يمثل مقياس موهبة للقدرات العقلية المتعددة أحد أهم الأدوات التي تُستخدم في المملكة العربية السعودية لاكتشاف ورعاية الموهوبين. وقد تم تطويره بشراكة استراتيجية بين مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع ووزارة التعليم والمركز الوطني للقياس والتقويم، ليكون معيارًا يعتمد على قياس قدرات الطلاب العقلية المتعددة بعيدًا عن الأداء الدراسي التقليدي.
ورغم أهمية المقياس في الكشف عن المواهب الوطنية، يثار جدل واسع حول موضوع تدريب الطلاب قبل خوض هذا المقياس. فبين مؤيد يرى في التدريب ضرورة للتأهيل والاستعداد، ومعارض يعتبره منافسًا للعدالة ومبدأ تكافؤ الفرص، تبرز تساؤلات تتطلب تحليلًا عميقًا.
وجهة نظر المؤيدين للتدريب:
يرى المؤيدون أن التدريب على مقياس موهبة يهدف إلى تهيئة الطلاب نفسيًا وعقليًا لفهم طبيعة الأسئلة والتعامل معها بشكل أفضل. فالاختبار غالبًا ما يكون جديدًا وغير مألوف للعديد من الطلاب، خصوصًا من صغار السن الذين لم يعتادوا هذا النمط من التفكير. ويعتبر التدريب وسيلة لتعزيز ثقة الطالب بنفسه وتقليل حدة التوتر التي قد تؤثر سلبًا على أدائه.
كما يشير المؤيدون إلى أن التدريب لا يعني تلقين الإجابات، بل تعريف الطلاب بأنماط الأسئلة وتعويدهم على استخدام التفكير التحليلي والمنطقي، وهو ما يمكن أن يكون أداة لتحسين فرصهم في اجتياز الاختبار بتميز.
وجهة نظر المعارضين للتدريب:
أما المعارضون، فيرون أن التدريب يُضعف الهدف الأساسي للمقياس، وهو قياس القدرات العقلية الطبيعية دون تدخل خارجي. فالتدريب، في رأيهم، يمنح الطلاب الذين يملكون موارد إضافية ميزة غير عادلة على غيرهم ممن لا يستطيعون تحمل تكاليف التدريب.
كما يُثار سؤال آخر حول مدى تأثير التدريب على مصداقية النتائج؛ فهل يقيس الاختبار فعلاً موهبة الطالب وقدراته العقلية أم يقيس مهارات اكتسبها بالتدريب المكثف؟
بين المؤيد والمعارض: حل وسط
قد يكون الحل الأمثل في إيجاد توازن بين ضرورة التدريب وأهمية الحفاظ على عدالة الفرص. يمكن تحقيق ذلك من خلال توفير برامج تدريبية مجانية أو بأسعار رمزية لجميع الطلاب في المدارس الحكومية والخاصة على حد سواء، بحيث يُتاح للجميع فرصة الاستعداد المتساوية.
كما يمكن العمل على تعزيز وعي الطلاب وأولياء الأمور بأهمية التدريب باعتباره أداة للتأهيل وليس للتلقين، مع وضع ضوابط تضمن عدم الإفراط في استخدامه على نحو قد يُفقد المقياس هدفه الأساسي.
ختامًا:
إن الجدل حول التدريب على مقياس موهبة هو انعكاس لتحديات أوسع تتعلق بتطوير نظام تعليمي شامل يوازن بين اكتشاف المواهب وتعزيز العدالة. وبفضل الدعم المستمر من مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع، ووزارة التعليم، والمركز الوطني للقياس والتقويم، يبقى الأمل كبيرًا في تحقيق هذا التوازن، وبناء جيل من الموهوبين القادرين على تحقيق رؤية المملكة الطموحة للمستقبل.
بين التأهيل والعدالة، تبقى الموهبة هي المعيار الحقيقي للتميز.