أكد المعيد وطالب الدراسات العليا في الصِّحافة والإعلام بجامعة الملك فيصل عبدالإله بن سعد القحطاني، أن التحقيق الصحفي لا زال موجودًا، ولكن في السابق كانت الصحف تعتمد عليه وتحرص على نشره بشكل يومي، لما له من دور كبير في كشف الفساد وإصلاح المجتمع ومساعدة الحكومة في الوصول إلى أماكن متوارية يصعب الوصول إليها، بيد أن الصحفيين يستطيعون الدخول إلى الأحياء دون الشك بأنهم أجهزة أمنية، ويصلون إلى المشكلات ويبرزونها لتأتي بعدها الجهات المسؤولة بالمعالجة.
وأضاف أن واقع الصحافة الورقية محزن حاليًا، حيث لا نجد فيها الكثير من التحقيقات الصحفية، وغالبية متابعيهم تحولوا إلى منصات التواصل الاجتماعي والقراءة في الصحف الإلكترونية، والاهتمام أصبح منصب على التقارير والانجرافيك والموشن جرافيك أكثر من الاهتمام بقراءة تحقيق طويل يحتوي على خلفيات عديدة، وذلك لأن أسلوب القراءة اختلف عما كان في السابق، حين كنا نبحث عن الأخبار المحللة بالتفاصيل الكاملة، أصبحنا نريد رأس الخبر والفائدة والمعلومة السريعة، وذلك بسبب كثرة الأحداث، ومحاولة معرفة كل ما يحدث في العالم خلال ثواني، عكس الصحف الورقية سابقًا كانت تعطينا تفاصيل مجتمعنا وأبرز الأحداث الدولية.
وأوضح القحطاني أنه كل ما شعر الصحفي بالأمان وعدم تعرضه لمشكلات بسبب تحقيقاته خاصة تلك التي تمس الحالات الاجتماعية والسياسية تبرز تحقيقاته، فالناس تبحث عن التحقيقات التي تمسهم، ويقال: أكتب عن الناس لتقرأ عنك الناس.
وأشار إلى أهمية معرفة الإعلامي التنموي الذي يسعى إلى تنمية بلده أنه خلال بعض الإصلاحات تبرز مشاكل جانبية، لذا لا يفترض تسليط الضوء على تلك المشكلات الوقتية، والانتظار إلى ما بعد الإصلاح وطرح المشكلات المتبقية.
وأكد على أن الصحافة السعودية متميزة في التحقيقات الصحفية، ولازلنا نحرص على قراءة كثير من تحقيقات الزملاء الصحفيين، وأحداث السعودية المتسارعة تحتاج إلى قراءة التحقيقات الخلفية، فالحديث عن السعودية حديث عن فترة قرن من الزمن (93 عامًا)، وهذه السنوات شهدت قفزات متنوعة وعديدة، فالحديث هنا عن طفرة وتطور في مجلات عدة منها الاقتصاد والتعليم وغيرها، وزيادة أعداد السكان والمقيمين، كل هذه الأمور تصنع التحقيقات وتنمي الفنون الصحفية.
وعن قوالب التحقيق الصحفي قال: “طريقة الكتابة لا تزال كما هي، ولكن أسلوب إظهار التحقيقات الصحفية اختلف في مواقع التواصل الاجتماعي، لأننا أصبحنا بحاجة إلى إثراء العناوين والصور والاختزال والاختصار، وذلك تلبية لرغبة المتلقي، كونه قارئ عجل يهمه أبرز المعلومات، وعلينا تلبية رغبته وصياغة التحقيقات الصحفية بأسلوب يذكر الأهم فالأهم ثم المهم ثم الأقل أهمية، على عكس القارئ للوسائل المطبوعة والمشاهد للتلفزيون”.
كما شدد على وجود رأي المحرر في التحقيق الصحفي، لأن المحرر اطلع على تفاصيل التحقيق كاملة وهو الشخص الوحيد الذي قابل جميع المشاركين في التحقيق، ويعرف الصادق منهم والكاذب والمتضرر والمستفيد وغيرهم ممن له شأن في التحقيق، وذلك يؤهله لإعطاء الرأي عن المشكلة واقتراح ما يراه حلاً مناسبًا.
