علاقة شخصياته أثرت على رتم ومنطقية العمل

فيلم “نورة”.. تجربة سعودية جديدة تطرقت إلى الصراع الدائم بين الحداثة والتقليد

1 تعليق
فيلم “نورة”.. تجربة سعودية جديدة تطرقت إلى الصراع الدائم بين الحداثة والتقليد
https://wahhnews.com/?p=58980
فيلم “نورة”.. تجربة سعودية جديدة تطرقت إلى الصراع الدائم بين الحداثة والتقليد
جاسم العبود

يعتبر فيلم “نورة” الحاصل على تنويه خاص من لجنة جائزة “كان السينمائي”، تجربة سعودية جديدة تطرقت إلى الصراع الدائم ما بين الحداثة والتقليد، ويحاكي معاناة فنون الرسم والموسيقى والتصوير، جرت أحداثه في قرية سعودية نائية في التسعينيات الميلادية، وكتب قصته المخرج توفيق الزايدي.

حيث أكد الكاتب المسرحي أحمد موسى بن حمضه لـ “الواحة نيوز”، أن فيلم “نورة” من الأفلام السعودية التي حصلت على صدى واسع خاصة على مستوى النقاد، بسبب تجربته المختلفة نوعًا ما وحصوله على الثناء من برنامج “كان السينمائي”.

وأضاف “بن حمضه”: كتجربة شخصية فيلم “نورة” على المستوى البصري كان تجربة جديدة رائعة، خاصة أن مخرج الفيلم “توفيق الزايدي” ركز على مسألة الظلام والضوء وأبرزها في عملية التصوير، كما لوحظ أن البطل “نادر المعلم” يكرر الظلام والضوء وكذلك البطلة “نورة” كررتها.

وعلى جانب الموسيقى التصويرية قال: كانت الموسيقى جدا مميزة شدتنا للمشهد وأعطتنا نوعا ما من الإيحاء عن الحالة التي نشاهدها، إما التصوير داخل الموقع بحد ذاته يظهر المشهد كأنه في هجرة حقيقية، فطبيعة الهجر لدينا في المملكة العربية السعودية معروفة، وكذلك كيفية تعامل أفرادها فيما بينهم.

ولفت “بن حمضه” إلى بعض الإشكاليات التي يعانيها الفيلم، أبرزها علاقة الشخصيات ببعضها البعض، حيث أن أحداث الفيلم حصلت في هجرة، والمعروف أن تعامل شخصيات الهجر فيما بينها يحتوي على نوعا ما من الخشونة، حيث نرى “نورة” حينما حضرت إلى المدرسة لمرافقة أخيها إلى البيت بهدف رؤية المعلم، قام أخيها برميها بالحجارة مستنكرًا حضورها أمام أصحابه والمعلم الغريب، بينما نراه في مشهد لاحق يذهب معها ليلا إلى منزل المعلم الغريب، وهذا بحد ذاته تناقض بين المشهدين، وهذا التناقض لا يدركه الشخص الأجنبي ولكن نحن أبناء المملكة العربية السعودية ندرك ذلك، ونعي بأن حتى الأطفال في الهجر المحافظة لا يقبلون لأخواتهم الذهاب إلى منازل الغرباء.

وكذلك تعامل شخصية “ظافر” الذي يفترض أن يتزوج “نورة” مع عامل البقالة كان قاسي حيث اعتدى عليه بالضرب المبرح على الرغم أنه لا يمتلك دليلًا على علاقته بنورة، بينما في المشهد الأخير يرى “نورة” مختبئة في سيارة المعلم الغريب للهروب معه إلى المدينة، وهو حامل بندقية ولم يفعل أي شيء سوى أخذها معه.

واستنكر “بن حمضه” علاقة جد “نورة” بالمعلم وطلبه رسمها ليراها، زاعمًا بأن الفكرة جميلة بحد ذاتها ولكنها ليست منطقية، ولا يوجد في الفيلم أية دلالة على أن الجد هو من طلب رسم حفيدته، وبعد مشهد مرض “نورة” استنكر المرأة المجهولة التي شاهدت صورة نورة في المعرض، مؤكدًا أنها معلومات ظهرت بشكل بسيط ولا كأنها مفارقة، وبسبب ذلك لم يرتبط وجدانيا بالنهاية بأي شكل من الأشكال.

وأوضح أنه في عمليات المونتاج حينما يتقاطع مشهدين تزامنيًا، يفترض هناك علاقة معينة بين الشخصيتين، وهو عكس ما حصل في الفيلم، فلا يوجد علاقة بين المرأة المجهولة التي شاهدت الصورة المعروضة و “نورة”، لدرجة أنه رماها على ثقافة تناسخ الأرواح وانتقال الروح أو النفس الإنسانية عند انفصالها عن البدن من جسد إلى آخر، وحتى لو كان كذلك فإن عدم وجوده منطقيا داخل العمل لا يعطيه الأحقية لتقديمه بهذا الصورة.

