«لقد أدانوني بلا سبب، ليس لأنني مذنب… بل لأن العالم أراد رجلاً يُدان.»
— البؤساء، فيكتور هوغو
خرج جان فالجان من السجن، يحمل قلبًا محطمًا عه أحد.
كل باب أُغلق في وجهه، كل يد ارتجفت، وكل عين التفتت خوفًا من الحقيقة.
لم يكن السجن هو الجرح الحقيقي، بل استمرار العالم في جلد الروح بعد انتهاء العقاب. أقسى السجون تُبنى من صمت الآخرين، لا من الحديد.
كلنا نعرف هذا الصمت القاتل: أن تُتهم بما لم تفعله، أن يُسكت صوتك، أن تنهار داخلك بينما يطالبونك بالابتسام، وأن تقول “ظلمت” فيمر الآخرون بجوارك كأن شيئًا لم يحدث.
حين يُطلب منك التخلي عن حقك، أو التسامح عن جريمة متعمدة، يكون الظلم أعظم لأنه يأتي من صمت العالم، لا من فعل العدو فقط.
التسامح للهفوات الصغيرة، للخطأ العابر أو زله لسان غير مقصودة هنا يكون التسامح فضيلة.
لكنه ليس قاعدة في كل شيء. بعض الجرائم تتعدى أثرها إلى النفس والكرامة، وتحفر في الذاكرة أثرًا لا يمحى بسهولة. هنا، لا يكون التسامح خيارًا تلقائيًا، بل حقًّا مشروعًا للرفض.
نستذكر هنا موقف النبي ﷺ مع وحشي، قاتل عمّه حمزة رضي الله عنه، الذي قتل عمّه عمدًا في غزوة أحد.
بعد أن أسلم وحشي، جاء طالبًا الصفح، راغبًا أن يمحو الماضي ويغفر له.
حينها نظر إليه النبي ﷺ وقال: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغَيِّبَ وَجْهَكَ عَنِّي؟».
هذه الجملة العميقة تعكس ألمًا نفسيًا حقيقيًا؛ فهي توضح أن الصفح ليس نسيانًا كاملًا، وأن الجرح العميق يحتاج وقتًا لإعادة التوازن.
رفض الصفح لم يكن حقدًا، بل عدالة نفسية وحماية للكرامة، وعدم طمس الحق، مع وضع حد رمزي بين المظلوم والقاتل.
لكي تحمي نفسك، يجب أن تُسمّي الظلم باسمه، دون تلطيف أو إنكار، وتدوّن ألمك لتحتفظ بالحقيقة.
لا تعُد إلى من قهرك، ولا تسمح له أن يختبرك مرتين.
اجعل صوتك وحدودك حصنك، وامنحها مكانها الصحيح في حياتك، لتظل حاضرًا لنفسك قبل أي شخص آخر.
عش لتقاوم، لتستعيد سيطرتك على حياتك، لا لتستسلم أو لتبرر لمن جرّحك.
في هذا اليوم، لن يحدد أحد معايير التسامح لك.
اختر أن تسامح على الهفوات العابرة، لكن لا تسمح لمن كسر روحك أو انتقص كرامتك أن يُخفّض قيمتك.
إذا اخترت التسامح، فليكن برضاك وبوقتك، لا بأمر أحدهم.
وإن لم تختَر، بالامتناع أحيانًا هو أصدق شكل من أشكال المقاومة وأقوى وسيلة لحماية النفس
التسامح يحتاج قوة تتجاوز طاقة الإنسان نفسها.
كيف يمكنك أن تسامح، وأنت قد قهرت وظلمت، ؟!
وبحثت عن صوت يسمعك، فجربت أن تتحدث، لكن الجميع هرب منك؟ الحق واضح!
لكن لا أحد يريد أن يسمعك، ولا يعطيك من وقته. هنا، يصبح التسامح اختبارًا حقيقيًا للإنسانية، يحتاج إلى قلب أكبر من الألم، وإرادة أعمق من القهر.
في بعض الأحيان، يكون الظلم النفسي أشد قسوة من أي ألم جسدي، لأنه يستقر داخل أعماق الإنسان، يحاصر الروح قبل الجسد، ويحوّل الحياة اليومية إلى عبء ثقيل لا يُحتمل. تتكلم وأنت تعلم أن الحق معك، لكن لا أحد يسمعك. تحاول أن تشرح، أن تصرخ، أن تطلب إنصافك، لكن كل شيء من حولك يغمض عينيه أو يلتفت بعيدًا. كل نظرة تجاهلك، كل باب مغلق، كل كلمة لم تُرد، تضيف وزنًا جديدًا إلى شعورك بالعجز والخذلان.
