بكر العبدالمحسن يكتب: لَبِسَ قُبَّعة وَلَحِقَ رَبْعه

التعليقات: 5
بكر العبدالمحسن يكتب: لَبِسَ قُبَّعة وَلَحِقَ رَبْعه
https://wahhnews.com/?p=90323
بكر العبدالمحسن يكتب: لَبِسَ قُبَّعة وَلَحِقَ رَبْعه
الواحة نيوز

لقد عَرف التأريخ القُبعة قديما كملاذ للحماية من الطقس ،ثم ما لبثت أن تطورت القُبعات لتكون رمزا للموضة والمكانة الاجتماعية والدينية والوظيفة المهنية والمناسبات الاحتفالية ،وارتبطت القُبعات بالحداثة والازدهار الاقتصادي والثورة والحرب والسَّلام والانتماء السياسي والديني ،فكلُ قُبعة على الرأسِ لها تاريخ فريد من نوعها وأهميتها الخاصة في المجتمعات الإنسانية في الماضي والحاضر.

فالرمزيةُ التاريخية في الحضارات الإنسانية والقصص الواقعية أدخلت القبعة لا شعوريا حتى في عالم المَنام ،وتأثر الرائي بها بحسب حالته النفسية والاجتماعية والدينية والاقتصادية ،وأصبحت ظاهرة رؤية القُبعة في المنام بحاجة إلى تفسير واستقراء واستنتاج دلالات من أجل قراءة الواقع أو الاقتراب منه أو الابتعاد بحسب المقومات الشخصية التي يتمتع بها الرائي والتي يُمكن أن تُساعده في الوصول إلى نوع القُبعة التي يرغب في ترميزه بها ،وسواء كانت رؤية المَنام تحدث بشكل لا إرادي أثناء النوم أو بشكل انفصال قصير المدى عن البيئة المحيطة لأحلام اليقظة.

والقُبعة ألهمت العلماءُ في دراسة وتحليل عملية التفكير عند الإنسان ،وسعوا إلى تنميتها وتقسيمها حتى يسهل التعامل مع شخصية مرتديها ،وها هو الطبيب إدورد دي بنو الذي استفاد من معلوماته الطبية عن المخ في تحليل أنماط التفكير عند الإنسان ،وربطها بألوان القبعات التي يرتديها الناس ،واخترع أشهر نظريات التفكير “القُبعات الست” وتصنيفها بالألوان ذات الخصائص والسمات التي تُميز مخرجاتها في التعامل مع الآخرين ،فالقبعة البيضاء ترمز إلى التفكير الحيادي والحمراء إلى التفكير العاطفي والسوداء إلى التفكير السلبي والصفراء إلى التفكير الإيجابي والخضراء إلى التفكير الإبداعي والزرقاء إلى التفكير الموجه.

وقُبعة الإخفاء التي يعمل عليها المُهرج على المسرح حُلما طفوليا يلازم الصغار والكبار ؛لدغدغة رغباتنا الإنسانية في التملص من قبضة الواقع إلى عالم المُغيبات ؛لإخفاء تحقيق الرغبات الأنانية وخجل الإنسان من نظر الإنسان ،وهو يرتدي القبعة السحرية ويفعل أي فعل دون أن تمتد إليه نظرات الناس أو سلطتهم بالتقريع أو المنع أو المحاكمة ،فقبعة الإخفاء السحرية من أهم مشاريع الخداع البصري التي تعتمد على حجب الرؤية في ظروف معيَّنة أو لدى استخدام موجة واحدة للإشعاع الكهرومغناطيسي.

فالقُبعة لم تُولد من فراغ التَّرف وإنما من حاجة الحِماية ،وفي تطورها وصناعتها خضعت لعوامل البيئة والمهارة والوظيفة والمكانة ونوع الشخصية والذوق والسلطة والقوة والضعف وعوامل لا حصر لها ؛حتى أصبحت رمز التَّغطية فوق كل رأس ليدلل على انتمائه الاقتصادي والأيدلوجي والاجتماعي والوظيفي والطبقي سواء كانت القُبعة ظاهرة أو مستترة ،فلكل إنسان قُبعته الخاصة التي تُحافظ على وجوده ،وتغطي تفاصيل أفكاره وتبعيته ،وتمنحه الظهور بوهم الأمان العام حتى لو أظهرت شيئا من دلالة المثل ” لَبِسَ قُبَّعة وَلَحِقَ رَبْعه “.

 

التعليقات (٥) اضف تعليق

  1. ٥
    الاسم ( اختياري )

    كلمة ربعه كلمة شاذة بمعنى صايع

    • ٤
      زائر الناس

      صحيح تقال في الديوانية للعمالة السايبة

    • ٣
      زائر

      لكلمة “ربع” عدة معانٍ في اللغة العربية، أبرزها: جزء من أربعة أجزاء متساوية، وموضع في المستوى الديكارتي، ومكان يُنزل فيه في فصل الربيع، بالإضافة إلى أنها تشير إلى الأقرباء والأهل (الرِّباعُ أو الرَّبْعُ)

      • ٢
        زائر

        ربع هذي اكله مشهورة عند الشعب الفينيقي

    • ١
      زائر

      مقال ثري بعمقه وطرحه نجح فيه الكاتب العبد المحسن في تحويل القبعة من قطعة لباس عابرة إلى رمز واسع الدلالة يتقاطع مع الهوية والتفكير والانتماء او بطريقة أخرى
      يحمل طبقات من التاريخ والنفس والسلطة والانتماء
      الربط بين التاريخ وعلم النفس وأنماط التفكير أعطى النص بعدًا معرفيًا جميلًا وأعاد قراءة المثل الشعبي “لبس قبعته ولحق ربعه” في سياق حديث يكشف جانبًا من سلوك الإنسان أمام الجماعة والقرار
      هذا الربط تتجلى قدرة الكاتب على تحويل التفاصيل اليومية إلى مساحة للتأمل والوعي
      طرح لافت يستحق التقدير
      ا. سعاد العوض

اترك تعليق على الاسم ( اختياري ) الغاء الرد

بريدك الالكترونى لن نقوم بأستخدامه.

You may use these HTML tags and attributes:
<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>