دفء الحب وحدّة الجفاء يشكلان تناقضًا غريبًا في العلاقات الإنسانية، حيث قد يجد الإنسان نفسه يعامل من يحبهم بقسوة غير مبررة.
يبدو الأمر متناقضًا، ولكنه يعكس حقيقة عميقة في طبيعتنا البشرية، حين تتداخل مشاعر الاعتياد والثقة المفرطة بضمان وجودهم مهما كانت الأخطاء اتجاهاهم ، او بشاعة التصرفات معهم .
الحب، في جوهره، يحمل قوة هائلة، لكنه قد يتحول أحيانًا إلى مصدر للجفاء غير المقصود.
في رواية “المراهق” لدوستويفسكي، نجد مشهدًا بسيطًا لكنه مليء بالمشاعر.
شاب يعيش مع أمه التي أفنت حياتها في إسعاده، وفي أحد الأيام، قدمت له طبقًا من الحساء وبدأت تطعمه بيدها.
بدلًا من أن يشكرها، تذمر بغضب. بعد لحظة من الصمت، شعر بالخجل واعترف لنفسه: “ربما هي الوحيدة التي أحبها، ومع ذلك أسومها سوء العذاب.
إن الذي نحبه أكثر من غيره نعذبه أكثر من غيره.” هذا المشهد يلخص حقيقة مريرة؛ عندما نحب بصدق، قد نعتبر حب الطرف الآخر أمرًا مضمونًا، مما يجعلنا نفقد تقديرنا لتضحياته وجهوده.
ويتكرر هذا التناقض في رواية “البؤساء” لفيكتور هوغو، حيث يظهر جان فالجان، الأب الذي أنقذ كوزيت ورباها بتفانٍ وحب.
عندما دخل ماريوس حياتها، بدأ جان فالجان يشعر بالخوف من فقدان مكانته في قلبها.
وفي لحظة ضعف، تحدث إليها بجفاء وقال: “ربما نسيتِ من كان بجانبك عندما كنتِ وحدكِ في هذا العالم.” كلماته كانت قاسية، لكنها نابعة من خوف عميق على مكانته في حياتها. لاحقًا، أدرك جان فالجان خطأه واعتذر، معترفًا بأن تلك القسوة كانت تعبيرًا عن حبه وخوفه.
هذه الأمثلة تعكس ما يحدث في الكثير من العلاقات الإنسانية.
القرب يولد شعورًا بالثقة، والثقة قد تدفعنا إلى الجفاء غير المبرر.
في كثير من الأحيان، نجد أنفسنا نتذمر ممن يحبوننا لأننا نؤمن أنهم سيبقون دائمًا بجانبنا.
نفرغ غضبنا عليهم لأنهم أقرب الأشخاص إلينا، ونرفع سقف توقعاتنا منهم لأننا نراهم جزءًا من حياتنا ومن أنفسنا.
لكن الحب يحتاج إلى عناية ووعي.
علينا أن نتوقف بين الحين والآخر لننظر إلى الأشخاص الذين نحبهم ونفكر في تضحياتهم.
كلمة شكر بسيطة، اعتذار عن خطأ ارتكبناه، أو لحظة تقدير صادقة يمكن أن تكون كافية لإعادة الدفء إلى العلاقات. الحب، على عظمته، يمكن أن يتأثر بلحظات الاعتياد والجفاء، لكن الوعي والاهتمام يمكنهما أن يبقياه حيًا ومشرقًا.
وكما قال الشاعر:
“أُعلِّلُ قَلبي بالوصالِ وأملُهُ
ولكنّ حظي منكَ حُزنٌ وجَفْوَةُ.”
الحب قد يكون مصدرًا للسعادة أو الحزن، لكن الجفاء تجاه من يحبوننا بصدق قد يترك جروحًا عميقة لا تلتئم بسهولة. لذا، علينا أن نختار كلماتنا وأفعالنا بعناية، وأن نحرص على تقدير من نحبهم.
إن الحب الحقيقي هو أعظم ما يمكن أن نمنحه أو نحظى به، لكنه أيضًا الأكثر هشاشة إن لم نرعَه بحب ووعي. إن الجفاء، مهما بدا عابرًا، قد يترك جروحًا لا تندمل بسهولة في قلوب من يحبوننا بصدق.
فلا تدع مشاعر الغضب أو الاعتياد تطمس جمال الحب في حياتك، ولا تنسَ أن القلوب التي تسكنها مشاعر صادقة تحتاج إلى تقدير واحتواء دائمين.
الحياة أقصر من أن نهدرها في كلمات قاسية أو لحظات من الجفاء.
كن دائمًا اليد التي تمسك بشعلة الحب، واحرص على إبقائها مشتعلة، لأن الحب، في جوهره، هو ما يجعل الحياة تستحق أن تُعاش بكل عمقها وجمالها.
استمتع بقراءة كتاباتك فهي رائعه تروي احداثاً من واقعنا
سلمت يداكي استاذه امل 💕
دائماً مبدعة ومتمكنة كلامتك تلامس الروح الله يسعدك
من أروع ماقرأت في فلسفة الحب ، لا عدمنا ابداعك
ماذكر في المقال واقع ملموس لمن لايشعرون بقيمة الحب في معانيه والحياة الجميلة التى لاتسير في كوكبة أضاءة الخير
حتما ستسقط ولايشعر بجمال الحياة
موضوع ملهم، وفاتح للكثير من أبواب الكتابة في العلاقة الأزلية بين الرجل والمرأة. سلمت يداك. قدما أستاذة أمل.
رآئع بارك الله فيك
التعليق
التعليق
مقالة ولا أروع لغة وسلاسة ومعنى وثيمة.
كل الشكر والتقدير للكاتبة المبدعة وللصحيفة الموقرة.
ولمثل هذا فليعمل العاملون.
🌹❤️
التعليق
ماشاء الله تبارك الرحمن درر أ/امل سلمت يمناك وفكرك الراقي ومشاعرك الصادقة❤️♥️♥️♥️