الرجولة مُصطلح يعكس الصعوبة وبذل الجهد والمكابدة وتقديم التضحيات من أجل الوصول إلى أعلى درجات ناتجها كمخرج إنساني اتجاه الأنا والآخر ،فهي الأخلاق والقوة والشجاعة والمروءة والكرم والحِنكة والعاطفة والأمن والثقة والاحترام ،والكثير بحسب كل ما تقتضيه كل بيئة اجتماعية وتنشئة تربوية صالحة وقيم دينية أصيلة واحتياجات شخصية مشروعة.
وهذا المصطلح تباينت وجهات النظر وتعاكست بل وتشددت حول أحقية وصفه وخصوصيته للذكر فقط أم أنه مفهوم شامل خارج إطار نوع الجنس ،وأنه مُرتبط بتحقيق مُخرجات الرجولة لأي من كان ذكرا أم أنثى من كل المراحل العمرية للطرفين ،وأن مُهمة المؤسسات التربوية والتعليمة والاجتماعية والتشريعية والرقابة الأخلاقية والدينية تماهت في تحقيق غاية المصطلح لجميع الفئات دون النظر لتاريخ نشأته أو انحيازه وأحقيته لطرف دون آخر ،بل وفق فهم القراءة المعاصرة لتطور تأريخ المصطلح واتساع مضامينه.
والعلاقة الزوجية تُعتبر من أهم رأس المال الاجتماعي في المجتمعات العربية والإسلامية ويُشكل العنف إحدى ظواهر ثقافة التمييز بين الرجل والمرأة مُنطلقة من مفاهيم القوة والضعف والكمال والنقص والمركز والهامش ،ومُستمد ذلك من التأريخ الاجتماعي والفهم الديني والتراكمات التي بُنيت عليها في العقل اللاواعي ،وأصبحت ثقافة متجذرة وإرث لا يتم التنازل عنه ،وبُتنا نشهد تطورا لافتا حول نمط رُجولة منبوذة في نطاق العلاقة الزوجية ،وهو نمط “الرُجولة المضطهدة” من أحد طرفي العلاقة على الآخر الذي يُراد منه الطاعة والانصياع والتوجيه والتحكم به في كافة شؤون الأسرة والأبناء وحتى في المسار الشخصي والاجتماعي.
وبات المُضْطهد يُعاني من أزمة تَنمر وعنف نفسي والرغبة الجادة في محاولة النضال ضد مكافحة الاضطهاد كمرحلة أولية ثم الخروج من دائرة العلاقة كمرحلة نهائية.
“فالرجولة المضطهدة” تُعاني من مستوى تدني ثقافة تبادل وتوزيع أدوار الرجولة بين طرفي العلاقة داخل الأسرة ومن عدم القدرة على استيعاب جُملة الأسباب الاجتماعية والمتغيرات التي طرأت عليها في بُنية الرجولة التقليدية وتحولاتها والحريات الفردية والحقوق الإنسانية.
وأيضا الأسباب الاقتصادية التي جعلت طرفي العلاقة قادرا على توفير احتياجاته وتأمينها على المستوى الشخصي والأسري ،وجُملة الأسباب القانونية من التشريعات والتنظيمات الحديثة التي تُؤصل هوية كل طرف أمام كل ما حوله.
وأخيرا الأسباب النفسية من التنشئة الأسرية والاجتماعية مُنذ الولادة حول الذاتية وتحمل المسؤولية الشخصية وتنمية المهارات وإبرازها على مستوى الفرد الجماعة.
لا شك أنه سوف تستمر تداعيات الاختلاف الجنسي والربط بين مفهوم الرجولة والسيادة ورسوخ نظام الثنائيات في الأجساد والبنيات اللاشعورية الاجتماعية والتاريخية في تفاعل حداثة اضطراب مفهوم “الرجولة المضطهدة” من أحد طرفي العلاقة ،بسبب كون العقل الاجتماعي المُثَبت من الفوارق والتمييز عجز عن تغيير قواعد اللعبة من أجل خلق رؤوس أموال اجتماعية جديدة ،وسَعَى جاهدا إلى ترميم رمزية الذُكورة أمام الأنوثة وخطرها عليه ،ونسي قيمة التكامل والاندماج الذي يُفترض أن يكون ركيزة العلاقات الزوجية خارج معنى السقوط والتملك والسيطرة.
فالحب داخل مؤسسة الزواج محكوم بشرط الإخلاص وتضحية كل واحد منهما للآخر ،وبذل كل أنواع العطاء وتبني الرجولة المشتركة وتنميتها واستثمارها وتحديثها بما يُناسب جوهرها والعمل على منع شيطنتها وعنفها وشعور الاضطهاد من أنانية الآخر بالتفرد بها.
تلك ضريبة التمدن و الانجراف حول مفهوم المساوة بمفهومها السطحي
أحسنت ابو محمد مقال رائع
احسنت النشر
احسنت النشر .
مقال جميل جدا . في مروري اليومي في التوك توك وبنظرة شامل أرى أن ذكور العالم ربما يشعرون بحسرة ويتندرون على أيام ( سي سيد ) ويتطلعون بإعجاب إلى حالة البداوة التي تشعرهم برجولتهم وقوتهم وسطوتهم السابقة 😀
شخصيا أصبحت معجب بشخصية
غليص ولد رماح فهي تحقق لي بعض من شخصية الرجل الشرقي القوي والقادر .
كلما كبر الإنسان في العمر زاد حبه لحالة القوة التي كان عليها في صباه
ولذلك يحب ( المصارعة الحرة ) 😀😀😀
تحية لك أيها الأستاذ الكبير بكر العبدالمحسن فقد حرك مقالك الكثير من رواكد قلبي ❤️
سالفة الرجولة عند الجنس الأخر فتحتاج إلى مزيد من الوقت والتربية والتدريب حتى تشعر الأنثى برجولتها هي لا تزال تحبذ أن تكون في الظل إلا ما رحم ربي 🙏
مقال رائع
التعليق
أحسنت سيدي أبا محمد . . مقال جميلٌ في غاية الروعة . . . أتصور التصدع في داخل الأسرة أتصور ليس باسترجال المرأة وإنما بعدم فهم كل واحد حدود دوره وهذا المفهوم لا يأتي هكذا وإنما باللجوء االى دورات تعليمية وورش عمل مكثفة من خلال ذلك يرتأب الصدع وتقرب الأفكار لبعضها البعض . .!!!! كم انتَ رائع سيد بكر شككككككرا لقلبك الجميل ويراعك الأجمل !!