العمل السياحي عمل متداخل ولن تقوم به الحكومة لوحدها ولن يقوم به القطاع الخاص لوحده وهو مجموعة عمليات مشتركة ترتبط بالإنسان والمكان وإذا تم التخطيط وفق أسس علمية فستكون النتائج مبهرة ومرضية للجميع وتنعكس على التنمية ويستفيد المجتمع المحلي الذي هو محور العمل السياحي.
وأوضح رئيس مجلس إدارة جمعية الإعلام السياحي والخبير الدولي في الإعلام السياحي “خالد آل دغيم” لـ “الواحة نيوز” أن السياحة أصبحت في العصر الحديث ذات طابع دولي ومأمون المخاطر وقد أدى ذلك إلى زيادة تنقل السياح المتواصل بين أنحاء العالم، وأصبحت السياحة قطاعاً هاماً وكبيراً بالنسبة لاقتصاديات الدول حيث حرصت دولاً كثيرة على التسهيل لمواطنيها بغرض السياحة لزيادة اطلاعهم وثقافتهم والاستمتاع بأوقاتهم والتخلص من الضغوط الناجمة عن العمل والعلاقات الاقتصادية والاجتماعية، ودخلت بعض الدول في منافسات مع دول أخرى لإبراز مفاتنها من كافة الوجوه بغية جذب السائحين إليها الحاملين مبالغ مالية لصرفها داخل بلدانهم في صناعة مربحة ونظيفة مما يجعلها من أهم القطاعات الاقتصادية لدى معظم الدول.
وعن مفهوم السياحة قال آل دغيم: مفهوم السياحة واسع ومرتبط بعدد من الأنشطة كالإيواء والطعام والنقل ولذا نشاطها له جوانب اقتصادية مختلفة ومتقدم بتقدم وسائل هذه الأنشطة. وعرفت السياحة من الأكاديمية الدولية للسياحة بأنها صناعة تتعاون على سد حاجات السائح كما عرفتها الجمعية الوطنية البريطانية للسياحة بأنها ذلك الجزء من الاقتصاد القومي الذي يعني باستضافة المسافرين الذين يزورون أماكن خارج البلاد التي يقيمون أو يعملون بها.
وأضاف “آل دغيم”: وهناك رابط بين العمل السياحي ودوافع الجذب السياحي وفق الدوافع والحاجات حسب علم النفس الحديث الذي يؤكد أن الإنسان عندما يسعى لإشباع حاجاته فإن هناك قوة داخلية تحركه لكنها غامضة وغير محددة ولكن تصبح هذه الدوافع والحاجات رغبات يلزم تحريضها وتحريكها عن طريق الإعلانات أو التسويق السياحي حيث أن السياحة لدى الإنسان تأتي لإرضاء حاجة إلى الترويح عن النفس أو التقليل من الضغوط النفسية الناتجة عن العمل والتخلص من روتين الحياة ورتابتها، وفي جانب الحاجات المعرفية وحب الإطلاع والفضول مثل زيارة الآثار والمتاحف وحضور المهرجانات والحفلات، وأوضح آل دغيم إن الإعلام السياحي يقوم بتقديم الدليل المادي لصناعة السياحة من خلال وظيفته الأساسية وهو التعريف بما يحتويه البلد من معالم سياحية سواء كانت طبيعية أم أثرية تاريخية أم فندقية أو أي مظهر أو مجال من مجالات الجذب السياحي وذلك باستخدام كافة الوسائل الإعلامية أو الاتصالية المتطورة من أفلام وإعلانات قادرة على جذب السياح الأجانب وكذلك مواطني البلد وبالتالي فالإعلام السياحي صفة لازمة ومحورية للصناعة السياحية .ويرتبط الإعلام بتنمية السياحة من خلال وسائلة المختلفة أو الترويج بوسائله المقروءة والمسموعة والمرئية والمعارض والأفلام والمطبوعات وغيرها .
واستطرد آل دغيم حديثه عن مفهوم الإعلام السياحي حيث قال: هو أحد أشكال الإعلام المتخصص ويعرف بأنه كافة أوجه الأنشطة الاتصالية المخططة والمستمرة التي يمارسها إعلاميون متخصصون بهدف تزويد الجمهور بكافة الحقائق والأخبار الصحيحة والمعلومات السليمة عن القضايا والموضوعات والمشكلات ومجريات الأمور المتعلقة بالسياحة بطريقة موضوعية وبدون تحريف عن طريق وسائل وأشكال الاتصال المختلفة وبكافة الأساليب الفنية للإقناع والتأثير من أجل تنمية الوعي السياحي لدى الجمهور من ناحية ومن أجل اجتذاب أكبر عدد من الأفراد للإقامة بعيدا عن موطن إقامتهم سواء داخل البلاد أو خارجها من ناحية أخرى.