وختم “بن حمضه” حديثه بأن إشكالية النص في العلاقات بين الشخصيات، والعلاقات أثرت على رتم ومنطقية العمل، ولكن كتجربة مشاهدة للفيلم كانت تجربة جميلة واستمتع فيها بالحد الأدنى.

وأبان المخرج المسرحي “سلطان النوه” أن فيلم “نورة” يتحدث عن مرحلة محددة في العام 1996 ميلادي، والجميل في الفيلم أنه استحضر كل أدوات واستخدامات تلك الفترة من سيارات وملابس وغيره، مؤكدًا أن الأعمال التي تنحصر في فترة زمنية أو تاريخية بحد ذاتها عامل جذب، فكل من عاش تلك الفترة يستذكرها من خلال أحداثه.

وأضاف “النوه”: الفيلم يتحدث عن العلاقة بين الفن والحياة، وإن الفنون جزء مهم من الحياة، وممارسة الفنون والاطلاع عليها يعتبر مصدر مهم، فهي من تعيد للإنسان ترتيبه وتفكيره، وتخلصه من الأفكار المتحجرة والتقليدية، وإن الفنون تجعل الإنسان إنسانا، وتبعث فيه روح التفكير والتخيل والإبداع والاختراع، وهذا ما حصل مع المعلم الذي جاء إلى قرية نائية متوقف فيها الزمن، لا يوجد فيها كهرباء ولا تعليم ولا أي وسيلة تقدم رغم أنها تعيش في العام 1996 الميلادية، وإن المعلم يعي تمام صعوبة المهمة القادم إليها، والجميل في الممثل “يعقوب الفرحان” أنه تغمص الشخصية ومحاكاة الوضع القائم في تلك الفترة، كذلك بروز الممثلة “ماريا بحراوي” وتفاعلها مع دور “نورة” في الفيلم.

وأردف: العلاقة بين المتعلم وغير المتعلم، والمنفتح والغير منفتح، والمثقف الواعي الفنان وغيره دائما ما تحتوي على حالة من التصادم، وهذا ما وجدناه في الفيلم، ولكن في النهاية أنتصر الفن وبرزت الصورة، والرسمة التي كانت تمر بمرحلة صعبة لتنفيذها نفذت وبرزت في معرض عام يرها الجميع، وبالتالي الفيلم يبعث برسالة مهمة فحواها “الفن بشكل عام متى ما قدم بطريقة مهذبة رائعة سينتصر وينقل الواقع للجميع، فيلم “نورة” أنتصر للفن، للصورة، للرسم، وللتحضر أيضا، لذلك استمتعنا في مشاهدته وتفاعل معه الحضور.

وأشاد بمخرج وكاتب ومنتج العمل “توفيق الزايدي” الذي استطاع تأليف قصة جميلة عشنا أحداثها وتفاصيلها بكل واقعية ويتمنى المزيد من الأفلام التي تحمل حكاية، فالفن بشكل عام وبالذات جمهور السينما والدراما يتعلق بالعمل الذي يحتوي على حكاية وقصة تبدء وتنتهي.

وأفاد رئيس لجنة السينما بجمعية الثقافة والفنون بالأحساء الدكتور “محمد البشير” أن ما يمارسه نادي السينما من مبادرات للعناية بالأفلام السعودية وتجويد وتحسين المشاهدة لرواد السينما باختيار صالة سينما حقيقية، لمشاهدة فيلم وصل إلى مهرجان “كان السينمائي” ضمن مجموعة نظرة ما، وحصل على تنويه خاص من جائزة رفيعة مثل جائزة “كان السينمائي”، هذا الأمر نفخر به جميعا، وما يعنينا نحن في نادي السينما هو مشاهدة الفيلم بتجرد دون إملاءات، والهدف ما بعد المشاهدة والخروج من الصالة هو اجتماع كل مجموعة في زاوية من الزوايا ليتناقشون بالإيجابيات والسلبيات بتجرد كامل، هذا ما نريده في نادي السينما، وهذا بالفعل ما تحقق هذا المساء بعد مشاهدة فيلم “نورة” للمخرج توفيق الزايدي.

 

التعليقات (١) اضف تعليق

  1. ١
    ام كلثوم

    دائمًا متميز في الطرح أستاذنا، موضوع شيق تشوقنا للفيلم

اضف تعليق

بريدك الالكترونى لن نقوم بأستخدامه.

You may use these HTML tags and attributes:
<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>