لو طرحنا سؤالا في وقتنا الحاضر لأي امرأة تعيش في وسط أسرتها الزوجية وليس لديها وظيفة عمل خارج كيان الأسرة ماذا عملتي اليوم؟ فسوف يكون جوابها لم أعمل شيئا على الإطلاق فأنا مجرد ربة منزل .. ! فهذه الجملة القصيرة تعبيرا عن التحيز للنموذج المعرفي المادي في الحضارة المعاصرة لمفهوم العمل الذي يتقاضى الإنسان عنه أجرا خارج منزله في دوامة الحياة العامة ويتم وصفه بالإنسان الاقتصادي فهو إنسان مُنتج ومُستهلك في عالم السوق ويمكن أن تُقاس نواتجه، وأما في دوامة الحياة الخاصة فالإنسان يكون إنسانًا يقوم بنشاطات وأعمال إنسانية لا يمكن في الأغلب قياس الناتج منها من منظور اقتصادي، فالزوجة التي لم تفعل شيئا من منظور مادي اقتصادي فهي فعلت الكثير من منظور إنساني قيمي فجاء الجواب أنا مجرد ربة منزل.. !
فربة المنزل هي المرأة التي تختار أو تجبرها الظروف على وظيفة العناية ببيتها والاهتمام بشؤون أسرتها وإدارة كافة أمور حياتهم وتقوم بمهام تربية الأطفال والتنظيف والطهي والترتيب، وتبدو ظاهرة ربة المنزل ملازمة كتقسيم جنسي للعمل في كل الحضارات والثقافات والمجتمعات القديمة والحديثة إلا أن هذه التقسيم يحرم المرأة من وجهة نظر الاقتصاديين من دخولها في الناتج المحلي الإجمالي ،واعتبارها في الأرقام الاقتصادية عاطلة عن العمل ومستهلكة غير منتجة وأنها طاقة غير مُستفاد منها في عالم السوق للنموذج الذي تنظر إليه المؤسسات الثقافية والاقتصادية.
فمفهوم عمل المرأة هو مشاركتها في الوظائف والأعمال المناسبة لقدراتها الجسدية والنفسية في مختلف المجالات الخارجية المتاحة التي تستطيع من خلالها إثبات ذاتها والاعتماد على نفسها في تلبية احتياجاتها من السوق الاستهلاكية والارتقاء بالمجتمع والاقتصاد، إلا أن هذا المفهوم زاحم المرأة وحدَّ من قدرتها على المُواءمة والتوازن بين الوظيفة الخاصة في البناء الأسري والوظيفة العامة في البناء الاقتصادي مما أدى إلى إشكاليات مختلفة ونسبية في كل مجتمع وثقافة وحضارة وبحسب الأولويات والأيدلوجية.
لقد بات مفهوم “أنا مجرد ربة منزل” من المفاهيم التي تُقلل من قيمة المرأة في مجتمعها ومُحيطها الأسري وتُلغي ذاتها وتجعلها عالة على غيرها في عالم السوق الاستهلاكية ،مما يضطرها إلى إعادة تموضعها وتمركز وجودها في ظل غياب الأنظمة والقوانين التي تحمي كينونتها وتُلبي احتياجاتها في الحاضر والمستقبل دون أن تكون مرهونة لغيرها ،ولا سبيل لذلك إلا من خلال الاعتراف بوظيفة ربة المنزل كوظيفة أساسية في برامج قُوى العمل والإنتاج ويتم تسجيلها واحتسابها من ضمن الوظائف التي تستحق عليها دعما حكوميًا وأسريا وراتبًا شهريًا ضمن آليات وقوانين الأحوال الشخصية ،ويتم تسجيلها ضمن برامج التأمينات الاجتماعية للحصول على الراتب التقاعدي ضمن تصنيف قواعد الحماية لوظيفة ربة المنزل.
أخيرًا لابد أن نعي أن الحلول الجانبية والهامشية التي أوجدها سوق الاستهلاك لمعالجة غياب وظيفة ربة المنزل لا يمكن أن تُؤدي دورها الحقيقي من خلال استقدام العمالة المنزلية والأجهزة الكهربائية والأكل السريع ودُور ضيافة وحاضنات الطفولة وغيرها ،فقد تكون حلولا آنية لمستقبل قاتم الألوان لا ينفع معه إعادة التصحيح ولا الاستمرار ،والطريق الأقصر والمباشر هو إعادة هيبة ومفهوم ربة المنزل لمن اختارت أن تكون مَدْرسة لبيتها مع الحفاظ على حقوقها في إثبات الذات وتمكين القدرة المالية لها على مجاراة سوق الاستهلاك ،والمساواة مع الموظفين والموظفات في عائد التأمينات الاجتماعية بعد سن التقاعد من دَوْر الرعاية في الوسط الأسري.
