أعراسُ الوِصال

التعليقات: 0
أعراسُ الوِصال
https://wahhnews.com/?p=15761
أعراسُ الوِصال
محمد إياد العكاري

ما أبهى الشروقَ والغروبَ وتعاقبَ الليل والنهار على النَّخيل إذ للشمس والقمر في الواحات سحرٌ وروعةٌ منقطعة النَّظير!!!،كما أنَّ لهما وحيٌ وإلهام وسرٌ عجيب !!، أي والله تجعلك تُحلِّق في فضاءات الجمال مع أشعة الشمس الذهبية بحالتيها في احمرارها واشتدادها وتألُّقها أثناء الشُّروق، وفي اصفرارها وانطفائها وانحسارها قبل وأثناء الغروب ،بله مع دخول الليل ووقتي الشَّفق والغَسق بعد الغروب ، لتراك تنظر باندهاش في جميع المشاهد واللوحات الطبيعية الساحرة بخاصةٍ مع روعة مشهد الشروق التي تُبهج النَّخيل فينتعش ويتألَّق لتخلع أستار الليل عنه بملامستها إيَّاه بإشعاعاتها الذهبية ومعانقتها له بأطيافها المتلألئة بهيام وشوق!! بل وسلامها عليه بكل ودٍّ وحبٍّ ، لتنعكس اشعاعاتها الذهبية على خضرة النخيل بأجمل منظر، وأبهج مظهر،خصوصاً مع ارتفاع الشمس وإشراقات الصَّباح الأولى وماأبهى النخيل في رأد الضُّحى لتراهُ كبساطٍ أخضرٍ مخمليٍ مُشرقٍ ممتد ٍ على مرأى البصر سيما إذا كانت رؤياك من علٍ لترى مشاهد ساحرة !!ومناظر باهرة !! غاية في الرَّوعة والجمال !!، لتتذوق الجمال بعينيك ، وتبصره بناظريك، وتشهد على عظمة الوجود الدَّالَّة على عظمة الخالق بقلبك وفؤادك .. وبصيرتك وأنظارك لِتُسَبِّح المبدع الخلاق بروحك وفكرك ،وتُمَجَّدَهُ ببيانك وجَنانك لتقول من أعماقك وبكلِّ خليةٍ من خلايا جسدك سبحانك ياالله.. سبحانك ماأعظمك وتبارك الله أحسن الخالقين.
أجل مشاهد غاية في الروعة والجمال للنَّخيل عند الشًّروق وماقبله وبعده وابتداء الضُّحى ورأده، لترى اشعاعاتها الباهرة الذهبية على الواحة ، وتبصر رونقها الساحر الجذاب وقد ذكرت ذلك في قصيدةٍ لي وهاكم بعضاً من أبياتها:
فضوءُ الشَّمسِ ماأبهاهُ لمَّا=يَضُمُّ السَّعْفَ يَنْفَسِحُ المَجَالُ
بإشــراقــاتهــــا تبــــــــــــــدو اللآلي = بإشعـــاعــاتِهـــا ارْتَحَـــــلَ الـــــــزَّوالُ
تدلَّى الدُّرُّ والياقوتُ منها = ومــــــــــاأبــــــــهــــــــــــــاهُ أطـــواقــــــــاً تُـــــنَــــــــــــــالُ
خيوط التِّـــــــبرِ لمَّا عانقتها = تبدَّى الحُسْنُ والرِّزقُ الحَلالُ
هُنا طابَ المقامُ وطابَ قَوْمٌ = وطابَ العَيشُ بل طابَ احْتِفالُ
اجل والله كل شيءٍ يطيب بالواحات، ويسعد برؤيتها، ومشاهدة النَّخيل
في إبداعات الشروق والغروب مع الشمس والقمر وتغير لوحاتها ومناظرها ولقياها لترى في الواحات قاماتٍ باسقةً ،محمَّلةً بالخير، مكتنزةً بالدُّر، مشرقةً بالعطاء، مُحيَّاها البِشر، متألِّقةً بأجمل حُلَّةٍ خضرةً وبهاءً، مقبلةً مُحمَّلةً رزقاً وحلالا ثمَّ لتستمتع برؤية سعفها المتثاقل من حمله ورُطبه ، واكتنازه وثمره ُ وبما يحمله أيضاً من لآلئ دُرِّية بطعم العَسَل المُذاب بمذاقه والشَّهد المصفَّى بطعمه لأقول:
لِتُشرِقَ في النَّخيلِ عُقودُ دُرٍ= كما العَسَلُ المُذابُ هيَ الغِلالُ
قلائِدُ كالجُمانِ بها تراءتْ= وزان الحُسْنَ هاماتٌ طِوالُ
ويالَقُدودها تهوى المَعَالي= وتَشْمَخُ مِثلَمَا الشُّمُّ الجِبَالُ
أجل وهكذا ستبقى قاماتُها باسقاتٍ شامخاتٍ كشموخ أهل النَّجدةِ والمروءة من العرب الأقحاح عطاءً وعلاءً ، عزَّةً وشهامة كما هوحال الباسقات ذاتِ الطَّلعِ النَّضيد إذ أنَّ النخلة تمثل الأصالة والعراقة والشموخ والعلاء بلى والله هي رمز الخير والعلاء وتجسد الخير والعطاء وهي دواماً رمز الأصالة والجمال
أجل ثمَّ يالروعة أشعة الشمس الذَّهبية إذا لامست أكفُّها عذوق الرُّطب المكتنزة المختلفة الأشكال والألوان سواءً الصفراء الذهبية أم الحمراء القرمزية أم صاحبة العَمَامة الشيشية أم الهلالية المذهبة أم أم أنواع غاية في الجمال والذَّوق، في الطعم والشكل ، في الحجم واللون ،في المسمى والنكهة لتلقى الدُّرِّ والياقوت على شكل فصوص متجمعة على عذوق النَّخيل تتهادى عليه كأنَّها حِلِيٌ وعُقُودُ جُمان من أجمل ماتُزَيَّنُ به النِّساء جيدها ونحورها.
لأقول عن هجر في قصيدة لي قبل ثمانية عشرة عاماً:
ياجمال الأحساءِ يالرؤاها =صاغَهَا اللهُ تُحْفَةً للعبادِ
مَعْلَمُ الخيرِ،والنَّخيلُ حنونٌ=سعفُهُ ماسَ عطفُهُ كالمِهادِ
أُنْسُهُ غامرٌ، وظِلٌ ظليلٌ=ونسيمٌ مداعبٌ بابترادِ
فكأنَّ الصَّبا تحنُّ إليها= بربيعٍ مُضَوِّعٌ وارتيادِ
أوتراها للعاشقينَ ملاذاً= كُنهها السِّحرُ،جذبُها بازديادِ
فهواها عُذوقُهُ مُزهِراتٌ=نفحُهُ الطِّيبُ والشَّذى والوِدادِ
وهوانا بِحُبِّها أُغنياتٌ= نبضُهُ الشَّوقُ والجوى للتِّلادِ
دفْقُهُ الودُّ، والشُّعورُ وفاءٌ= وحنينٌ على مدى الآمادِ
وأمام هذا الجمال الباهر والألق الساحر للواحة يراه كل من حولها فينبهر بعذوقها وسعفها ،بغلالها وظلِّها، بليلها ونهارها ، بحرِّها وبردها لترى كل من حولها يحمد الله على نعمائه ،ويشكرهُ على سابغ فضله وعطائه.
أجل الكل البشر ،والشجر، والطير والنَّهَر ،لتستمتع وتستمع لجوقةٍ موسيقية وأوركسترا غنائية شخوصها الطيور والبلابل، وسُمَّارُها الكناري والعنادل، ليعزفوا لها أناشيد الحب بأروع جوقةٍ موسيقية و أسمى ابتهال لله ، لترى الواحة كأنَّها مع طيورهافي مباراةٍ وسجال ،وكلَّ من فيها في شكرٍ وابتهال لله في عرس القطاف والعطاء لأقول في قصيدةٍ لي عن هذه الجوقة الساحرة وهذه الأوركسترا الغنائية:
وتغريدُ البلابلِ أيُّ شدوٍ!؟= بقيثاراتها طابَ النَّوِالُ..
وغنَّى الطَّيرُ …أطْرَبَهُ كَنَارٌ= وهاجَ العندليبُ بدا السِّجَالُ
كأَنَّ بها تسابيحاً تَهادى= لربِّ الكونِ يتبعُهُ ابْتِهالُ
