بيبي الحرز تكتب: صناعة فنان

التعليقات: 0
بيبي الحرز تكتب: صناعة فنان
https://wahhnews.com/?p=86329
بيبي الحرز تكتب: صناعة فنان
الواحة نيوز
 الفن هو تجربة إنسانية عميقة تعبّر عن الوجدان الجمعي والذوق الراقي، وتوثّق لحظات الوعي الجمالي. غير أن الساحة الفنية لا تسير دائمًا وفق معيار الموهبة وحدها، إذ ظهر ما يُعرف بـ”صناعة الفنان”، حيث يتدخّل الإعلام ورأس المال والعلاقات الاجتماعية لإظهار صورة فنية لفرد قد لا يحمل بالضرورة موهبة حقيقية.
و من الجميل جدًا أن يحظى الفنان الموهوب بدعم صناعة فنان، لأن هذا الدعم لا يصنع موهبته من العدم، بل يسلط الضوء عليها، ويمنحها الأدوات والمساحة لتتجلى بشكل أوضح وأوسع أمام الناس
وظاهرة صناعة فنان ليست بظاهره جديده بل لها جذور قديمة، لكن أشكالها تطورت مع الزمن ، منذ قرون تمارس هذه الظاهره في قصور الملوك والأمراء، كان هناك فنانون يُقدَّمون ويُدعَمون بقوة النفوذ والسلطة، أحياناً على حساب فنانين آخرين أكثر موهبة من المقربين للبلاط  ولكن أقل حظاً. بمعنى أن صناعة الفنان بدأت منذ أن ارتبط الفن بالرعاية حيث كان الراعي يفرض ذائقته ويصنع شهرة فنان معين ، وفي  القرنين التاسع عشر والعشرون  ومع تطور الصحافة والمجلات الفنية والمعارض، بدأت الدعاية تلعب دوراً أوضح في إبراز بعض الأسماء وتجاهل أخرى. هنا برزت “الكتابة النقدية غير النزيهة” كأداة لصناعة فنان ، هنا بدأت تكتب المقالات الدعائية عن فنانين بعينهم، وتُقدَّم أسماؤهم كأيقونات حتى لو كان مستوى نتاجهم ضعيف جدا وهنا أخذت الظاهرة طابعاً إعلامياً منظماً.
وأصبح بالإمكان “صناعة فنان” عبر تسويق أعماله بأسعار عالية وتقديمه كظاهرة، عبقريه وأيقونيه ،بفضل علاقات أو صفقات مع الأثرياء واليوم في العصر الرقمي بلغت الظاهرة ذروتها مع وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يُمكن أن يتحول شخص إلى “فنان مشهور” من خلال المتابعة والشراء للمتابعين  والإعجابات، واستضافته في برامج ثقافيه لتمجيده التي يظهر فيها جليا ضحالة ثقافته من الخمس الدقائق الآولى للبرنامج  حيث يتضح أنه لايمتلك أساساً فنياً راسخاً.
ومن اهم مايميز الفنان الحقيقي.
فالفنان الحقيقي يفرض نفسه بالموهبة أولًا، ثم بالعمل المتواصل، والبحث عن أسلوبه الخاص.وتظهر موهبته منذ الصغر، في انسياب الخطوط أو تذوّق الألوان والميل للابتكار بإبداع يحرص على تطوير موهبته  بالدراسة، التجريب، والبحث المستمر.
ما يميّزه هو أن أعماله تخرج من قلبه لتصل إلى قلوب الآخرين.
يترك بصمة، مهما كانت الظروف، لأن أعماله تتحدث عنه حتى بعد غيابه.
قد يحدث أن يحظى “الفنان المصنوع” بمكانة عالية في الإعلام، مما يضع الفنان الحقيقي في الظل.لعدة أسباب منها
1)غياب المؤسسات النقدية والفنية الجادة. التي تتسلح بثقافة فنيه عاليه
2)انجذاب الجمهور نحو البريق الإعلامي أكثر من الجوهر.
3)صمت بعض النخب الفنية، مما يفتح المجال أمام “الصناعة” لتتصدر.المشهد الفني
أي اسم في الفن يُصنع من بريق زائف قد يلمع لفترة ثم يخفت. بالرغم من انه يأخذ مكانة غيره لفترة، فإن التاريخ وحده كفيل بتمييز الأصيل من المزيّف،

التعليقات (٠) اضف تعليق

اضف تعليق

بريدك الالكترونى لن نقوم بأستخدامه.

You may use these HTML tags and attributes:
<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>