أفاد مخرج فيلم “جمع مذكر تالف” ماجد السيهاتي لـ “الواحة نيوز” بأن فكرة الفيلم ولدت بعد حضوره لعدة أفلام تتحدث عن مظلومية المرأة في أحد المهرجانات، ومن باب السخرية تم طرح فكرة مظلومية الرجل وتبلورت الفكرة إلى أن أصبحت مشروعاً للصناعة.
وأضاف “السيهاتي” الذي كان يتحدث خلال جلسة شاي في نادي السينما التابع لجمعية الثقافة والفنون بالأحساء، بأن الفيلم بشكل عام واجه ردود فعل من الطرفين، فالرجال ترى بأنه نسوي، بينما ترى النساء أنه ذكوري، بالرغم أنه ما بين ذلك.
وأشار إلى تأثير السينما المباشر على الحياة، وأهمية دورها التنويري في تنمية الوعي الثقافي والاجتماعي، وأنها حصة تأمل للحياة وزواياها، وجوها العام يصنع صفة البساطة والعمق في الأشخاص.
من جانبه اوضح “عبدالله الجفال” احد ممثلي الفيلم لـ “الواحة نيوز“، بأنه في كثير من الأحيان، الفنان يدمج ما بين الواقع والخيال، وكذلك الفنون الدرامية الساخرة او الكوميديا السوداء تستهدف الشطح بما يخالف الواقع والعلوم ومنطق الأحداث، وبالتالي علينا أن نستشف من خلال مشاهدتنا لأي فيلم أو مسرحية أنها ليست حبيسة الواقع بكل تجلياته، ولا حبيسة العلوم بكل تجلياتها في التفسير للمشهد الفني أيا كانت ظروف هذا الفن، سواء في المسرح أو السينما أو التلفزيون.
وأضاف: أحيانا نشطح بشخصيات ليس ملمين بكامل معالمها، قد تأتي من خلال دمج شخصيات متعددة من حيث الصفات في شخصية واحدة من صنع المؤلف، ولربما غادرت التفسير النفسي والاجتماعي لشخصية واحدة متفق على مواصفاتها النفسية والاجتماعية.
وأردف: في حالة تعرض الشخص إلى حادث مروري، كيف ستكون طبيعة مرض شلل يده، هل ستكون خشنة أو ناعمة، كل هذه تفسيرات تعتمد على الجانب الفسيولوجي الذي يتحول فيه الإنسان، في حال أن الفن غير معني بذلك، ويكفي أن تكون هناك دلالة رمزية على مرور الشخص بهذه الحالة، وليس من الضرورة الخوض في تفاصيل الحالة المرضية.
وأستشهد بعالم النفس النمساوي “سيغموند فرويد”، حينما قال: حتى الحوارات البسيطة تنم عن صراعات عميقة داخل النفس البشرية، وعلى هذا الأساس يرى “الجفال” بأن الفن مغاير ويتعمد عدم الغوص عميقاً في مثل هذه الحالات، حتى لا يتسبب في صراع قيم فكرية ويغيب الفن ويحضر العلم الذي يحاكي الواقع كما هو، وفي حال لجأ الكاتب إلى تعميق الفكرة، قد يخلق حالة من صراع أفكار عميقة جداً لدى المتابع، بعيدة عن الدراما.
ومن جانب أخر، ترى أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك فيصل الدكتورة “يسرى الهذيلي” بأن السؤال عن مفهوم الحركة النسوية ليس مهما في مقابل سؤال لماذا الحركة النسوية ؟
خاصة إذا ما لبست هذه الحركة لبوس الصراع الجندري وصراع الذكورة والأنوثة، والتي لم تعد ذات بال لولا إن أعيد تشكيل هذه المسألة في سياق إعادة توزيع الأدوار والحقوق والواجبات في مجتمعات ذكورية لم تعد كذلك بفعل انزياحها عن مركزيتها، وتصاعد أصوات نسوية ضمن سياقات تاريخية، بدءًا من فترة الحداثة وما بعد الحداثة التي سوقت إلى حد ما إلى فكرة تجاوز الاختلاف، وفكرة الإنسان الكوني الذي يتجاوز مسألة الجندر إلى مسألة الأحقية التي يفرضها دور الفرد والفاعل ذكراً كان أو أنثى.
ونفت الأستاذ المساعد في علم الاجتماع بجامعة الملك فيصل الدكتورة “سهى العتيبي” بأن فيلم “جمع مذكر تالف” تطرق إلى النسوية كموضوع أساسي أو كفكرة أولى للفيلم، بل تطرق إلى طبيعة الصراع الدائر بين المرأة والرجل، مؤكدة بأن الصراع الدائر بينهم في مجتمعنا تم تحويره، ووضع تحت تصنيف النسوية، ولا يوجد علاقة بين الصراع القائم بين المرأة والرجل والنسوية كمفهوم وتاريخ.
وأضافت: تبادل الأدوار الناتج عن الحياة العصرية الحديثة وكيفية تعاطي الرجل معه أخذ طابع المظلومية، عاكساً صورة لشعور المرأة في مراحل الحياة المتقدمة، حينما كانت تتحمل شيء من الظلم، والآن حينما تغيرت المعادلة ومال الظلم إلى جانب الرجل أولد شيء من الامتعاض لديه، وذلك إيمانا منه بأن الظلم لا يفترض أن يقع عليه، بينما يتقبل تكبد المرأة بعض الظلم لأنها طيلة مراحل التاريخ كانت تتعرض إلى الظلم.
وأردفت الدكتورة “العتيبي” بأن حالة الظلم لم تنقلب رأساً على عقب، ولكننا نلمس شيء من التغير الاجتماعي، ومن الطبيعي بأن البشر لا تفهم ذلك التغير بنفس الدرجة، ولكني أصفه بالتغير الاجتماعي الطبيعي، كون المجتمع في طور التغير من جميع النواحي.
ومن الناحية الفنية ترى أسلوب الإضاءة فيه شيئا من الإزعاج، وكان بإمكان المخرج تأدية نفس الفكرة بدون استخدام طريقة التصوير المزعجة في بعض مشاهد الفيلم.
وأكدت “الدكتورة “العتيبي” بأن الفيلم ليس من الخيال، وهناك نماذج من الواقع أقوى، فبعض حوادث العنف بين المرأة والرجل وصلت بهم إلى القتل، وترى بأن الفيلم نقل شيء من الواقع بإضافة لمسات فنية وأسلوب المبالغة وتبادل الأدوار.