وينصح القحطاني، طلاب وطالبات الإعلام بالاهتمام بالتعليم الذاتي لأنه المفتاح الحقيقي للوصول للنجاح، وذلك من خلال القراءة والتعلم وسؤال الأشخاص لبناء المخزون المعرفي والثقافي، والبحث خلال القراءة الصحفية والمتابعة الإعلامية عن المؤسسات الصحفية والقنوات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية الكبرى الرزينة، لبناء النفس بطريقة صحيحة.
وتحدث رئيس تحرير صحيفة أصداء الخليج سلمان أحمد العيد حول واقع الكتابة الصحفية وينصح بقراءة كتب عن التحرير الصحفي والصياغة لكل من الخبر والتقرير والمقال ومتابعة الجرائد الورقية، كما ينصح طلاب وطالبات الإعلام بالتدريب في أحد الجرائد المحلية.
وقال أن القواعد الصحفية كثيرة ومتعددة وتختلف حسب طبيعة كل مادة سواء خبر أو تقرير أو تحقيق أو فيتشر صحفي أو مقال رأي أو حوار صحفي، وتطرق إلى أبرز اساسيات الصحافة منها: كتابة الخبر الصحفي والإجابة على الخمسة الأسئلة الأساسية المعروفة بقاعدة ال five W وهي (ما وماذا ومتى وأين ومن ولماذا).
وأضاف أن أساليب الكتابة الصحفية مختلفة عن الكتابة الأدبية حيث يجب الدخول في التفاصيل مباشرة بدون أي أوصاف أو استعارات أو تشبيهات خارج سياق المضمون، والبدء بفعل ماض إن كان الخبر قد حدث مسبقا وإذا جاء بصورة تصريح فيبدأ الخبر بـ أعلن – صرح – افتتح – أنهى – فاز، ويكون في صورة فعل مضارع إن كان الحدث سيتم مثل “يفتتح، تبدأ احتفالية، ينتظر العالم ظاهرة غير مسبوقة”.
ويرى مراعاة قواعد في الكتابة الصحفية، هي:
1- اختيار موضوع يلفت انتباه القارئ أو الحدث الذي يشغل الرأي العام.
2- الأسلوب السلس – وهي موهبة تصقل بالممارسة – بلا إطالة أو تقصير في تناول الموضوع.
3- طرح الأمثلة التي تقرب الصورة للقارئ.
4- اقتراح الحلول وعدم ترك النقد مفتوحاً دون معالجة.
5- المقال الصحفي عادة يحتوي من 200 الى 300 كلمة.
وأشار إلى تغير تقنيات النشر ومن الأجدى تغيير تكنيكات الكتابة بما يتناسب مع وسيلة النشر سواء كانت تغريدة، قصاصة، تدوينة والكاتب المبدع هو الذي يستطيع أن يعبر عن فكرته بأقل عدد من الكلمات ويستخدم الصورة أو الجرافيك لإيصال المعلومة.
ولفتت الطالبة في قسم الإعلام مسار الصحافة والنشر الرقمي سارة البحراني، أنها واجهت صعوبة في الالتحاق بعمل ميداني، حيث انتهى بها المطاف بعد التدريب إلى طلب شهادة خبرة لمدة ثلاث سنوات، وتنصح بالعمل على تكوين علاقات وإبراز الجهود في فترة الدراسة كطريقة للتسويق.
وتتفق “البحراني” مع توظيف طلاب وطالبات حديثي التخرج من قسم الإعلامي برواتب بسيطة، وهذا ما يحاول البعض صنعه لإبراز أنفسهم كبداية، مؤكدة على المشاركة في الدورات التدريبية لتطوير ما كسبته من علم في الجامعة، وزيادة خبرتها.
جاء ذلك على هامش إطلاق نخبة من الأكاديميين في الإعلام والصحفيين عصر أمس الأحد برنامج “فنون الكتابة الصحفية” لطلاب وطالبات الإعلام، برعاية فندق جراند دي وتنفيذ فرع هيئة الصحفيين السعوديين بالأحساء.