من السبعينات إلى التسعينات الميلادية كان الإعلام التقليدي جرائد وراديو وتلفاز مسيطرا على المشهد وبالأخص الجرائد.
كان لكتاب الأعمدة هيبة في نفوس المسؤولين والوزراء.
عام 2000 عام مفصلي.. من عام الألفين وما تلاه من أعوام حتى نصل الى عام 2023 أعوام مفصلية حصلت خلالها أحداث فصلت بين الإعلام الكلاسيكي القديم وبين الإعلام الجديد الذي بدأ يتكون من عام الألفين.
لماذا عام ألفين بالتحديد؟
لابد أن نعرف انه في عام ألفين بدأ الناس يعرفون شيئا اسمه إنترنت.
أخذ الناس في ذلك العام يقتنوون أجهزة كمبيوتر في بيوتهم ويشتركون في الخدمة الجديدة آنذاك (الإنترنت) وبدأ بعض الشباب الطموح في افتتاح مقاهي الإنترنت.
وزاد مستخدمو الإنترنت شيئا فشيئا وعاما بعد عام.
تحول القوة من الإعلام القديم الى الجديد بدأ بالتدريج.
سحب الإعلام الجديد جماهير ومتابعو الإعلام القديم شيئا فشيئا حتى جعل منه في النهاية صفرا على الشمال في الشعبية والتأثير.
كان الإعلام الجديد ينمو على حساب الإعلام القديم.
لم يقو على مواجهته مباشرة.
بدأ صغيرا ثم بدأ يكبر ويكبر حتى أزال الجرائد والتلفاز والراديو من المنافسة.
بدأ كمتفرج من بعيد ثم كمزاحم على الأحداث ثم كمنافس وأخيرا صار اللاعب الأقوى.
طلائع الإعلام الجديد بدأت من المنتديات التي بزغت من بعد عام 2000 وتعتبر كنواة للصحافة الإلكترونية إلى جوالي الباندا وابودمعة الذين ظهرا تقريبا من عام 2004 وأحدثا ثورة هائلة في عالم التكنولوجيا وبعدها توالت بقية جوالات الكاميرا من شركة نوكيا.
قد يتبادر هنا سؤال ما علاقة الهواتف في الإعلام؟
لقد كان لجوال الكاميرا دورا أساسيا في نشوء الإعلام الجديد. جوال الكاميرا كان النواة الأولى في تحويل الإنسان العادي الى صحفي غير متوج يسهم في ردم الثغرة التي يتركها الصحفي في توثيق الأحداث مستفيدا من التكنلوجيا الحديثة التي بين يديه وعدم الإتكال على مجهودات الصحفيين .
إلى أن أتت الأجهزة الذكية وباتت في أيدي الناس وخرج مايعرف بمفهوم السوشل ميديا الفيسبوك ومنصة إكس والانستغرام والسناب شات والتليجرام والتيك توك والصحف الإلكترونية.
صار كل إنسان صحفي. في يده جهاز به مسجل ودفتر ملاحظات وأي ميل وكاميرا 12 ميجا بكسل. وبيانات خلوية وعنده حسابات في كل البرامج.
بات الآن مستعدا للقيام بمهام الصحفي غير المتوج.
بات يوثق الأحداث التي تقع تحت مرأى عينيه سرقات مضاربات مشاجرات الخ .
وأي شيء يقع تحت عينيه.
هاشتاق واحد في إكس صار أقوى عشرات المرات من مانشيت عريض في أكبر جريدة يصيغه أبرع صحفي في البلد.
مقطع فيديو من جهاز ذكي يوثقه مواطن عادي قادر أن يحرك المياه الراكدة . مقطع فيديو من الممكن أن يقيل مدير مستشفى وأن يزيح مسؤول من منصبه وفي غضون ساعات قلائل.
منصة X تحديدا لها تأثير مدوٍ .
هاشتاق ترند قد يسهم بإقالة مسؤول ارتكب خطأً ما . بينما المقال في الجريدة الورقية لم يعد له أي تأثير يذكر.
لم يعد للجرائد ولا لكتاب الاعمدة والزوايا الصحفية ربع قوة حسابات نشطاء منصة X.
بل إن كتاب الجرائد أخذوا يستعينوون بمنصة X في مضاعفة ردود الفعل على مقالاتهم.
الكاتب لايكتفي بنشر مقاله في النسخة الإلكترونية للجريدة بل يعيد نشره مقاله في حسابه في منصة X ويلقى أصداء أضعاف أضعاف مايلقاه لوبقي مقاله حبيس النسخة الإلكترونية.
أخيرا دوام الحال من المحال.