د.هاجر السلطان تكتب: العافية التي تشبهنا.. أكتوبر من عدسة أحسائية

التعليقات: 5
د.هاجر السلطان تكتب: العافية التي تشبهنا.. أكتوبر من عدسة أحسائية
https://wahhnews.com/?p=88614
د.هاجر السلطان تكتب: العافية التي تشبهنا.. أكتوبر من عدسة أحسائية
الواحة نيوز

نعم، شهر اكتوبر يذكّرنا عالميًا- وعلى وجه الخصوص نحن النساء- بأهمية العناية بصحتنا الجسدية والنفسية.
في صباح السبت، شعرت بحاجة للعودة إلى أصلٍ ما، إلى طاقة وصفاء، إلى وضوحٍ يهديني. في البداية، فكرت بالذهاب إلى البحر، بحثًا عن الحركة والصوت والفضاء الذي يعلّمني كيف أمتد… لكن شيئًا في داخلي دفعني نحو الجبال.
وهناك بين الصخور والنخيل، كنت أتساءل: ما الذي يدعوني للبحر؟ وما الذي يشدني إلى الجبال والنخيل؟
تأملات سريعة تراودت في ذهني. البحر يحرك كل ساكن فيّ، والجبل يعلّمني الثبات والقرار. الأول يتحرك بلا توقف، والثاني يقف صامتًا شامخا — وكأن كلاهما يدعوانني للعودة إلى توازني. لكن حين أمعنت النظر في تلك الجبال وفي امتداد النخيل، أدركت شيئًا أعمق: أنني، لم أعد أرى الطقس في الأحساء كما كان، بل تغيّر فهمي للأرض، للجغرافيا، ولذاتي.

هناك، بين الصمت والارتفاع، شعرت بالفرق. وأيقنت أن التأمل في نفسي، وفي جذوري، وفي الأرض التي أنتمي إليها، هو جزء من الرحلة ذاتها — رحلة الوعي والرعاية. وأنا بين الجبال، أخذتني معالم الأحساء المتناغمة — جبال، نخيل، عيون عذبة، وتربة خصبة — إلى حقيقة عميقة تعيشها هذه المدينة. إنها مرآة صادقة، تكشف لنا عن ذواتنا في كل تفاصيلها — في حركتها وسكونها، في وضوحها وعمقها الخفي.
في صباح السبت، شعرت بكل معالم الطبيعة تذكرني بمن أنا — ولماذا وُلدت في هذه الواحة المليئة بالطاقة والحياة. الأحساء ليست مكانًا جغرافيا فقط، بل معلم ومرآة — تكشف مناظرها الطبيعية عمّا في داخلنا من مناظر إنسانية خفيّة. تمامًا كما يدعونا شهر أكتوبر إلى التأمل في وعينا الجسدي والنفسي، تدعونا أرضها الثرية إلى أن نرى أنفسنا في مرآتها، لنبدأ رحلة داخلية نحو الشفاء، الدعم، والتوازن. إنه وعي لا يكتفي بمراقبة السطح، بل يغوص في أعماقنا ليوقظ فينا الإحساس بقيمة وجودنا. وعي يُعيد لنا الاتصال بكل ما فينا من أجزاء أصيلة — الظاهر منها والباطن.

في هذا الوعي، ندرك أن الاعتناء بأنفسنا لا ينفصل عن الاعتناء بأرضنا، وأن فهمنا لمعاني الانتماء والجذور يبدأ من الإصغاء لما حولنا وما في داخلنا معًا. الجبال فيها تُعلّم القوة، والتربة تعمق الجذور والانتماء والدعم، وأشجار النخيل تُعلّم الكرامة والعزة والشموخ والعطاء، وعيون الماء تغذي الكرم والمعنى بعذوبة.
وكلما ازددنا اتصالًا بهذه المعالم المتنوعة، بدأنا نُدرك أن التناغم بين عناصر الطبيعة — الجبال، النخيل، الماء، التربة — ليس مجرد مشهد بصري، بل درس كريم من الأحساء. فمن خلال هذا التناغم، نتعلّم كيف نستعيد توازننا: بين الحركة والسكون، بين الجسد والروح، بين العطاء والتلقّي. وتغدو رسائل الدعم وفكرة الرعاية الذاتية، التي يُذكّرنا بها أكتوبر، ليست مجرد نداءات إنسانية، بل دعوات أصيلة للرجوع إلى إيقاعنا الطبيعي — إلى أصل يذكّرنا بأن العافية ليست بعيدة، بل تحيط بنا… إذا أمعنّا النظر.
كونوا جميعا بخير.

د.هاجر خليفه السلطان
أستاذ مساعد الثقافة وتعليم اللغة الانجليزية كلغة ثانية/أجنبية
جامعة الملك فيصل

التعليقات (٥) اضف تعليق

  1. ٥
    زائر

    إسقاط بليغ
    وبالغ في الأثر
    (حين تلتقي ذاكرة الهُويّة ، والمكان ،والقلم )
    يتشكّل الحاضر والمستقبل (بإذن الله)
    كحضارة مُحرّكة…

    دُمتي بهيّة …

  2. ٤
    هيفاء

    دائمًا تبهرينا بنظرتك ومنظورك المختلف لكل شيء حولنا ✨

  3. ٣
    زائر

    دائمًا تبهرينا بنظرتك ومنظورك المختلف لكل شيء حولنا ✨

  4. ١
    الغلا القحطاني

    سلِمت أناملكِ
    استشعار النعم من حولنا كنعمة كونك أنثى على سبيل المثال ثمينٌ للغاية..
    نحن كإناث عادةً نجهل مصادر قوتنا لكن حينما ندرك ونوسع مداركنا سنرى أن كوننا إناث ما هو إلا مصدر قوة ووسيلة لتحقيق غايات عظيمة وإنجازات كبيرة كنا نراها قبلُ حُلماً

اترك تعليق على الغلا القحطاني الغاء الرد

بريدك الالكترونى لن نقوم بأستخدامه.

You may use these HTML tags and attributes:
<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>