“بوخمسين” والأبعاد العلمية في الفن التجريدي

التعليقات: 0
“بوخمسين” والأبعاد العلمية في الفن التجريدي
https://wahhnews.com/?p=16053
“بوخمسين” والأبعاد العلمية في الفن التجريدي
جاسم العبود

عرّفت الفنانة التشكيلية والباحثة ومعلمة التربية الفنية “مريم بوخمسين” الفن التجريدي بأنه لغة بصرية جديدة للفن تعتمد على أشكال هندسية أو عضوية أو مجرد مساحات لونية بسيطة لها معنى خاص بها، دون الإشارة إلى أشكال محددة في الطبيعة، وهو أسلوب روحاني في التعبير عن الحياة والشعور والأفكار، وليس أسلوباً مباشراً واقعياً.

وأضافت “بوخمسين” في المحاضرة التي قدمتها بعنوان “الأبعاد العلمية في الفن التجريدي”، ضمن مبادرة قوة الفن التي ينظمها مستشفى الموسى التخصصي، بالتعاون مع دار نورة الموسى للثقافة والفنون المبدعة تزامناً مع معرض “بلا ملامح”، بإن مصطلح الانطباعية المشتق من لوحة كلود مونيه “انطباع شروق الشمس”، هو أسلوب فني وثورة على الفن الواقعي، برزت حينما ظهرت تقنية التصوير الفوتوغرافي وشعر الفنانون بأن الفن الواقعي فقد دوره، ومن واجبهم إنتاج فن جديد.

وعن علاقة الموسيقى والفن التجريدي، قالت “بوخمسين”: على الرغم من أن الموسيقى لا تحتوي على محتوى وتستخدم عناصر مجردة من الصوت والإيقاع المتناغم إلا أنها تحركنا بقوة، كذلك هو الفن التجريدي يعبر عن المعاني المجردة التي لا نراها وليس لها تمثيل واقعي، واستدلت بمقولة كانديسكي “لا يمكن التعبير عن الجوانب السامية للروح البشرية والروح إلا من خلال التجريد مثلما تحرك الموسيقى قلب المستمع، يجب أن يحرك الشكل واللون في اللوحة قلب الناظر، مؤكدة بأن الفنان كانديسكي هو أول فنان رسم لوحة تجريدية عام 1910 م.

وذكرت، بأن الفن التجريدي يمكن أن يتخذ نمط هندسي يعمل فيه الفنان بطريقة مدروسة ومخطط لها، إما العضوي فإن الفنان يعمل بعفوية أكثر ليرسم أنماطاً عضوية ويترك مجالاً كبيراً للصدفة وللتكوينات العشوائية التي تبدو وكأنها تخرج من تلقاء نفسها من لاوعي الفنان.

وربطت بين ظاهرة “الباريدوليا” والفن التجريدي، وإن العقل يستجيب لأي محفز عشوائي، ويحاول استخراج صورة مألوفة بالرغم من أنها غير موجودة، ولهذا كثير من الناس يحاولون استخرج صورة مألوفة لديهم في العمل الفني التجريدي.

وعن الإدراك المرئي قالت: نحن كبشر جميعنا متطابقين في طريقة الرؤية الواقعية، حيث أن الصورة تتفكك وتتحول إلى إشارات من شبكية العين إلى الدماغ، وبدوره الدماغ يعالج الألوان، الضوء، الملمس، الحركة، الاتجاه، والمنظور، وتتحول إلى صورة يراها الدماغ، وتسمى هذه المعالجة تصاعدية من أسفل إلى أعلى.

وإن الدماغ يتعامل مع الفن التجريدي، ويعالج صوره بشكل مختلف، وذلك لأن الفن التجريدي يشجع النظام البصري على تفسير صورة تختلف اختلافاً جوهرياً عن نوع الصور التي طورها الدماغ، مؤكدة بأن تفسير المتلقي للعمل الفني جزء من الفن، ويبقى الفن غير مكتمل بدون المشاركة الإدراكية والعاطفية للمشاهد.

وأوضحت، بأن العمل الفني التجريدي هو بمثابة تحليل نفسي ومثيراً للخيال بيولوجياً، لأنه يستدعي مناطق الذاكرة والعاطفة، وذلك لأن القشرة الصدغية السفلية، التي تضم المناطق المسؤولة عن الألوان، لها اتصال مباشر بالحصين، الذي يهتم بالذاكرة، واللوزة التي تنظم العاطفة.

وأردفت: العقل لا يرفض العمل الفني التجريدي، ولكن بسبب عدم مألوفيته لا يتقبله، ولكن مع التطور الثقافي وكثرة التعرض للأعمال التجريدية، يبدأ العقل في معالجة هذا النوع من الصور بتركيز أكبر.

وصرحت “بوخمسين” لـ “الواحة نيوز” بأن البينيليات والمعارض الكبيرة تميل إلى عرض الفن المعاصر كالأعمال المفاهيمية والتركيبية التي تعتمد على وسائط متعددة، أكثر من عرضهم للوحات سواءً كانت بأسلوب واقعي أو تجريدي، ومن ثم تنصح الفنانين بمحاولة تجربة أساليب جديدة لمواكبة العصر فلربما يكتشفون أنها مفضلة لديهم.

 

التعليقات (٠) اضف تعليق

اضف تعليق

بريدك الالكترونى لن نقوم بأستخدامه.

You may use these HTML tags and attributes:
<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>