أكد الفنان التشكيلي والباحث في التراث الثقافي والفنون الشعبية “أحمد العبدالنبي” أن الفينيقيين هم أول من أبتكر أبجدية الخطوط، وأنهم كانوا يقطنون الأحساء، قبل رحيلهم إلى الساحل الشرقي من البحر الأبيض المتوسط لكونها بيئة تتماشى ومطابقة للبيئة التي ألفوها في الأحساء، لذا تنسب أبجدية الحروف إلى الأحساء من خلال الفينيقيين.
وأضاف “العبدالنبي” خلال محاضرة قدمها بعنوان “جماليات الحرف العربي”، أن الخط العربي مر بمراحل وتطورات عديدة، وهو جزء من تطور وتألق الحضارة الإسلامية، وحسب تأكيد علماء الخط والباحثين فأن الخط العربي بدء بالكوفي، ومنه انبثقت جميع أنواع الخطوط.
ولفت النظر إلى علم الجرافولوجي، وهو علم تحليل الشخصية من خلال خط اليد، وأنه يكشف معظم السمات الجسمية والصفات النفسية للكاتب من خلال خط يده، ومع تطور استخدام التقنية اختضر العلماء تحيل الشخصية بواسطة التوقيع.
وأردف: وعلى جانب التربية، فالكتابة بخط اليد تكشف عن سلوك الأطفال وتساعد في عملية تعديل سلوكهم السلبي، كما أن انسجام وانتظام وجمال خط الطفل عامل إيجابي مؤثر في بناء شخصيته.
ومن جانبه، لفت رئيس دار الخط العربي بالأحساء “عباس بومجداد” النظر إلى تراجع الكتابة بشكل عام أكثر منها الخط، فالدرجة الثانية من الكتابة هو الخط الجميل بقلم الكاتب، وإن العالم بأجمعه يعاني من هذا التراجع، متأثرين بالحياة الحديثة وتغيرات القرن العشرين والاعتماد الكلي على التقنية، وابتعاد الجيل الجديد عن استخدام القلم فضلا عن الكتابة اليدوية، حتى وصل بنا الحال إلى جيل لا يستطيع قراءة ما كتبه.
وأضاف بومجداد: من خلال مبادرات وإن كانت شخصية، نحاول التواصل مع إدارة التعليم لإقامة دورات تدريبية على الكتابة اليدوية للمعلمين، وذلك لبث حبها في نفوس الطلاب، والإشادة بالطلبة المميزين في الكتابة اليدوية وتشجيعهم لممارسة الكتابة على السبورة أمام زملائهم.
كما نقدم دورات في تحسين الكتابة بصورة مستمرة لمن يرغب لتحسين كتابته اليدوية من الطلاب والكبار، ووجدنا إقبال لكنه أقل من المأمول.
وأشار الخطاط والباحث في المصاحف الإسلامية والمشرف التربوي في تعليم الأحساء “صالح النينياء” إلى تحديات تواجه التعليم في ظل تطور الحياة وكثرة المناهج، منها الالتزام الطالب على احتواء كمية كبيرة من المعلومات في فترات معينة، وكما للتقنية الحديثة إيجابيات كثيرة، أيضا لها سلبيات منها تدني مهارات الكتابة اليدوية.
وقال: المعروف أن الخط العربي فن بصري ينمو بالتدريب، وكلما تدرب الطالب كلما تحسن خط يده، لذلك في السابق كانوا التلاميذ يكتبون نصوص أو سور قرآنية كواجب منزلي، مناشدًا باستخدام التقنية التي ظهرت بشكل واسع في كل مجال لتطوير مهارات الكاتبة اليدوية، مؤكدًا على تكثيف حصص التدريب على كتابة الخط العربي، وأهمية دور الأسرة بالتزامن مع المدرسة في هذا الجانب لتنمية كتابة أبنائها اليدوية.
وفي ذات السياق، قال مؤلف مسلسل “خيوط المعازيب” حسن العبدي إنه ليس بالأمر السهل حاليًا إيجاد خطاط، وفي العمل الفني الدرامي إن لم يكن الخط جميل في المواقع والأسماء فلن يخرج العمل الفني بشكل جميل، وهذا يدل على أهمية الخط في كل عمل فني.
وأضاف: وتيرة الزمن المتسارعة حتمت علينا استخدام التقنية المتطورة، وأسهمت تلك التقنية بشكل كبير في تشكيل حياتنا، حتى أصبح من غير المقبول في هذا الزمان كتابة نص مسلسل من ثلاثين حلقة بخط اليد، التطور التكنولوجي غزى السوق، وباتت جميع معاملتنا اليومية تنجز بواسطة التقنية، بما فيها كتابة النصوص.