ومن خلال هذا المفهوم الشامل للإعلام السياحي يلاحظ ما يأتي:
1- أن الإعلام السياحي ضرورة ملحة لا يمكن الاستغناء عنه لتعريف جماهير السياحة من شركات ووكالات وجماهير وسائحين بالجهود التي تبذل في هذا الميدان الحيوي المهم وترغيبهم في الزيارات المتكررة المريحة ولهذا يكمل الإعلام السياحي العمل السياحي وبدونه لا يتحقق الرواج السياحي.
2- أن الإعلام السياحي هو نشاط اتصالي له سماته وخصائصه ووسائله ويستخدم كافة الوظائف للإخبار، والتفسير والإقناع والتوجيه والتوعية والتسلية والخدمة في إطار السياسات الإعلامية والسياحية للمجتمع لتحقيق أهدافه.
3- يتسم الإعلام السياحي بالصدق والدقة والصراحة وعرض الحقائق الثابتة والأخبار الصحيحة عن مختلف المحفزات السياحية كالمنجزات والخدمات والتسهيلات والمعالم السياحية وظروف المناخ والبيئة السائدة وبدون تحريف وبأسلوب يستهدف الشرح والتبسيط والتوضيح للحقائق والوقائع.
4- يهدف الإعلام السياحي إلى توعية أفراد المجتمع وتثقيفهم وزيادة وعيهم السياحي بصورة عامة وإلى التأثير في تفكير وإدراك واتجاهات السائح المرتقب من داخل المجتمع أو خارجه من أجل اجتذاب أكبر عدد ممكن من السائحين.
5- إن الإعلام السياحي نشاط ابتكاري يحتاج إلى ذكاء ومرونة في التخطيط والتنفيذ وفي إجراء الدراسات المختلفة للتعرف على كافة الظروف الخاصة بالسائح والتي تؤثر على إدراكه وقراراته السياحية.
6- يحتاج الإعلام السياحي إلى الاستمرارية والمثابرة والاجتهاد والقدرة على الصمود أمام المنافسين وذلك لأنه من الأنشطة التي لا يمكن أن تظهر ثمارها بسرعة.
وعن المشاكل التي يعاني منها الإعلام السياحي قال آل دغيم:
1- ضعف وسائل الإعلام التقنية الموائمة للتقنيات العالمية المرئية والمسموعة والمرئية.
2- عدم وجود برامج سياحية تعرض آثار ومناظر المناطق المراد تحقيق السياحة بها.
3- عدم الاهتمام بالإعلان والترويج السياحي أو وجود دليل سياحي يتواصل مع السياح ويعرفهم على مناطق الجذب السياحي في البلد.
4- عدم الاهتمام بالمعارض والمهرجانات والإعلانات التي لها دور كبير في تشجيع السياحة وتزيد انتشارها.
5- الافتقار إلى خطط تدريبية مدروسة وموجهه لتنظيم الرحلات السياحية وترشيد الدليل السياحي لممارسة دوره بالطريقة الأفضل.
6- عدم معرفة الوقت المناسب لبث رسائل الإعلام السياحي.
7- اختيار وسيلة إعلامية غير مناسبة ولا تفي بالغرض ولذا فإن اختيار الوسيلة المناسبة خلال الفترة الزمنية المطلوبة مطلب للنجاح.
8- عدم دراسة طبيعة الجمهور المستهدف قبل بدء الحملة الإعلانية.
وعلى اعتبار أن الإعلان السياحي وظيفة من وظائف الإعلام لذا يلزم أن نستعرض مجموعة من الخصائص منها :-
1- أن تكون الرسالة متجانسة مع عادات وتقاليد وتاريخ وقيم المجتمع الذي نخاطبه.
2- أن يعتمد على الحقائق والبيانات الصادقة المعبرة فعلاً عن الخدمات السياحية بدون مبالغة.
3- أن تعبر عن ما يتضمنه هذا المنتج السياحي من محفزات وعناصر جذب للسياح وتدفعهم إلى الزيارة وزيادة الإنفاق. وعليه يلزم مراعاة أن الإعلان في الغالب لا يركز على المنطقة الرمادية في الدماغ بقدر ما يعتمد على إثارة المشاعر وتتهيج النفوس للزيارة والسياحة في هذه المنطقة أو المكان ويلزم أصحاب القرار والمستثمرين في صناعة السياحة معرفة أن الهوية السياحية للمنطقة هي أقوى سلاح تسويقي وتعتبر بمثابة الوشم الذي يميز حامله فمنذ ذكر أي بلد يقفز إلى ذهننا صور معينة له ولذا الصور السياحية تتكون من مكونين رئيسيين الأول له علاقة بالمدركات والحقائق الأكيدة وعليه فالمسألة لها جانب عاطفي وآخر معرفي.
