الوطن لا يبدأ من الحدود الجغرافية، بل يتجلّى في المعاني التي تحملها كلماتنا، وفي التفاصيل الصغيرة التي ترافق حياتنا اليومية: في الرؤية التي نؤمن بها، والطموح الذي نحمله، والصدق الذي نتمسك به، والأصالة التي لا نفرّط فيها، والانضباط الذي نمارسه، والإنتاجية التي نجيدها.
نعم، أنا سعودية، وأغني بكل حب وفخر: “وطني الحبيب وهل أحب سواه.”
ولأني امرأة سعودية، فإن شعار اليوم الوطني السعودي ٩٥ “عزنا بطبعنا” يذكرني بكل لحظة أتحلّى فيها بالحكمة، والكرم، والإبداع، والمسؤولية، والمبادرة. ويزيدني إيمانا بأن حب الوطن ليس مجرد مناسبة نحتفل بها، بل طبع أصيل، وسلوك يومي، وموقف مسؤول.
في كل يوم أسمع فيه خبرًا جديدًا يُضاف لتاريخ الوطن العظيم، يكبر الوطن في عيني، ويكبر معه شعوري بالمسؤولية. فنحن لا نحب وطننا بالكلمات فقط، بل بالمعاني التي نصنعها من خلال سلوكياتنا وقيمنا. ومن هنا، يجب ألا نكتفي بالاحتفال، بل ننتقل من التفاعل العاطفي مع رؤية السعودية 2030 إلى التفاعل العملي في تحقيقها، لتكون أقوالنا انعكاسًا لأفعالنا، وتجسيدًا لقيمنا ورؤيتنا الطموحة. فإن القيم الأصيلة التي نتمسك بها تمنح حب الوطن معناه الحقيقي، وتحوّله من كلمة إلى فعل دائم.
وفي الثالث والعشرين من سبتمبر، وفي كل يوم، “يحق لي” أن أفرح، وأن أجدد انتمائي وولائي والتزامي لوطني الحبيب، المملكة العربية السعودية. فالوطن في عيني يرسّخ رؤية جديدة عن الحب الأصيل والرؤية الطموحة، ويعيد تعريف الإنجازات الفردية، لا كوسيلة لبناء السير الذاتية، بل كمساهمات وطنية تعزز التاريخ المجيد وتصنع مستقبلًا مشتركًا. فكل إنجاز فردي لا يكتسب معناه الأكبر إلا حين يندمج في سيرة وطنية جماعية، تُدوَّن بطباعنا وقيمنا قبل إنجازاتنا، وتُثري وعينا، وتُخلّد أثرنا للأجيال القادمة.
ومن هنا، أدعو نفسي وأدعوكم جميعًا إلى تبنّي رؤية جديدة لسيرة الوطن، نكتبها معًا، سطرًا بسطر، بصدق أفعالنا، وعمق قيمنا، وإخلاصنا لهذا الوطن العظيم.
بقلم: د.هاجر خليفه السلطان
أستاذ مساعد الثقافة واللغة الإنجليزية كلغة ثانية/ أجنبية بجامعة الملك فيصل
🤍🤍🤍