في عهدٍ يفيض بالعزيمة والرؤية، يعيش المجتمع السعودي تحولًا عميقًا أعاد صياغة ملامحه، وأعاد الاعتبار لطاقة وطنية طالما عاشت على الهامش، حتى آن أوان حضورها الفاعل: المرأة السعودية. لم يكن هذا التحول وليد الصدفة، ولا استجابة عابرة لظرف سياسي أو اجتماعي، بل كان ثمرة إرادة ملكية حازمة، وقناعة استراتيجية جسّدها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله -، وعززها، على نحو غير مسبوق، مهندس الرؤية السعودية الحديثة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز – أيده الله.
اليوم، تكتب المرأة السعودية فصلًا جديدًا من قصة الوطن؛ قصة عنوانها الشراكة الكاملة، والمكانة العادلة، والدور المؤثر في بناء مستقبل لا يُقصي أحدًا، بل يستدعي كل الطاقات من أجل صناعة غدٍ أكثر إشراقًا.
لقد تبنت المملكة، بقيادة سيدي ولي العهد، مشروعًا وطنيًا شاملًا لرؤية 2030، لم يكن فيه تمكين المرأة ترفًا أو خيارًا تكميليًا، بل ضرورة وطنية، وخطوة استراتيجية نحو بناء اقتصاد متنوع، ومجتمع حيوي، ووطن طموح. من هذا المنطلق، شُرعت الأبواب، وتكسرت القيود، وفتحت فرص القيادة أمام المرأة في جميع القطاعات، دون استثناء، على قاعدة الكفاءة والجدارة.
في سنوات قليلة، تغيّر المشهد بالكامل. أصبحت المرأة السعودية صانعة قرار لا مجرد منفّذة. نراها اليوم تتبوأ مواقع قيادية في الوزارات، والهيئات، والمؤسسات الكبرى. في وزارة الصحة، وقفت الطبيبة والممرضة والفنية بكل شجاعة في الصفوف الأمامية، خصوصًا خلال أزمة جائحة كورونا، مؤكدة على ما تمتلكه من كفاءة ومهنية، وعزيمة تضاهي أعظم النماذج العالمية. أما في وزارة التعليم، فقد أسهمت المرأة، بصفتها معلمة، وأكاديمية، وقائدة، ومُشرِّعة، في رسم مسار الجيل القادم، بوعي علمي وانتماء وطني عميق.
ولم يتوقف التمكين عند القطاعات الخدمية، بل تجاوزها إلى ما كان يُعد يومًا ما حكرًا على الرجال، حيث شهدنا تعيين نساء في السلك الدبلوماسي كسفيرات للمملكة، وممثلات دائمات في منظمات دولية، وهو ما يعكس الثقة الكبيرة التي توليها القيادة للمرأة، لا بصفتها ممثلة لذاتها فقط، بل باعتبارها صوتًا ناطقًا باسم الوطن، وصورة تعكس تنوعه، وتقدّمه، ومكانته العالمية.
وفي هذا السياق، برزت وزارة الخارجية والهيئات الدولية كمساحات حضارية متقدمة، أثبتت فيها المرأة السعودية حضورًا باهرًا وجدارة استثنائية، حتى أصبحت عنصرًا فاعلًا يمثل الواجهة الجديدة والحقيقية للمملكة، بما تملكه من حنكة، وثقافة، ولباقة، واستيعاب عميق لأدق القضايا العالمية. لقد أسهمت القيادات النسائية في هذه المجالات في ترسيخ صورة حديثة للمملكة، تتكامل فيها الأصالة مع المعاصرة، وتُدار فيها الملفات الكبرى بعقلٍ سعودي خالص، تقوده كفاءات نسائية وطنية بكل فخر.
ولعلّ الفارق الجوهري في هذا التحول يكمن في شخصية ولي العهد، الذي لم يكتفِ بإصدار القرارات أو سنّ الأنظمة، بل صنع بيئة شاملة داعمة، حاضنة، ومُحفزة، ضمنت أن تكون المرأة فاعلًا حقيقيًا لا صوريًا. فالتمكين لم يكن مجرد إجراء، بل كان رؤية متكاملة، تشترط جودة التعليم، وشمولية الفرص، وعدالة التوظيف، ومرونة الأنظمة، ومراقبة التنفيذ، من أجل تحقيق نتائج ملموسة.
ولا يمكن أن نغفل حقيقة أن ما تحقق من مكاسب للمرأة، لم يكن ليتجسد لولا الدعم المالي الهائل الذي ضخته الدولة في البنية التعليمية والصحية والاجتماعية، لتحديث البيئة القانونية والإدارية، وتوفير برامج الابتعاث، والدورات التدريبية، وخلق الوظائف النوعية التي تتناسب مع قدراتها وطموحاتها. لقد استثمرت المملكة في نصفها الآخر، وربحت الرهان.
إن ما نراه اليوم من نساء سعوديات في مراكز القرار، وعلى منصات العالم، وفي مجالس الوزارات والإدارات، ليس مجرد رمزية تمثيلية، بل هو صوت عقل، ومنطق، وإنجاز. هي النتيجة الطبيعية لرؤية قيادة واعية، أمنت بالمرأة فأعطتها، واحترمت كفاءتها فمكّنتها.
المرأة السعودية اليوم لا تطالب بحقها، بل تمارسه. لا تنتظر فرصتها، بل تصنعها. ولا تقف على الهامش، بل تشارك في صياغة أولويات وطنها، ورسم مستقبله، وحماية مكتسباته. إنها ليست تابعًا، بل شريكًا في كل ما هو قادم.
ولعل الأجمل في هذه المرحلة أن ما تحقق ليس نهاية الطريق، بل بدايته. فالدعم الذي تُلقاه المرأة من سمو ولي العهد، لم يُكتب له سقف، بل هو في ازدياد مطّرد، يراهن فيه الوطن على نسائه كما يراهن على رجاله، لأن التنمية الحقيقية لا تقبل أنصاف الحلول.
في الختام، يمكن القول بثقة واعتزاز إن المرأة السعودية في عهد سلمان ومحمد بن سلمان لم تعد كما كانت، ولن تعود. فقد أصبحت قوة حقيقية، وواجهة مشرقة، ورافدًا من روافد النجاح الوطني، تكتب مع شقيقها الرجل فصلًا جديدًا من المجد السعودي، عنوانه: شراكة لا تنكسر، وطموح لا حدود له.