كنت في أحد محال تغليف الهدايا فباغتني الأخ العامل في المحل بلهجته المصرية اللطيفة : هو أنتوا التلاميذ عندكو يتخرجوا كم مرة ؟ .. ابتسمت وقلت : أربع مرات ، لا..لا .. بل أحيانا خمس مرات .. رد مستغربا : الله !!! طب احنا التلاميذ يدرسوا 16 سنة وما يتخرجوش غير مرة واحدة بس – يقصد المرحلة الجامعية – فقلت له هذا النظام كنا نعمل به سابقا ثم بدأت المدارس بعمل حفلات التخرج في المرحلة الثانوية ، بينما الآن اختلف الوضع فالطالب يحتفل بتخرجه أولا من الروضة ثم المرحلة الابتدائية ثم المتوسطة ثم الثانوية وأخيرا وليس آخرا مرحلة البكالوريس .. فضحك وأردف : وليه كُل التعب ده بس!!! ..
وهنا دار في ذهني تساؤل عن هذه الموجة التي نعيشها هذه الأيام واقصد بها حفلات التخرج وما يصاحبها من تكاليف قد تصبح باهظة أحيانا تقع على عاتق ولي الأمر وهدفه ولاشك إدخال السرور على ابنه أو ابنته هل لازالت في نطاق المعقول أم بدأت تتجاوز إلى اللامعقول ؟ .. فمن رسوم المشاركة أولا ثم رسوم رداء التخرج ثم غالبا هدية تذكارية بهذه المناسبة ولربما بعضهم أقام حفلا مصغرا في المنزل مع العائلة وقد يصادف لدى الأب أن يكون لديه ابنان أو أكثر في فترة انتقال من مرحلة إلى أخرى فهذا في الابتدائية وذاك في المتوسطة وثالث في الثانوية فتتضاعف تلك التكاليف على عاتقه.
ولست بحديثي هذا ضد الفكرة على الإطلاق بل على العكس هي لحظات جميلة تدخل البهجة والسعادة على قلوب أبنائنا الطلاب وتظل راسخةً في أذهانهم خصوصا عندما يشاركهم والديهم هذه اللحظات الجميلة ويستحق الناجحون ولاشك احتفالا يضيف إلى فرحتهم فرحا آخر، لكني ضد المبالغة في مثل هذه الاحتفالات التي تقام طبعا قبل انتهاء العام الدراسي.
فالأب بعد كل ذلك مطالب أيضا حين ظهور نتائج الأبناء بهدايا ومكافآت النجاح وما أن تُقبل الإجازة الصيفية حتى تأتي مطالب أخرى ليست هي محور حديثنا الآن، ثم يأتيك أحدهم مغردا بصورة ذاك الطفل الفقير المبتسم ويقول المال ليس سر السعادة !! عذرا عذرا طلعت عن الموضوع.
نعود لموضوعنا حيث أتذكر في إحدى المدارس التي عملت بها أقيم حفل تخرج مبسط جدا حتى أني أتذكر أنهم لم يأخذوا من الطلاب ريالا واحدا .. فقد اشتمل الحفل على كلمة لمدير المدرسة والمرشد الطلابي ثم نشيد قدمه الطلاب وقصيدة شعرية ألقاها أحدهم ثم مسيرة الخريجين – بدون مشالح- مع عرض مرئي لصور الطلاب على الشاشة الذكية وانتهى الحفل بالتقاط الصور التذكارية وتناول المرطبات والكعك.
بينما وكما يعلم الكثيرون أن رسوم المشاركة في حفلات التخرج في وقتنا الحاضر في بعض المدارس قد تبدأ من مائتي ريال على الأقل وتتصاعد لتصل إلى 350 أو أكثر – هذا بغض النظر عن المدارس الأهلية – بالإضافة ربما لاشتراطات معينة في الزي الذي يرتديه الخريج فتصل الكلفة إلى رقم أعلى من ذلك، وخلاصة الحديث أنه من الجيد أن تبادر الجهة المسئولة – أقصد إدارة التعليم- إلى تنظيم هذه الاحتفالات ووضع معايير معينة في هذا الشأن فمثلما تمنع المعلمين من أن يطلبوا أي أعمال إضافية من الطلاب كاللوحات أو الوسائل الإيضاحية فلعلها من باب أولى تحرص على ولي الأمر أيضا.
فنحن عاما بعد آخر نشاهد تطورات وإضافات على هذه المهرجانات فهذه المدرسة تحضر فرقة شعبية للعرضة وأخرى قد تحضر منشدا او مطربا وهذه أضواء ليزر وهذه بوفيه مفتوح لا تعرف بدايته من نهايته وخلاف ذلك، وكل هذه التكاليف بطريقةٍ أو بأخرى سيشارك في تحملها ولي الأمر المغلوب على أمره أفلا يستحق نظرة حانية منكم؟.
صح السانك بو عبدالرحمن.
كلام في الصميم.
🌹