للتمور شأن كبير لدى أهالي مدينة المبرز ولديهم إقبال منقطع النظير عليها في معظم أيام العام وذلك لأهميتها العظمى كما أنها تعتبر أهم المحاصيل الزراعية قاطبة ، وكانت تشكل في الماضي المحصول الغذائي الرئيس لهم ، فهي زاد متكامل غني بالفيتامينات والمعادن التي يحتاجها الجسم . وفي الحديث الشريف قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ياعائشة بيت لا تمر فيه جياع أهله رواه مسلم وقيل في الأمثال التمور دواء ولاداء معها .
والوالد رحمه الله يقول في هذا الصدد وجبة بدون تمر هي وجبة ناقصة لذا يحرص كافة الأهالي كل حسب سعته على اقتنائها وتوفيرها بمنازلهم ومن مختلف الأصناف خاصة الرزيز والخلاص والشيشي و الحاتمي ، ويعمدون على حفظها وتخزينها في أوعية متنقلة وثابتة ، المتنقلة مثل الشنة ( جلد الماعز ) والخابية ( من الفخار تشبه زير الماء – الحب – الصليحي ) والجراب والمزود والمحصن والتنك وأكياس البلاستيك ( النايلون ).
نماذج من شنة التمر
أما الثابتة فمنها الكندوج وهو غرفة خزن التمور أكبر من الجصة ، وأكثر مايبنى الكندوج في مزارع النخيل والمنازل الواسعة أما الجصة وجمعها جصص وجصيص وهي مخزن الغذاء الدائم لأهل الدار والتي لايخلو بيت بالمدينة منها وهي المفضلة لحفظ وتخزين التمور بكميات كبيرة تصل إلى عدة أمنان ( جمع من والمن أربع قلال وزن القلة الواحدة 60 كجم وتعرف بالمرحلة ) وقد أخبرني أحد مثمني البيوت ( الدلال ) أن قيمة البيت ترتفع اذا كان به جصة أو قليب ( جليب ) .
وسميت الجصة بهذا الاسم لتلييس جدرانها من الداخل والخارج بالجص ( خام كبريتات الكالسيوم الطبيعي المتبلور ) وهو مادة من مواد البناء .
والجصة تعتبر بمثابة المخزن الكبير للتمور وتبنى عادة في إحدى زوايا غرفة المؤونة وهي ذات أحجام الصغيرة والمتوسطة والكبيرة تتناسب مع أعداد أهل البيت وترفع مستوى أرضيتها عن ماحولها بمعدل 25 سم وتفرش بالجريد على هيئة سموط ( خطوط ) وهي سكك لانسياب الدبس وتسمى قرود ويصل ارتفاع الجصة مترين تقريبا ويستفاد من سطحها لوضع الأغراض غير المستخدمة باستمرار وكذلك الحطب مثل الغضى والقرض والسدر والسلم والكرب والسجين.
نموذج للجصة
ولها باب علوي به مزلاج لقفلها وهو عند منتصف قامة الرجل حتى يسهل عليه أخذ التمر بالراحة منها وعرض الباب 60 سم وكذلك طوله كما أن لها مثعاب ( مدعاب) سفلي لخروج الدبس ( عسل التمر ) منه وله جدول مجصص أيضا يؤدي لحفرة عمقها حوالي 100 سم وقطرها 50 سم توضع فيها المجباة لكي يتجمع بهاالدبس وبعد أن تمتلئ يسكب الدبس في إناء فخاري يسمى دبة الدبس ليتم الاستفادة منه في إعداد الوجبات الغذائية مثل المحمر (الرز مع الدبس ) والعصيدة والقرص ( الخبز ) الحساوي الأحمر( الأسمر) والوقيطة وهي نوع من الحلويات الشعبية أويخبط الدبس مع البيض ويصبح مذاقه لذيذ الطعم وغيرها .
وتمر الجصة يظل طوال العام لايتغير ولاتؤثر فيه العوامل الجوية أو المدة الزمنية .
وفي هذا الشأن توجد طرفة عن تمر الجصة مع أحد العمال عندما كان يعمل في أحد المنازل ومهمته فقط نقل الثرى ( الطين ) من السكة ( الصكة ) إلى سطح المنزل وتحت السلم ( الدرج) جصة ممتلئة بالتمر فما كان من هذا العامل إلا أنه في الصعود يأخذ قز وفي النزول يأخذ أيضا قز وهكذا طول ساعات العمل وعند المغرب اكتشف صاحب المنزل كوة بالجصة فأخبر الأستاد ( الأستاذ ) ( رئيس العمال ) بذلك وبعد التحري عرفوا أن العامل هو من أحدث ذلك وصارحوه بالأمر فاعترف لكن الغريب أنه لايوجد أثر للنوى ( الطعام ) فأخبرهم أنه يزرطه ( يبلعه ) خشية أن يفضحه ، بعد ذلك طلب صاحب المنزل من الأستاذ بوضع قفل محكم على باب الجصة حتى يحفظ مابقي من التمر ويقال أن إصبع يد هذا العامل بالكاد يدخل في فوهة الاستكانه ( البياله ) من ضخامتة .
نموذج للكندوج
رحم الله من رحل ممن حضر تلك الأيام الخوالي وأطال عمر من بقي .
المصادر :-
1- المعجم الاثنوغرافي د/ سعيد عبدالله الوايلي . 2-أحاديث بلدتي القديمة أ/ عبدالله أحمد الشباط . 3- أ/ محمد سعد النصر .
شكر خاص للمشرف التربوي
أ/خالد عبدالله إبراهيم الحليبي
الله يجزيك خير الجزاء على الشرح الوافي في نقل المعلومة للجميع خصوصا جيل الشباب
الله يعطيك العافيه على ما تقدمه من معلومات ومواضيع مفيدة عن تراثنا القديم والذي لم يبقى منه إلًا سوى الذكريات العالقه في الأذهان أما جيل هذه الأيام لا يعرف عنها شيء .