إلى الجنات يا أبي..

محمد العبدالقادر

ليس رثاءًا وإن توشّح البكاء رداءًا، وتعمم الفقدَ حرفٌ هو دمي الذي يجري في عروقي. فقدت أبي الشيخ عبدالرحمن بن علي آل عبدالقادر فجر الثلاثاء العشرين من صفر ١٤٤٥ والموافق للخامس من سبتمبر ٢٠٢٣، فكانت هذه الكلمات وداعاً وإن عقني الكلامُ، وهربت مني المعاني، فكأنها مثلي ثكلى….

عذراً فقد عقَّ الكلامُ كلامي
ذلَّتْ حروفي، وتهتُ في أوهامي

وجهلتُ أمري ولست يوماً جاهلاً
لكنَّ عِظْمَ الخطبِ هدَّ عِظامي

والله، أعلمُ بالخطوبِ وفعلِها
وحمدتُ ربي نعمةَ الإسلامِ

ورضيتُ بالأقدارِ حكمةَ خالقٍ
والموتِ يوماً، لستُ بالوهّامِ

حتّى دهاني في أبي فنَكِرْتُهُ
عقلي صغيرٌ أن يلمَّ حُطامي

هذا الحِمامُ، وأنتَ تُكنى هكذا
فرّقتني وأبي، فأنتَ حِمامي

وأنتَ من ألقى الكساءَ ودفأه
عنّي وكانَ الحرزَ في أيامي

وأنتَ من قطعَ المعينَ لحكمتي
والرشدِ، أُسقى من زُلالِ إمامي

ما زالتِ الأطيافُ تسقي دمعتي
والذكرى تعبثُ في فؤادِ غلامِ

والناسُ من حولي الكثيرُ ونظرتي
أبداً تحاولُ أن تراهُ أمامي

وأراهُ يلبسُ “بِشْتَهُ” وعطورَهُ
و “العودُ” يعبقُ في ربى أحلامي

ورأيتُنا نسعى.. نطوفُ، وصمتُه
صافٍ صفاءَ ملابسِ الإحرامِ

شيخٌ لهُ في العارفين منازلٌ
والذكرُ عطرٌ ضاعَ في الأنسامِ

وله المجالسُ صدرَها وعزيزَها
زهِدَ المكانَ فجاءَ باستسلامِ

يا شيخي لمْ أكتبْ إليكَ رسالتي
وعجزتُ أروي قصّتي وختامي

لكنني أدركتُ صمتَكَ حكمةً
وأراكَ تكره هذْرةَ الأقلامِ

فرجعتُ التزمُ الدعاءَ ومن سرى
مسراكَ يعرفُ حكمةَ العلّامِ

هذي الحياةُ، وكلُ ركبٍ راحلٌ
ف “إلى الجنانِ” دعاؤنا وسلامي