أكد الكاتب الروائي عبدالله بن محمد العبدالمحسن أن العلاقة بين الأدب والتاريخ علاقة تكاملية، فالأدب يصور حياة الناس والتاريخ يسجل ما يحل بهم من حروب وكوارث وتغيرات سياسية، وما يسجله التاريخ يشكل مادة خصبة للأدب خاصة الرواية.
وأضاف “العبدالمحسن” خلال محاضرة قدمها بعنون “الرواية تكتب التاريخ” في جميعة أدباء الأحساء: الرواية هي أهم أشكال الأدب التي تتجلى فيها هذه العلاقة الوطيدة، حيث تتناص الرواية والتاريخ ويتقاربان، لأنهما يدوران حول محور واحد هو الإنسان والمجتمع.
فالمؤرخ يسجل الوقائع، يدرسها باحثا عن الأسباب المؤثرة في صنعها ليستخلص الدروس، وقد يتعرض للحياة الاجتماعية والأنشطة الاقتصادية السائدة، وقد يحصي السكان ويصف حالهم ويعنى ببعض التفاصيل، لكن تظل سردا تقريريا خاليا من النبض بخلاف الروائي الذي يتجاوز ذلك.
الكاتب يجعلنا نعيش تلك الحياة ونتفاعل معها، يطوف بنا في الأسواق والطرقات، نرى الناس والسلع، ندخل المجالس والبيوت، نرى معمارها وأثاثها، نسمع أطراف الأحاديث الدائرة فيها، الكاتب لا يتركنا واقفين أمام السوق ليحدثنا عن السلع وأسعارها ومن أي البلدان تستورد كما يفعل المؤرخ، الأديب يدخلنا السوق ويطوف بنا بين ممراتها ويوقفنا أمام واجهات المحلات ويسمعنا الحوار الدائر بين البائع والمشتري.
وأردف: والأديب لا يوقفنا خلف أسوار البساتين ليخبرنا متى زرعت أشجارها، أو يقدم لنا إحصاء بعدد أشجارها وأنواعها، ولا يحدثنا عن نظام ملكيتها قائم على الإقطاع أو الرأسمال كما يفعل المؤرخ، بل يدخلنا البساتين لنستمتع بخضرة النخل وشذى الأكمام وعبق زهر الليمون ورائحة الطبائن.
وقال: الوقوف على الكوارث والحروب العالمية يستوجب منا قراءة أعمال روائية، فالأطر الزمانية والمكانية سمة مشتركة بين التاريخ والرواية، وليست سردية التاريخ وحدها التي تهتم بها، الرواية أيضا تولي الأطر الزمانية والمكانية اهتماما كونها أطرا تجري بينها الأحداث وتتحرك الشخصيات.
وأفاد “العبدالمحسن” بأن الرواية ليست وثيقة رسمية، ولا دراسة علمية تحتوي على تسلسلا زمنيا، بيد أن مؤشرات زمنية كثيرة مبثوثة في الروايات ماثلة في أمور كثيرة في الأخبار المتواترة في الأحاديث، في الطعام والأزياء ومعروضات السوق والمباني والطرقات وأنماط الأنشطة الاقتصادية والتحولات الاجتماعية والاقتصادية.