وأظهرت الدراسات والأبحاث إن المكون العاطفي هو أكثر أهمية من المكون المعرفي بالنسبة للمقاصد السياحية. وتبنى الهوية السياحية الوطنية على الموروث الحضاري والإنساني والثقافي المميز والتي تعكس غنى البلد بالمواقع السياحية والتاريخية والدينية والبيئية والتطور الحاصل في البيئة الاقتصادية والإنسانية وطبيعة الشعب المضياف وهذه العناصر عندما تمتزج ببعضها تظهر الهوية السياحية للبلد، ومع تقدم وسائل النقل والاتصالات احتلت السياحة موقعاً متميزاً كأحد الموارد الاقتصادية وجاء مفهوم التنمية السياحية ذات النشاط المركب والذي يؤثر ويتأثر.
وأكد خالد آل دغيم أن الإعلام السياحي صفة لازمة ومحورية للصناعة السياحية، ويرتبط بتنمية السياحة من خلال وسائله المختلفة أو الترويج بوسائله المقروءة والمسموعة والمرئية والمعارض والأفلام والمطبوعات وغيرها، معرجاً على مفهوم الإعلام السياحي، الذي هو أحد أشكال الإعلام المتخصص، ويعرف بأنه كل أوجه الأنشطة الاتصالية التي يمارسها إعلاميون مختصون؛ بهدف تزويد الجمهور بمجريات الأمور المتعلقة بالسياحة بطريقة موضوعية.
وقال آل دغيم، في حديثه لـ “الواحة نيوز”: إن النظام السياحي الجديد هو امتدادٌ للجهود التي تبذلها المملكة في تطوير المنتجات السياحية ورفع مرونة الأنظمة أمام المستثمرين سواء من محليين أو دوليين.
وأضاف أن تسهيل إجراءات استخراج تراخيص مرافق الضيافة والأنشطة السياحية سوف يُسهم في جذب المزيد من الاستثمارات السياحية الصغيرة والمتوسطة، وخصوصًا في ظل وجود منصة إلكترونية موحدة، إضافة إلى تطوير العديد من المواقع السياحية لتكون جاهزة للاستثمار.
وأشاد “آل دغيم” بموافقة مجلس الوزراء على التباحث مع الدول المتوقع انضمامها للمركز العالمي للاستدامة السياحية في شأن نموذج مشروع مذكرة تفاهم بين وزارة السياحة في المملكة ووزارات السياحة في الدول الأخرى لإنشاء المركز العالمي للاستدامة السياحية. وهذه خطوات جريئة للعمل السياحي العالمي وإظهار لتجربة المملكة في السياحة الوطنية من خلال مشروعات ضخمة وفق رؤية واضحة.
وأكد أنه “مع هذه الأنظمة الجديدة نحتاج إلى إعلام سياحي يواكب هذا التوجه في تطوير الاستثمار السياحي الذي بدأنا نلمسه على أرض الواقع سواء في المشروعات التي ظهرت في نيوم والبحر الأحمر وبوابة الدرعية والقدية أو في الاستراتيجيات التي انطلقت في أكثر مناطق المملكة لتطوير الأنماط السياحية واستثمارها”.
واستطرد آل دغيم قائلاً: “إننا بحاجة إلى وجود إعلاميين متخصصين لديهم القدرة على الإبداع والتفكير خارج الصندوق لإعطاء صورة متكاملة عن مقومات بلدنا السياحية والأنظمة التي اتخذتها الدولة لتحويل العمل السياحي إلى عمل اقتصادي منتج وتقديم تجربة عالمية مستديمة. ومرشدين سياحيين قادرين على كيفية التعامل مع السياح بمختلف ثقافاتهم، وسوف يحقق عدة أمور من أهمها التعريف بأهم المواقع السياحية التي تحتضنها المملكة، إضافة إلى زيادة ثقة السائح والزائر.”
واختتم آل دغيم حديثه قائلاً: نتطلع إلى إستراتيجية للإعلام السياحي تشارك بها كل الجهات التي تعني بالعمل السياحي كما نتطلع إلى تأهيل كوادر إعلامية في مجال الإعلام السياحي لسد العجز الحاصل هذا المجال.