التعليق
المجتمع الذكوري المريض هو الى قلص دور ربه المنزل في حدود مهام المنزل بينما هى ابعد من ذلك. وهنا تُكرم جهود استاذنا الفاضل على اختيار الموضوع.ولكن عذرا بيما انكم ربطتم دور ربه المنزل بقُوى ومنحها راتب مقابل دورها في نظركم هذا تكريم لهذا الدور .. الاولى تكريمها معنويا وليس ماديا لو حصلت ربه المنزل على الاحترام والتقدير مقابل هذا الدور بمعنى اخر أحساس الطرف الاخر بأهميه هذا الدور هو النقظه الأهم ..
برأي فرض راتب ع الدور هو إهانه وليس تكريم ..
بورك سعيك بو محمد 🌷
ربة المنزل الواعية هي اكثر عطائاً ودعما للجانب الإقتصادي. ربة المنزل الواعية تربي أفراد واعيين ومتزنين يسعون بهمة ويدركون قانون الأخذ والعطاء فيسعون للانتاج حتى ينالوا استحقاقاتهم. اما ربة المنزل التي تقول أنا مجرد ربة منزل فيخاف عليها وعلى عيالها أن يكونوا عالة في قانون الاقتصاد
ربة المنزل وظيفة ليس بالسهلة ابدا فالعمل خارج المنزل اسهل بكثير من ادارة المنزل بمن فيه، ولذلك تستحق ربة المنزل بجدار التأمين المالي ولا يهم ماينظر لها الماديون والثقافيون في نظرتهم الاقتصادية لاننا ندرك إن قانون الحياة قوامه الأخذ والعطاء فما دمت لا تعطي لن تأهذ والعكس صحيح. اما تلك التي تقول انا مجرد ربة منزل فيخاف فعلا ان تكون عالة لأنها لا تدرك قيمة ما تقدم حتى تستقبل. نسأل الله أن يبارك سعينا جميعا في هذه الدار و يوسع من ارزاقنا ويعينا على تأديه حقوق الله علينا فيما وهبنا.
بارك الله فيك سيدنا الكريم ابومحمد ،لهذا الطرح. هناك خوف من الكثرين من القائمين كأرباب الاسر في حال قبل هذا المطلب وهو سيتعامل مع هذا الإنسان الأم ( كمربية ) مدفوعة الآجر وهذا سيمحو كينونة الأم المعطاءة و التي تعلم أبنائها الدروس في الإخلاص و التضحية و العاطفية إلى آخره بأسم الأجرة او الراتب او الراتب التقاعدي وتبقى الام اسيرة هذه المادة والتي تستحق اكثر بمليون مرة من هذا الآجر ولاننسى كيف كافئها الدين الحنيف ويبقى الوفاء لها و الإعتراف بحقوقها كما يجب.
من وجهة نظر خاصة ( الوظيفة خارج المنزل ايضا مهمة جدا لها لكي تتعلم فوق العلم والتحصيل الأكاديمي تعلمها علم الحياة علم التعامل مع المواقف مع الظروف الى آخره و بهذا تزداد قوة في صنع الرجال والسيدات لما يتطلبه هذا الزمان ويواكب التغيرات. المطلوب فقط التوازن بين الوظيفتين ( المنزلية و خارج المنزل ) لمن يستطع. ولك الشكر الجزيل.
الموضوع هام جدا ويجب فهم الدور الحقيقي لربه المنزل وتأثيرة علي علي المجتمع وفعلا يجب إعاده النظر لتقييم ودعم ربه الكنز حيث انها عامل اساسي في إعداد وتقديم جيل يفيد المجتمع والإنسانية كلها .
تحية خاصة لسيادتكم لطرح هذا الموضوع الهام.
والنظر والبت فيه واجب
هالخدم ما يجونك الا بعد ما تدفع الي دونك وحواليك مب مثلات اول