قدمت الدكتورة رشا الزمامي ورقة علمية بعنوان “الرسوم المتحركة: متعة تشكّل شخصية الطفل”، تناولت خلالها أثر الرسوم المتحركة في بناء شخصية الطفل، ودور الأسرة في الاختيار والمرافقة والتوجيه.
الرسوم المتحركة تُشكِّل نفسية الطفل
وأوضحت الدكتورة رشا أنه في زمن أصبحت فيه الشاشة شريكًا يوميًا للطفل، لم تعد الرسوم المتحركة مجرد مادة للضحك والتسلية، بل تحولت إلى أداة تربوية ونفسية مؤثرة تُسهم في تشكيل شخصية الصغير وبناء عالمه الداخلي، فبين الألوان الزاهية، والحركة السريعة، والقصص المدهشة؛ تُغرس قيم، وتُصنع مواقف، وتتكون تصورات قد ترافق الطفل لسنوات طويلة.
رسائل تربوية مغلَّفة بالخيال
وأضافت يشدّ الأطفال إلى الرسوم المتحركة عالمها الحافل بالمغامرات والشخصيات المحببة، حيث تختلط الخيالات بالواقع بطريقة تُبسط المعلومات وتُقدّم القيم بطرح لطيف وجاذب. فمسلسل واحد قد يزرع في الطفل قيمة الصداقة أو الشجاعة، بينما آخر قد يحفز خياله ويعزز قدرته على التفكير واكتشاف العالم.
وفي الوقت نفسه، قد تُمرّر بعض الأعمال رسائل غير مناسبة – عنف، سلوكيات سلبية، أو صور نمطية – مما يجعل دور الأسرة والمربين محوريًا في اختيار المحتوى ومناقشة رسائله مع الطفل.
ألوان وحركة وشخصيات تحاكي أحلام الطفل وتُحفّز نموه النفسي
وتضمن بحث الدكتورة رشا عشق الأطفال للألوان والحركة والصور المتحركة، ما يجعل الرسوم المتحركة وسيلة طبيعية وفعالة لتنمية مهاراتهم الحسية واللغوية والإبداعية، مشيرة بأن الدراسات النفسية تؤكد أن الأعمال الموجّهة للأطفال، خصوصًا التي تعتمد على قصص عميقة وشخصيات محببة، تعزز خيال الطفل وقدراته على التعبير، مما يسهم مباشرة في بناء شخصيته ونموه النفسي والاجتماعي من خلال التعلم عبر المتعة.
البناء النفسي.. كيف يتشكل؟
وقالت: يشمل البناء النفسي للطفل مجموعة من السمات العقلية والعاطفية والاجتماعية التي تُكوّن شخصيته وتُمكّنه من التكيف مع نفسه والآخرين، يسمّيها علماء النفس «الثلاثية النفسية للتكوين»، وتشمل الأبعاد الانفعالي والمعرفي والاجتماعي.
وتتفاعل هذه الأبعاد لتشكيل سلوك الطفل، الذي يكون دائمًا مسبّبًا، موجّهًا، ومدفوعًا، كما ويُشير خبراء السلوك إلى أن الرسوم المتحركة تلعب دورًا مؤثرًا في هذه الأبعاد الثلاثة، إذ تمنح الطفل فرصة لتقمّص الشخصيات، وتقليد سلوكياتها، واعتناق القيم التي تمثلها، خاصة خلال سنوات التكوين المبكر، ما يجعلها وسيلة فعالة في تشكيل شخصيته ونموه النفسي والاجتماعي.
حتى الملابس.. لغة بصرية تربّي الطفل
مما لا شك فيه لكل شخصية تصميم مدروس في الرسوم المتحركة، من الألوان إلى الملابس، وهو تصميم يحمل رموزًا ثقافية ورسائل نفسية تؤثر في الطفل وتبني علاقته بالشخصية. فالطفل قد يقلّد بطله المفضل، وينسجم مع صفاته، وسلوكه، وحتى طريقته في التعبير.
التعلم التفاعلي.. حين يصبح الطفل جزءًا من القصة
وبطبيعة الحال التعلم التفاعلي يجعل الطفل مشاركًا فعالًا في العملية التعليمية، حيث يصبح جزءًا من القصة ويتفاعل مع الأحداث، ما يعزز التفكير النقدي وحل المشكلات ويطور المهارات اللغوية. كما تلعب الأسرة دورًا مهمًا في تحويل المشاهدة إلى نقاش، لتعزيز الفهم والاستفادة من القيم المطروحة.
الرسوم المتحركة ليست مجرد ترفيه
وأكدت الدكتورة رشا أن الرسوم المتحركة ليست مجرد ترفيه، بل منظومة تأثير متكاملة تُسهم في بناء شخصية الطفل وتوجيه سلوكه، وتوسيع مداركه، ومع تزايد حضورها في عالم الطفل اليوم، يصبح دور الأسرة أكبر من أي وقت مضى في الاختيار والمرافقة والتوجيه، لتصبح هذه الأعمال جسرًا نحو الإبداع والنمو السليم، لا بابًا للمخاطر.