تخيل أن تكون أنت الضحية: بعد أن ظلمت، بعد أن اتُهمت بشيء لم تفعله، وبعد أن أجبرت على التخلي عن حقك بطرق غير عادلة، كيف سيكون شعورك؟ الألم هنا لا يُقاس بالمعاناة الجسدية، بل بالخذلان النفسي، بالاحتقار الذي تشعر به، باليأس الذي يغمر قلبك، و الإحساس بأن العالم كله أغمض عينيه عنك. كل شيء بدا وكأنه يتآمر لإسكاتك، ولإخفاء الحق الذي تحمله، وجعل صرختك بلا صدى.
في يوم التسامح… لا تسامح إلا لمن يستحق، وبالقدر الذي يليق بك بكرامتك.
اتمنى لكم الشفاء جميعا
راقيه كالعادة أنتي صوت لكل عقل مفكر جعل من جابك للجنة يارب
دائما سباقة في جميل كتاباتك،والأدب والمقالات المنوعة،،
كلماتك لامست جرحًا يعرفه الكثير كتبتي الحقيقة كما هي: أن التسامح قوة لكنه ما هو واجب ولا على حساب النفس رائعة جدًا
أعجبني كيف فرّقتي بين التسامح كفضيلة وبين التنازل عن الكرامة كجريمة ضد النفس نص قوي ويستحق القراءة صراحتن
سلمت يمناك كعادتك ❤️❤️
التعليق
التعليق
كلماتك لامست جرحًا يعرفه الكثير كتبتي الحقيقة كما هي: أن التسامح قوة لكنه ما هو واجب ولا على حساب النفس رائعة جدًا
أعجبني كيف فرّقتي بين التسامح كفضيلة وبين التنازل عن الكرامة كجريمة ضد النفس نص قوي ويستحق القراءة صراحتن
سلمت يمناك كعادتك ❤️❤️
التسامح كلمة سامية المعنى بماتحويه من جوانب عديدة ولو رجعنا الى الاية الكريمة في القرآن الكريم لعرفنا معناها بأختصار مفيد قال تعالى( ومن عقى واصلح فأجره على الله) فلابد مع العفو والتسامح اصلاح اما عدم تسامح او لاتسامح فلا اتفق معك اختي العزيزة
((التسامح للهفوات الصغيرة، للخطأ العابر أو زله لسان غير مقصودة هنا يكون التسامح فضيلة.
لكنه ليس قاعدة في كل شيء. بعض الجرائم تتعدى أثرها إلى النفس والكرامة،)))
لا نملك الا ان نقول اللهم انتقم، اللهم انتقم.
﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا﴾
أ/ أمل …
كتبتِ مقالًا يشبه اعترافًا جماعيًا نيابة عن كل من قال: “ظُلمت” ولم يسمعه أحد.
ويوم التسامح كما رسمتِه أنتِ…
ليس دعوة إلى الغفران، بل دعوة إلى الوعي، وإلى حماية الروح من أن تُسلّم للذين أساؤوا إليها.
شكرًا لكِ…
لأنكِ منحتِ الكلمة شجاعة،
ومنحتِ الظلم اسمًا،
ومنحتِ المظلومين حقّ أن يقولوا:
“لا… هذه المرة لن نصمت، ولن نتسامح إلا حين نشاء.
أ/ أمل …
كتبتِ مقالًا يشبه اعترافًا جماعيًا نيابة عن كل من قال: “ظُلمت” ولم يسمعه أحد.
ويوم التسامح كما رسمتِه أنتِ…
ليس دعوة إلى الغفران، بل دعوة إلى الوعي، وإلى حماية الروح من أن تُسلّم للذين أساؤوا إليها.
شكرًا لكِ…
لأنكِ منحتِ الكلمة شجاعة،
ومنحتِ الظلم اسمًا،
ومنحتِ المظلومين حقّ أن يقولوا:
“لا… هذه المرة لن نصمت، ولن نتسامح إلا حين نشاء.
ماشاء اللهم بارك لافض فوك وبارك الله فيك ورفع قدرك في الدنيا والآخرة ورضي عنك وأرضاك
استغفر الله
الله يبعد شر السجون والجن عما
التعوذ من الشيطان وقراءة القرآن
وتناول الزعتر.ممتاز يبعد الشيطان
👍
نعم نعم
كلماتك لامست جرحًا يعرفه الكثير كتبتي الحقيقة كما هي: أن التسامح قوة لكنه ما هو واجب ولا على حساب النفس رائعة جدًا
أعجبني كيف فرّقتي بين التسامح كفضيلة وبين التنازل عن الكرامة كجريمة ضد النفس نص قوي ويستحق القراءة صراحتن
سلمت يمناك كعادتك ❤️❤️
لا تسامح إلا لمن يستحق، وبالقدر الذي يليق بك بكرامتك.
كتابه تستحق المرور والتأمل في كل كلمة فيه لانه بلامس واقع نعيشه