جبل القارة المعلم السياحي الأبرز...

تشكّل قبل 2.5 مليون سنة والوحيد بـ “غيران” محمية.. تعرف عليه

التعليقات: 3
تشكّل قبل 2.5 مليون سنة والوحيد بـ “غيران” محمية.. تعرف عليه
https://wahhnews.com/?p=23025
تشكّل قبل 2.5 مليون سنة والوحيد بـ “غيران” محمية.. تعرف عليه
جاسم العبود

تتميز محافظة الأحساء بعمقها التاريخي وشواهدها الأثرية المنتشرة في مدن وقرى الحاضرة، وبتنوع طبيعتها الخضراء الزراعية في أكبر واحة نخيل في العالم يعطيها ميزة تفاضلية، إضافة إلى موقعها الإستراتيحي في محيط شرق الجزيرة العربية والخليج ووسط الجزيرة، وهو ما يؤهلها أن تكون منطقة جاذبة سياحياً واقتصادياً ومعرفياً، وإضاءتنا في هذا التقرير عن جبل القارة في وسط واحة الأحساء.

يقع جبل القارة على بعد 12 كيلومتراً عن عاصمة الأحساء الإدارية “الهفوف”، وحسب ما يرد الجيولوجيون تشكله إلى ما قبل 2.5 مليون سنة، ويرتفع عن سطح البحر 210 أمتار، ويبلغ طوله نحو 1000 متر من الشمال إلى الجنوب، و800 متر من الشرق إلى الغرب.

يعتبر جبل القارة من أهم المعالم الطبيعية السياحية في المملكة، وضمن مكونات الأحساء الـ 12 المسجلة رسمياً في منظمة اليونسكو الأممية عام 2018، ومندرج تحت نظام الآثار كمعلم طبيعي تاريخي وأثري وتراثي يجب الحفاظ عليه لحفظ هوية المملكة وإبرازه للعالم من جانب، ولتنشيط السياحة معرفياً واقتصادياً من جانب أخر.

جبل القارة معلم سياحي يطل على أربع مجتمعات حضرية هي: القارة، التويثر، الدالوه، والتهيمية “التي كانت حاضرة قبل ستة قرون”، عُرِف بجبل الأساطير وجبل الشموخ وجبل الشبعان أو الرّيان، لما شهده من أحداث أهمها أن “رأس الجبل” المنفرد وسط “القارة”، استخدمه الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – كمرتفع للرماية بمدفع سرهيد صدً للعدوان القادم من شمال الأحساء، ومن هذا الجبل أخذت “القارة” أسمها وهي الآن مدينة عامرة، ويطلق الأهالي عليه رأس القارة أو رأس الجبل.

تشكيلاته الصخرية الفريدة والمكونات التركيبية تعطي انطباعاً للحاضرة بتغذية بصرية مختلفة وتجربة فريدة، ومن أبرز التشكلات صخور عش الغراب عند غار إبراهيم (العيد) بجوار القارة، وتشكيلات الأودية الصغيرة التي تمتد في الأفق إلى أعلى الجبل خلف التهيمية الأثرية.

إن رسوخ “جبل القارة” بجوار باسقات النخيل والمزارع الخضراء، جعلت منه إطلالة تعبر عن المشهد الحضاري لواحة الأحساء، وقبلة للسواح ويعبر بصدق عن التشابك بين الإنسان والبيئة التي أورثت معنى البعد للزمان وادعاء بالانتساب إليه، ولم يقتصر الإستفادة من معطيات جبل القارة بغيرانه الباردة صيفاً الدافئة شتاء مقصدًا عاماً للناس، بل كان وجهة الوجهاء والحكام على مر العصور أيضاً، خاصّة في موسم القيض ومحطة استراحة.

يعتبر جبل القارة هو الجبل الوحيد في العالم المحمية غيرانه – وهذه تعتبر ميزة أمنيّة – عن طريق التشكيل الصخري، حيث أن مدخل الغار ليس سافراً للعيان، مما يعطي واقع إختفاء عالي، كما كانت مزارع النخيل ملاصقة مباشرة مع سفحه، بدون طرق حوله، والوصول لكل جزئية يأتي من خلال دروب أو جادات زراعية ملتوية وضيّقة، مما يزيد من حالة الحماية والتّخفي وصعوبة وصول المعتدين في حالة أي غزو.

يتكون الجبل من صخور رسوبية تميل للون الأحمر “قابلة للنحت مع الزمن”، جيرية رملية ذات مسامات تمتص مياه الأمطار في موسم الشتاء وتختزنها، لتتحول في فصل الصيف عبر أشعة الشمس إلى أبخرة ملطفة للجو داخل الكهوف، إما في فصل الشتاء فيعود دفء الكهوف الجبلية إلى حجبها لبرودة الجو من الدخول إلى الداخل.

