة مرحلة ما قبل المدرسة ذات التوجه الأكاديمي.
هل هي موهبة أم مجرد صعوبات تعلم؟
إليك واحدة من أصعب قطع أحجية الموهوبين: السلوك الإشكالي يمكن أن يوحي أيضًا بالموهبة. الاهتمام المفرط بموضوع معين – الانبهار بطريقة عمل غسالة الملابس، على سبيل المثال: قد يدفع أحد الوالدين إلى القلق ما إذا كان طفله مصابًا بالتوحد [المترجم: علامة معروفة لدى المصابين بالتوحد بالسلوك المقيد حيث ينصب اهتمامهم على شيء واحد فقط]- ولكنها قد تكون أيضًا أمارة على الموهبة أو كليهما.
أو قُل أن طفلك ذو حساسية مفرطة ويعاني من عدم تحمل مزمن لشارات قميصه. هل هي أمارة علي اضطراب التكامل الحسي [سمة من سمات التوحد] أم موهبة … أم كلاهما؟ يفترض الطبيب النفسي وباحث علم النفس البولندي كازيميرز دابروفسكي Kazimierz Dabrowski أن نفس الحساسية التي تسمح للموهوبين باستخلاص المعلومات من المحيط حولهم يمكن أن تجعلهم حساسين بإفراط بطرق أخرى (بدنيًا وعاطفيًا) أيضًا.
بالطبع، ليس كل الأطفال الحساسين أو المهووسين أطفالًا موهوبين. وخلافًا للأسطورة الشائعة، ليس كل الأطفال الجيدون في المدرسة أو يحبون الكتب هم أطفال موهوبون أيضًا.
إذاً: كيف على ولي الأمر أن يعرف ما إذا ما كان طفله موهوب؟ ابذل قصارى جهدك لفصل الأمور الموضوعية عن الأمور الشخصية: إذا كُنت تعتقد أن ابنك موهوب، لكن الناس ينظرون إليك بغرابة بعض الشيء حين تدَّعي ذلك، فكر في احتمال أن يكون حبك لطفلك قد شوش على رأيك فيه. ومع ذلك، ينصح الخبراء أنه في حالة عدم وجود أي إرشادات واضحة، فعلى أولياء الأمور أن يثقوا بحدسهم.
(انتبه جيدًا لطفلك. استمع عندما يُشير الأصدقاء وأفراد العائلة إلى قدرات طفلك الخاصة، وثق دائمًا في حدسك كوالد/ كوالدة لطفلك).
مصادر من داخل وخارج النص
1- https://ar.wikipedia.org/wiki/هاري_بوتر
2- “رواية ماتيلدا تتحدث عن فتاة تبلغ من العمر 6 سنوات وشغوفة بقراءة الكتب، وبعد ذلك، تكتسب قُوى عجيبة تمكنها من تحريك الأشياء دون لمسها، وتستمر الأحداث بالتصاعد حول عمل الأب، ومديرة المدرسة وقسوتها مع الطلاب، وهُنا تبدأ قوتها بالظهور، وهي قوة تحريك الأشياء فقط بعينيها.” مقتبس من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/ماتيلدا_(رواية)
3- https://www.gigacalculator.com/calculators/iq-percentile-calculator.php
4- https://www.chosic.com/ar/كيف-ألهم-الشيطان-تارتيني-أفضل-أعماله-ا/
6- https://alwatan.kuwait.tt/articledetails.aspx?id=171888
8- https://nces.ed.gov/programs/digest/d10/tables/dt10_049.asp
9- https://ar.wikipedia.org/wiki/فنون_مرئية
10- https://ar.wikipedia.org/wiki/فنون_تعبيرية
11- “عجز التعلم learning disability: هو مصطلح عام يصف الصعوبات التي تواجه الأطفال ضمن عملية التعلم، وبعض العمليات المتصلة به كالفهم أو التفكير أو الإدراك أو الانتباه أو القراءة «عسر القراءة»، أو الكتابة، أو التهجي، أو النطق، أو إجراء العمليات الحسابية من جمع وطرح وضرب وقسمة أو في المهارات المتصلة بكل من العمليات السابقة.” مقتبس ببعض التصرف من نص ورد على هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/عجز_التعلم
12- https://www.whattoexpect.com/first-year/week-38/baby-gifted.aspx
المصدر الرئيس
https://www.greatschools.org/gk/articles/gifted-and-talented-children/