مريم الصويغ تكتب: رحلة امرأة كسرت فكرة “فات الأوان” وبدأت من جديد.

الواحة نيوز

تزوجتُ في عمرٍ صغير، في الوقت الذي كانت فيه أحلامي ما زالت تتكوّن، وكنتُ أظن أن الحياة ستأخذني في مسارٍ ‏واحدٍ محدود. انقطعتُ عن الدراسة مبكرًا، لكن رغم انشغالي بمسؤوليات الحياة الجديدة، بقي في داخلي صوتٌ خافت ‏لا يسكت: “ما زال الطريق أمامك.”‏

مرّت السنوات، وبين العمل والبيت كانت فكرة العودة إلى الدراسة تراودني كحلمٍ بعيد المنال. حتى جاء يوم قررت فيه ‏أن أكسر التردد وأعود من جديد. التحقتُ بالتعليم عن بُعد، أكملت الثانوية، ثم الجامعة، وكل درجةٍ كنتُ أنالها كانت ‏تُعيد لي جزءًا من ذاتي التي غابت.‏

لم يكن الطريق سهلاً؛ كانت هناك ضغوط، وتعب، وموازنات دقيقة بين الواجبات والأحلام، لكن شيئًا في داخلي كان ‏يصرّ على المضي قدمًا. ومع الوقت تغيّر كل شيء. أصبحت أعمل في بيئةٍ أفضل، في مكانٍ يُقدّر الجهد ويمنحني ‏فرصة العطاء الحقيقي.‏

لم يتوقف طموحي عند حدود العمل، بل امتدّ إلى المشاركة في الأعمال الاجتماعية والتطوعية التي منحتني معنى ‏أعمق للحياة، وعلّمتني أن النجاح لا يُقاس بما نملكه، بل بما نهبه من أثرٍ طيّب في الآخرين.‏

اليوم، حين أنظر إلى الوراء، أبتسم لتلك الفتاة الصغيرة التي لم تتخلّ عن حلمها رغم الصعوبات. تعلّمت أن النجاح ‏ليس حكرًا على من بدأ مبكرًا، بل لمن واصل الطريق بإصرار. وأن الأحلام المؤجلة لا تموت، بل تنتظر لحظة ‏الشجاعة.‏
الحياة قد تؤجلنا، لكنها لا تنسانا. فقط حين نؤمن بأن الوقت لم يفت بعد، نصنع لأنفسنا طريقًا آخر أكثر نضجًا، وأكثر ‏إشراقًا.‏