تتفاوت علاقات الكُتّاب بزوجاتهم بين السلبية والإيجابية، ما بين مشجعة للقراءة لدرجة التنازل عن حقوقها، ومثبطة لا تكاد تطيق رؤية أو وجود كتاب في البيت.
ويقال إن زوجة الفيلسوف سقراط أذاقته المر في حياته بسبب علاقته بالكتب، حيث كانت تصرخ فيه باستمرار وتحدثه وهو مشغول عنها بالقراءة والكتابة، ومرة سكبت عليه ماء من وعاء كبير فقال حينها: “أبرقت ثم أرعدت ثم أمطرت”. رغم أن هناك من يخالف هذا الرأي ويقول إنها هي التي كانت تنفق على البيت في حين كان هو مشغولًا بالحوارات الفلسفية مع الناس في الأسواق والشوارع. لكن سقراط كان رغم ذلك يقول: نصيحتي لك هي أن تتزوج، فأنت إن وجدت زوجة صالحة فستسعد، وإن لم تجد فستصبح فيلسوفًا.
وفي المقابل هناك أمثلة على زوجات ضحّين من أجل أزواجهن، مثل سوزان زوجة عميد الأدب العربي الأستاذ طه حسين، وهي الفرنسية التي تركت بلادها وأهلها لتتزوج من شخص ضرير، وذلك حتى قبل أن يصبح مشهورًا، فكانت عينَيه اللتَين كان يرى ويقرأ بهما العالم كما قال هو نفسه عنها.
ورغم قدرتها على الكتابة فإنها لم تنشر لها كتابًا إلا بعد وفاته، وكان عنوانه أيضًا دالًّا على وفائها له (معك)، حيث استغرقت في كتابته عامين؛ وقد كتبته بالفرنسية التي تجيدها ثم ترجم للعربية.
ومن منا لا يعرف الأديب اللبناني الشهير ميخائيل نعيمة (1899-1988) وهو أيضًا فيلسوف وروائي ترك أثرًا كبيرًا في الأدب العربي، فقد كانت له ابنة أخ رفضت الزواج مفضلة البقاء إلى جانب عمّها لدعمه في مسيرته الأدبية، معتبرة ذلك بمنزلة الخدمة للأدب.
أما الروائي المصري الأستاذ نجيب محفوظ فقد كان لزوجته (عطية الله) دور مهم في مسيرته الكتابية، حيث إنه لم يكن اجتماعيًّا بطبعه، ولذلك فقد ساعدته كثيرًا بتفهمها لوضعه وتوفير الظروف المناسبة له للكتابة، وأصبحت- كما قال عنها ذات مرة- عطية من الله، “وإن كان لأحد فضل في المكانة التي وصلت إليها، فزوجتي في المقدمة”.
أما الكاتب الروسي فلاديمير نابوكوف (1899–1977) فقد كان لزوجته فيرا سلونيم دور محوري في بروزه ككاتب، حيث كانت تطبع كتبه على الآلة الطابعة، وتتواصل مع دور النشر لطباعتها، ثم تساعد في انتشارها، وذلك بعد قصة حب بينهما وثّقتها الرسائل المتبادلة بينهما.
بل إنها كانت تساعده في الكتابة، وكانت سائقة له، وعندما توفي ترجمت بعض كتبه إلى لغات أخرى.
وقد كانت زوجة الكاتب والروائي غابرييل غارسيا ماركيز، واسمها (مرسيدس)، تقف خلفه داعمة إياه بمختلف السبل، حيث باعت عددًا من مقتنيات البيت لإرسال روايته إلى دار النشر، حتى وصل بها الحال من قلة المال إلى بيع خاتم زواجهما.
وربما تركت الكتابة والقراءة أثرها في الكاتب فجعلت مزاجه سيئًا جدًّا، فانعكس على حياته الزوجية، كما فعل إرنست همنغواي، الذي طلق ثلاث زوجات.
ومثل دستويفيسكي الذي أحب واحدة ثم تزوجها بعد مدة من تمنعها، وبعد أن تزوجها تركها ولاحق ثانية أذلته ولم تقبل أن تتزوج به، فتزوج من ثالثة كانت ترهن بعض ممتلكاتها لكي تصرف على مأكله ومشربه.
أما الكاتب تشارلز ديكنز فبعد أن تزوج وأنجبت له زوجته عشرة أبناء وعاشت معه أكثر من عقدين ونصف من الزمان، طلقها وعاملها بكل سوء.
التعليق
تحياتي لك .. يوسف أحمد الحسن.