في كل مرة أرى أبًا يلاعب أبناءه، أو يحمل طفلًا، أو يحضّر وجبة لعائلته، أسمع همسًا ساخرًا: ما شاء الله صار عاملة منزلية! وكأن قيام الرجل بدوره الإنساني والأبوي بات مثار استغراب، أو حتى تقليل من شأنه.
لكن هل فعلًا أصبح الأب أقلّ حين أصبح أكثر قربًا؟ أم أننا نحن من اختزلنا الرجولة في الإنفاق والسلطة، ونسينا أن الأبوة الحقيقية تعني الحضور، لا الغياب، والمشاركة، لا التنصل؟
الأب الحقيقي ليس ذلك الذي يدفع الفواتير فحسب، بل من يربّي، يحتوي، يُربّت على الكتف، ويصنع الأمان. هو من يقف إلى جانب الأم لا خلفها، ويعرف أن التربية ليست وظيفة أنثوية، بل مشروع حياة.
وفي المقابل، هناك الزوجة الموظفة، تلك التي لم تعد فقط ربة بيت في المفهوم التقليدي، بل أصبحت شريكة مالية، واقتصادية، وتربوية. تخرج للعمل كما يخرج الزوج، وتعود لتكمل مهام المنزل، وتعتني بأطفالها، وتوازن بين عالمين دون كلل. ومع ذلك، تُقابل أحيانًا بتقليل من عطائها، أو تُحمّل مسؤوليات مضاعفة، وكأنها هي من اختارت أن “تزاحم” الرجل في معترك الحياة.
لكن الحقيقة أن الزوجة الموظفة لا تزاحم، بل تساند. لا تفرض نفسها، بل تقدم نفسها. هي اليد الثانية التي تبني مع زوجها بيتًا متوازنًا، والكتف الذي يحمل معًا أعباء الغلاء، وهموم التربية، وتحديات الحياة المعاصرة.
وما أحوجنا اليوم إلى خطاب جديد يُقدّر هذه الشراكة، ويرى في الزوجين فريقًا لا خصمين. أب يعتني ويحتوي، وأم تبني وتساند. لا مجال بعد الآن لفكرة “هو يعمل وهي تُربّي” أو “هي تساعد وهو يتفضل”، بل شراكة قائمة على التقدير والاحترام المتبادل.
ختامًا: شراكة لا عبء
لا الرجل يُهان إن رعى أبناءه، ولا المرأة تُلام إن دعمت بيتها ماليًّا. كلاهما يُكملان الصورة: رجل مسؤول لا يتخلى، وامرأة ناضجة لا تُهمّش. وفي زمن الأعباء المتزايدة، لا حلّ إلا بتجديد مفهوم الأسرة: مشاركة، تعاون، وتوازن.
فلنتجاوز خطاب الشفقة والسخرية، إلى خطاب الشكر.
شكراً لك دكتوره معصومه على هذه الافكار النيرة والمواكبة للتغيرات العصريه السريعة في مختلف مجالات الحياة ، ومنها الاسرة , فما أحوجنا لخطاب جديد متوازن ،يواكب التحديات التي تؤثر على بناء الاسرة والفرد .
ما شاء الله مقال رائع ويلامس الواقع
أبدعت في تسليط الضوء على مفهوم الرجولة الحقيقية، التي لا تقتصر على الإنفاق والسلطة، بل تشمل المشاركة والاحتواء.
إلى الكاتبة والدكتورة العزيزة والكريمة، حفظها الله
شكرًا من القلب على كلماتكم الصادقة والمؤثرة، التي لامست واقعًا نعيشه، وأعادت المعنى الجميل للأبوة الحنونة، وللشراكة العادلة بين الزوجين.
طرحكم كان راقيًا، يحمل وعيًا ودفئًا، ويُشكر عليه كل من يبحث عن أسرة متوازنة تقوم على المحبة والتعاون.
بارك الله فيكم، ووفقكم لمزيد من الكتابات الهادفة. تحياتي
مساء الخير دكتورنا العزيزة معصومه العبد الرضا
يسعدني أتقدم لكم كل احترام وتقدير إلى سعادتكم
محاضرة جيدة والممتازة على تقدمه من توعية و إرشاد المجتمع في الوطن العزيز على قلوبنا جميعا
يسرني متابعتكم .. ونحن جميعا في خدمة الوطن والمواطن.