هل هناك فرق في التأثير ما بين القراءة الرقمية والورقية على الجانب اللغوي لدى الأطفال؟
الجواب هو: في الغالب نعم، لعدة أسباب، أهمها أن من يقف خلف الكتابة الرقمية ربما لا يكون مؤهلاً جيدًا من الناحية اللغوية، حيث لا يحتاج من يفعل ذلك سوى أن يكتب ثم ينشر دون المرور بالضرورة ببعض المراحل التي يمر بها الكتاب الورقي؛ مثل المراجعة والتدقيق اللغويَّين، وكذلك قرار النشر من عدمه من الأساس. وهذا الأمر ينطبق على المواد المنشورة رقميًّا على وسائل التواصل الاجتماعي، وهي ربما تكون المواد الأكثر قراءة من قبل صغار السن. ويميل من يكتب في هذه القنوات إلى الاختصار عند كتابة بعض الكلمات، أو حتى كتابتها بإملاء خاطئ، وهو ما تمليه السرعة التي تكتب بها هذه المواد أو حداثة سن من يكتبها.
وبينما كان الأطفال في عقود ماضية لا يقرؤون إلا من الصحف والمجلات، ولا سيما مجلات الأطفال التي كانت في الغالب تكتب بلغة رصينة، وتُراجَع وتدقَّق قبل طباعتها؛ فإنهم اليوم يقرؤون ما قد يكون كُتب من قبل أطفال ما قبل المرحلة الابتدائية، غير عالمين بصحة أو خطأ ما يقرؤون، وربما سلّموا به وهو خطأ، وهو ما كان قليلًا ما يحدث سابقًا في النشر الورقي.
وبسبب العمر الصغير لمن يتصدى للكتابة الرقمية فإن جيل الأطفال يكون محرومًا من التعرض للمفردات الراقية للأدب، والتي سطّرها كبار الأدباء، معتقدين بأن ما يقرؤون هو الأدب وهو كل الكتابة.
كما أن كتابات النصوص الرقمية غالبًا ما تكون أقصر حينما تقارن بالنصوص المطبوعة، وهو ما يعزز المستوى السطحي للقراءة، ويقلّل على المدى الطويل ما يسمى بالصبر القرائي لدى الجيل الجديد، الذي هو بحاجة ماسة إلى أن يطلع على بعض الكتب التي تسمى (أمهات الكتب) في مختلف مجالات العلم والأدب واللغة والتاريخ، حتى يتمكن من بناء أرضية صلبة لمعارفهم في مختلف العلوم.
لا ندعو إلى منع صغار السن من التعرض لوسائل التواصل الاجتماعي، بل إلى القيام بعمل مواز لذلك عبر تشجيعهم على قراءة الكتب الورقية أو على الكتابات الرصينة المنشورة رقميًّا.