أما حال الليل مع هجر ولقيا النَّخيل مع القمرفإنَّ لذلك شجوناً وشؤوناً وعوالم أخرى ، وألق وإبهار منقطع النَّظير، سيَّما إذا كان القمرُ بدراً إذ تراه ينظر بكلِّ محياه للواحة متملِّياً ممتِّعاً أنظاره لترى صفحة وجهه مشرقةً متألِّقة من هذا العرس المُبهج في الواحة لتلتفت إليه مرةً أخرى ليبدو فَرِحاً مسروراً وكأنما يسامرها وتُسامره، ويُداعبُها وتُغازله الله الله ماأجمل وأبهى لياليها لذلك كانت المثل ياليالي هجر ونهار استانبول
وقد سكبت المعنى مُتحدِّثاً عن هذا الألق والسَّناء في ليلةٍ بدرية في هَجَر لأقول:
ومجلِسُنا بقلبِ النَّخْلِ يسمو= بإبداعِ المنـاظرِ في العُيُونِ
وأَلْمَحُ من خلالِ النَّخْلِ بَدْراً = بألـوانٍ تُشَعْشِعُ كالُّلجيْنِ
يَطُلُّ كأنَّمــا يهدي صَدَاقَاً = ليَخْطُبَ ودَّها بين الغُصُـونِ
فتعلو نسمةٌ,تنسابُ أُخْرَى=تميسُ قُلُوبُناتحت السَّفِينِ
أجل البدرُ أطلَّ من عليائه ليخطبَ ودَّ النخيل ويبادلها مشاعره !!وقلوبنا بهذا البهاء ماست ، ومشاعرنا بهذا السَّناء طارت، وأحاسيسنا بهذا الألق واللقاء احتفت لتقول:
وماأسناهُ نورُ البَدْرِ لمَّا = تُعانِقُهُ النَّخيلُ لهُ امتثالُ
فيسكنُ إنْ تَغَشَّاها وِصالاً = لتغْفُوَ مِثْلَما يَغْفو الغَزَالُ
هي الأحْساءُ فاتنةُ الليالي = وأجْمَلُ واحَةٍ وهيَ الجمالُ
وبحق فإنَّ أنوار القمر اللجينية وإشعاعاته الفضية لها سحرٌ وروعة ، وسكونٌ وفرحة ، ومتعة وبهجةٌ مع سكون الليل، وانسدالِ ستره وإغماض عيونه لتراه يرسل هدوءه وسكينته إليها وكأنَّ النَّخيل أسراب قطا وغزلانٌ حييَّة يناجيها القمر ويناغيها لتنام على سره وسحره لأقول متابعاً في هذا السناء والبهاء:
فيالُقيا تُجَمِّلُها الظَّلالُ = ويُشْرِقُ في معالمها الجمالُ
وتبتسمُ النُّجومُ إذا رَأتْها= وتَبْتَهِجُ الكواكِبُ والهِلالُ
وتكتحِلُ البُدُورُ بليْلِ هَجْرٍ = فماأبْهاهُ فيه الاعتِدالُ
أي والله تكتحل عيون البدور كل العيون الكونية والبشرية بلقياها وبروعة مناظرها ، وسحر ليل واحتها،أجل تكتحل العيون بليل هَجَر لأختتم قولي بأنَّ واحة هَجَر هي ديار مروءةٍ وجمال ، و أرض مكرماتٍ ووصال ،ودار أنسٍ و سعادة ،وبساط أريحيةٍ و بهجة ، وأمسيات سَمَرٍ وذوقٍ رفيع ، ومجالس علمٍ وثقافةٍ ومعرفة ،وبساتين شعرٍ وأدب تقطف من ثمارها على الدَّوام فهاهنا مهرجان الأفراح والبهجة..وهاهنا أعراس الوصال والألفة..بكل مافيها
بمجالسها وندواتها ، بليلها ونهارها ،بضحاها وعشاها ،
فهي الخيرُ والوِصَال ، والبرُّ والجَمَال ، فلا هَجرٌ بهجرٍ بل وِصالُ أي والله
فذي الواحاتُ ياماأسْعَدَتْنا= رياضُ الأُنْسِ والذَّهَبُ المُسَالُ
وماأَندى اللِّقاءَ بصَفْوِ ودٍّ= فلاهَجْرٌ بِهَجْرٍ بلْ وِصالُ
فلاهجْرٌ بِهَجْرٍ بل وِصالُ والحمد لله رب العالمين.

التعليقات (٠) اضف تعليق

اضف تعليق

بريدك الالكترونى لن نقوم بأستخدامه.

You may use these HTML tags and attributes:
<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>