تكوينات الجبل الصخرية تعطي إيحاءات مختلفة مما يشكل رؤية بصرية ومادة للمصورين، ويعتبر هو الأشهر بالهامات الفنية والتعبيرية الكتابيّة، وبالإمكان الاستفادة منه لشرح الطبقات الرسوبية الواضحة عند “دوغة الغراش” على شكل اشرطة أفقية ممتدة بألوان تربة مختلفة معتمدة على المكوّنات، حيث يمكن الوقوف عندها كنقطة تعليمية جيولوجيّة على الواقع للناشئة.

وكذلك تكونت في الجبل خاصة في الأماكن الّتي لا يرتادها النّاس بأشبه للمحميّات، تتكاثر فيها الخفافيش خاصة في الجزئية المجاورة للتهيمية، يمكن مراقبة خروجها عند غروب كل يوم، كما أن التجويفات الصغيرة خلف “التويثير” شكّلت ملاذا للطيور والتّكاثُر، والدّعوة لحمايتها.

اشتهر جبل القارة بـ 12 غارٍ، لكل بيئة حضرية مجاورة له نصيب من مداخل تلك الغيران، مثل غار إبراهيم (العيد) بمدينة القارة، وغار مهيوب وغار عزيز، إما المغارة الرئيسية فهي غار النشاب، بين التويثير والتهيمية، وهو الأكبر، يمتد لمسافة طويلة داخل الجبل وبه مساحات عرفت بالمجالس، واستخدمت تاريخياً للرحلات والتّبرد، كما استخدمت الغيران أيضا كمجالس للتعليم، وأحياناً كان يدفن فيها الأوراق الخاصة كما نوّه المؤرخ جواد الرمضان.

وعلى جانب الجبل الغربي من جهة القارة في الطريق المؤدي “للدالوه”، تقع “دوغة الغراش” لعمل الفخاريات، المعلم التاريخي الذي بقي صامداً منذ القدم، مستغلة طبيعة الجبل ومكوّنة رحلة مع الصّخور والمتحف المرافق، يقصدها الزوار للاستمتاع بمشاهدة صناعة الفخار مباشرة، وشراء المقتنيات الخزفيّة والإستماع بطرق الإنتاج وعيش التجربة، وهذه دعوة أيضاً إلى تنشيط فن الخزف بزيادة الأنشطة وتكون القارة مركزاً للخزف.

وكون سطح جبل القارة أقرب إلى الإستواء فهو يمثل ميزة حركيّة وآمنة كما أشار رئيس فرع جمعية الحفاظ على التراث بالأحساء المهندس عبدالله الشايب في كتابه “الأحساء الإمكانيات الترفيهية “١٤١٢ هجرية”. وبالإمكان تأهيل الطريق المؤدي إلى برج المراقبة التابع للدفاع المدني فوق سطح الجبل، وتشجيع الزوار والسواح لاستقلاله سياحياً والصعود إلى الجبل، كما يوجد أعلى سفح الجبل مدق “مسار” بين الدالوه والقارة لا يعرفه إلا الأهالي، يمكن تفعليه لرياضة المشي والتّسلق.

تم انتقال السوق الشعبي “سوق الأحد” من وسط القارة إلى جانب الجبل من الجهة الغربية، ومؤخراً تعمل أمانة محافظة الأحساء على تنفيذ مشروع تطوير “سوق الأحد” بمحاذاة الجبل بطول يزيد عن 400 متر.

ومع تشجيع السياحة نمت كثير من الأنشطة حول الجبل في القارة والتويثير والدالوة، مثل المطاعم والبوفيهات والمقاهي ومحلات الإكسسورات، كما أقيم مشروع “أرض الحضارات” في غار النشاب الذي يقدم خبرة ترفيهية وأنشطة سياحية مع جهات ترفيهية مختّصة كهيئة الترفيه وجمعية الثقافة والفنون بالأحساء ونادي الأحساء الأدبي وغيرها.

يشكل جبل القارة لما حوله من مجتمعات حضرية ثراء وواجهة سياحيّة، مع منتزه الأحساء الوطني، منتزه المشقر “مشتل الشيباني”، ومسجد جواثا التاريخي، ووجود طريق الملك عبدالعزيز المحوري المؤدي إلى بحيرة الأصفر والعقير التاريخي.

التعليقات (٣) اضف تعليق

  1. ٣
    زائر

    شيخ المؤرخين؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

  2. ٢
    زائر

    خاطري ازور الاحساء عشان الجبل ولهجتهم

  3. ١
    زائر

    هذا يؤكد ان الاحساء ضاربة في عمق التاريخ…

اضف تعليق

بريدك الالكترونى لن نقوم بأستخدامه.

You may use these HTML tags and attributes:
<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>