في زمنٍ ندر فيه الرجال الذين يجمعون بين النُبل والكرم، وبين الحكمة والإنسانية، يظل الشيخ عبد الله المطرود – رحمه الله – رمزًا خالدًا في ذاكرة المجتمع، وشاهدًا على أن العطاء الحقيقي لا يُقاس بالأموال، بل بالقلوب التي تُفتح للناس، وبالأيادي التي تمتد لتواسي وتُعين وتبني.
لقد كان رحمه الله رجلًا لا يعرف الحواجز بينه وبين الناس. قلبه مفتوح للجميع، وصدره واسع يتّسع لهموم المحتاجين، ويده ممدودة بالخير في كل اتجاه. لم يكن ينتظر طلبًا ليُعين، بل كان يسعى بنفسه خلف الأبواب المغلقة ليفتحها، ويبحث عن أصحاب الحاجة دون أن يشعرهم بضعف أو منّة.
الكرم في شخصيته لم يكن سلوكًا عابرًا، بل طبعٌ أصيل، عاشه ومارسه كواجب إنساني، فكان – بحق – مأوى للفقراء، وسندًا للمرضى، وعونًا للمكروبين. لم يتردد يومًا في مدّ يده، ولم يتأخر عن فعل الخير، وكان يرى في ذلك واجبًا أخلاقيًا قبل أن يكون عملاً اجتماعيًا.
أما مواقفه الإنسانية، فهي كثيرة ومتجذّرة، لا تُعد ولا تُحصى. كان يقف مع الناس في شدّتهم، ويواسيهم في محنتهم، ويحرص على أن يكون حاضرًا في كل لحظة ضعف يُمكن أن يحتاج فيها الإنسان إلى كلمة طيبة، أو دعم مادي، أو حتى نظرة حانية.
رحل الشيخ عبد الله المطرود، لكنه ترك خلفه إرثًا كبيرًا من الكرامة والعزة والرحمة. ترك أثرًا لا يُمحى، وسيرةً ناصعة يرويها كل من عرفه، وكل من طالته يده البيضاء دون أن يعلم من صاحبها.
لقد كان – رحمه الله – واحدًا من أولئك النادرين الذين لا يُعوّضون، ولا تُكرّرهم الأيام. لم يكن مجرد رجل في مجتمعه، بل كان قيمة إنسانية وأخلاقية سامية، تُمثّل معنى التكافل، والتواضع، والشهامة.
لقد كان الشيخ عبد الله المطرود – رحمه الله – أكبر من مجرد اسم أو رجل عابر في صفحات التاريخ الاجتماعي؛ كان ظاهرة إنسانية فريدة، نادرة في حضورها، وعظيمة في تأثيرها. كان مدرسة متكاملة في الكرم والتواضع والعمل الخالص لوجه الله، لا يسعى لشهرة ولا يُراهن على مديح، بل يراهن على أن يبقى وجه الله ورضاه فوق كل اعتبار.
مكانته الاجتماعية لم تأتِ من منصب، بل من محبة الناس، ومن مواقفه التي صنعتها المروءة، لا الأضواء. ترك خلفه إرثًا من القيم، ومساحاتٍ من الخير، وبصماتٍ واضحة لا تزال تنبض في تفاصيل المجتمع الذي أحبه وبادله الحب والوفاء.
إن الحديث عن الشيخ عبد الله المطرود ليس تأبينًا لرجل راحل، بل هو إشادةٌ حقيقية بقيمةٍ لا تُنسى، ورمزٍ وطني وإنساني سيظل مضيئًا في ذاكرة الزمن. فقد عاش كبيرًا، ومات مخلدًا، وسيظل نبض اسمه حاضراً في الضمائر، ودعاؤنا له باقٍ ما بقي الوفاء.
رحم الله الشيخ عبد الله المطرود، وأسكنه فسيح جناته، وجزاه عن أهله ومجتمعه وأمّته خير الجزاء. فبرحيله فقدنا أحد أعمدة النبل والكرم، لكننا كسبنا قصة خالدة تُروى للأجيال، عن رجلٍ كان للمروءة وجه، وللرحمة اسم.