عندما قالت الكاتبة بدور كلداري إنها لا تستطيع النوم، “أريد أن أكمل قراءة الكتاب حتى لا أنام وأنا ما زلتُ تلك الجاهلة”، رد عليها هاينرش هاينة: “نمت وأنا أقرأ كتاباً مملاً، ورأيت في المنام أني لا زلت أقرؤه، فاستيقظت من الملل”. لكن أحد محبي الرازي الذي كان يتلصص، رد عليهما فورًا: إن الرازي “كان حريصًا على القراءة مواظبًا عليها خاصة في المساء، فكان يضع سراجه في مشكاة على حائط يواجهه، وينام في فراشه على ظهره ممسكًا بالكتاب، حتى إذا ما غلبه النعاس وهو يقرأ سقط الكتاب على وجهه فأيقظه ليواصل القراءة من جديد”. هكذا هي بعض أحلام اليقظة للقراء الذين لا يشبهون في شيء محبي الماديات.
يقول الدكتور محسن الرملي، الروائي العراقي وعاشق القراءة: أكثر شيء فعلتُه في حياتي هو القراءة، وأجمل شيء فعلتُه في حياتي هو القراءة، وأتمنى أن يكون موتي كموت الجاحظ تحت الكتب، وأن يكون عالَم ما بعد الموت كما تخيّله بورخيس: مكتبةً كبيرةً. أما الشيخ علي الطنطاوي، رحمه الله، فقد كان يقول إنه قضى سبعين عامًا “إلا قليلًا، أصرف فضل وقتي كله في القراءة”، وقال في مذكراته إنه قد يمر عليه يوم يقرأ ثلاثمئة صفحة. وعندما أراد مؤلف كتاب تاريخ القراءة ألبرتو مانغويل أن يتحدث عن علاقته بالكتب قال: إن الرغبة في اقتناء كتاب هو دافع ذاتي لأن تكون جزء من شيء أعظم منك.
لكن من أغرب أحلام العاشقين للقراءة هو ما تمناه الروائي ماركيز؛ بأن يصاب بالألزهايمر حتى يعيد قراءة الأعمال الكلاسيكية الكبرى ويستمتع بها ثانية كما استمتع حين قرأها للمرة الأولى. ولم يكن أعجب منه سوى الروائية تريسي شفالييه (كاتبة رواية الفتاة ذات القرط اللؤلؤي) حينما أجابت عن سؤال حول القدرة الاستثنائية التي تحلم بامتلاكها: “القابلية لأن تقرأ بسرعة كل كتاب في العالم والقدرة على تذكره”.
*الشيء الوحيد الذي يؤسفني هو أنه لن يكون لدي الوقت لقراءة جميع الكتب التي أريد قراءتها. فرانسواز ساجان (أديبة فرنسية)