عبدالله المسيان يكتب: رقم في القائمة

1 تعليق
عبدالله المسيان يكتب: رقم في القائمة
عبدالله المسيان
https://wahhnews.com/?p=89827
عبدالله المسيان يكتب: رقم في القائمة
الواحة نيوز

لم يكن من مدمني التطبيقات، لكن شيئًا ما تغيّر حين رأى أحد مقاطع “السناب” لأول مرة.

ظهر فيها شخص بطريقة طريفة، يضحك بطريقة تجذب الانتباه رغمًا عن المشاهد.

لم يكن الأجمل، لكنه كان يملك تلك الكاريزما التي تجعل كلامه يبدو موجهًا لكل من يراه وكأنه شخص مميز بالنسبة له.

مع مرور الوقت، صار هذا الشخص جزءًا من يومه.
كان يراقب سناباته، يضحك عندما يضحك، ويتابع تفاصيل حياته كما لو كان أحد أصدقائه المقربين.
معرفة متى يستيقظ، متى يصوّر، وما يحب وما يكره، أصبحت جزءًا من روتينه اليومي.
كل التفاصيل الصغيرة كانت محفوظة في ذهنه كما لو أنه يعيش معه.

لم يكتف بالمشاهدة فحسب، بل أصبح يتتبع كل ما يُكتب عنه، يقرأ لقاءاته، ويجيب على الانتقادات كأنّه محامي الدفاع عنه.
وكانت السنوات تمر، والاعتقاد بأن هناك رابطة بينهما يكبر، بينما الحقيقة كانت أبعد ما تكون عن ذلك.

ثم جاء اليوم الذي أعلن فيه هذا الشخص حضوره مهرجان جماهيري في المدينة.
ابتسم له الحظ أخيرًا، فحجز التذكرة مبكرًا وارتدى أفضل ما لديه، وكأنّه ذاهب لموعد طال انتظاره.

دخل ساحة المهرجان وسط زحام خانق.
الناس تتدافع، الأصوات ترتفع، والهواتف مرفوعة لتوثيق اللحظة.
رأى الشخص الذي يتابعه يلوّح للجماهير، والابتسامة التي كان يشاهدها خلف الشاشة أصبحت على بعد أمتار.
شعر أن قلبه سينفجر من الفرح.

اقترب شيئًا فشيئًا بين الناس، حتى لم يبق سوى خطوة واحدة بينه وبينه.
مد يده ليصافحه ويلتقط معه الصورة التي حلم بها سنوات، “سيلفي” واحد يوثّق كل متابعة وهوس مضى.

لكن قبل أن تلتقي اليدان، اندفع أحد رجال الحراسة وصفعه بقوة جعلته يترنح.
تجمّدت اللحظة، واختفت الأصوات حوله للحظة.
رأى بعض الهواتف تصور المشهد، وبعض الوجوه تضحك.
كانت الصفعة ليست على خده فقط… بل على قلبه أيضًا.

في اليوم التالي، جلس وحيدًا يراجع كل ما حدث.
أعاد محاكمة عقلية لكل ما عايشه خلال سنوات متابعته له.
وفجأة، وضعت كل الأمور في نصابها الصحيح: هذا الشخص لم يكن أكثر من رقم بين ملايين الأرقام في قائمة متابعيه.
كل تلك الأيام التي قضاها في الهوس كانت مجرد وهم.
لقد ظن أنه يعرفه، وأن بينهما رابطة خاصة، بينما الحقيقة أن كل ما كان عليه هو رقم في قائمته، رقم بلا أي قيمة حقيقية بالنسبة له.

ابتسم لنفسه بمرارة، وأدرك أن الحقيقة أصعب من أي إعجاب أو حلم.
المتابع مجرد رقم، والمشهور يعيش في عالمه الخاص، لا يعرفه، ولا يهتم به.
ومن تلك اللحظة، توقف عن المطاردة، وبدأ يركز على حياته الواقعية، على فرحه الحقيقي بعيدًا عن الأرقام والإعجابات والاهتمام الزائف.

التعليقات (١) اضف تعليق

  1. ١
    زائر

    صح لسانك وخط قلمك المميز ليت توصل رسالتك للمجتمع

اترك تعليق على زائر الغاء الرد

بريدك الالكترونى لن نقوم بأستخدامه.

You may use these HTML tags and attributes:
<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>