ريم الموسى تكتب: جوائز التميز.. محفزات استراتيجية للتطوير المؤسسي “جائزة الأحساء للتميز أنموذجًا”

التعليقات: 6
ريم الموسى تكتب: جوائز التميز.. محفزات استراتيجية للتطوير المؤسسي “جائزة الأحساء للتميز أنموذجًا”
https://wahhnews.com/?p=88484
ريم الموسى تكتب: جوائز التميز.. محفزات استراتيجية للتطوير المؤسسي “جائزة الأحساء للتميز أنموذجًا”
الواحة نيوز

في ظل التنافسية المتزايدة بين المؤسسات المختلفة ، وتسارع وتيرة التطوير والابتكار في جميع القطاعات ، تبرز جوائز التميز كأدوات استراتيجية فاعلة لا تقتصر على التكريم والتقدير فحسب، بل تتجاوز ذلك لتصبح منصات حقيقية للتحول المؤسسي والارتقاء بمنظومة العمل الإداري والفني على حد سواء.

تجربتنا في أكاديمية الكفاح مع جائزة الأحساء للتميز، والتي توّجت بفوزنا بدرع التميز في فئة القطاع الخاص من بين 50 جهة متنافسة، أتاحت لنا فرصة استثنائية للوقوف على الأثر العميق الذي تتركه هذه المشاركات في الميدان ، وهو ما دفعني لكتابة هذه السطور للمشاركة معكم ليتعدى النفع للجميع .

المشاركة في الجوائز: قرار استراتيجي مدروس

إن قرار المشاركة في جوائز التميز ليس مجرد استجابة لدعوة أو رغبة في الحصول على شهادة تقدير، بل هو قرار استراتيجي ينبغي أن يُبنى على مبررات موضوعية واضحة. في حالتنا، استند القرار إلى عدة محاور رئيسة:
التوافق بين رسالة الجائزة ورسالة المؤسسة التعليمية ، وجود بنية تحتية مؤسسية قادرة على استيفاء متطلبات المعايير
والأهم من ذلك، النظر إلى الجائزة كفرصة للتحسين المستمر وليس كغاية في حد ذاتها.
هذا المنظور الاستراتيجي حوّل عملية المشاركة من مجرد إعداد ملف توثيقي إلى رحلة شاملة لمراجعة الممارسات، وفحص الآليات، وتقييم المخرجات بموضوعية وشفافية.

الأثر المؤسسي: ما وراء الجائزة
تتجلى القيمة الحقيقية للمشاركة في جوائز التميز في الأثر المؤسسي المتعدد الأبعاد الذي تخلّفه على المنظومة التعليمية بأكملها:

أولًا: ترسيخ ثقافة التوثيق والأرشفة المؤسسية
إن من أبرز المكاسب التي حققتها المشاركة هو تعزيز ثقافة التوثيق الممنهج للممارسات والإنجازات. فالجائزة تفرض على المؤسسة ضرورة إعداد شواهد وأدلة موضوعية تعكس واقع العمل، مما يستدعي بناء منظومة متكاملة للأرشفة الإلكترونية وتصنيف البيانات. هذا التحول من العمل الارتجالي إلى العمل الموثق يُحدث نقلة نوعية في الاحترافية المؤسسية، ويضمن استمرارية المعرفة ونقلها عبر الأجيال الإدارية المتعاقبة.

ثانيًا: تحسين الممارسات الإدارية والفنية
تُشكل معايير الجوائز مرجعية معيارية تقيس من خلالها المؤسسة مستوى أدائها مقارنة بأفضل الممارسات المحلية والدولية. في رحلة إعداد ملف المشاركة، اكتشفنا فجوات في بعض العمليات الإدارية والفنية لم نكن نلحظها في سياق العمل اليومي. هذا الاكتشاف أتاح لنا فرصة إعادة هندسة بعض العمليات، وتطوير آليات عمل أكثر كفاءة وفاعلية، بما ينعكس إيجابًا على جودة المخرجات التعليمية.

ثالثًا: بناء القدرات ونقل الخبرات
المشاركة في الجوائز ليست مسؤولية فردية، بل هي عمل جماعي منظم يتطلب تشكيل فرق عمل متخصصة. هذه الديناميكية الجماعية تخلق بيئة خصبة لنقل الخبرات من الصف الأول للقيادات إلى الصفوف الثانية من الكوادر، وتُسهم في صقل مهارات التحليل والدقة والتخطيط الاستراتيجي لدى فريق العمل بأكمله. بمعنى آخر، الجائزة تصبح برنامجًا تدريبيًا عمليًا يُنمي الكفاءات المؤسسية بصورة مستدامة.

رابعًا: تعزيز السمعة المؤسسية
في بيئة تعليمية تتسم بالتنافسية العالية، يُمثل الفوز بجوائز التميز رسالة واضحة إلى أصحاب المصلحة جميعًا – أولياء الأمور، الطلبة، المعلمين، والمجتمع المحلي – بأن المؤسسة تلتزم بأعلى معايير الجودة وتخضع لتقييمات موضوعية من جهات محايدة. هذا التعزيز للسمعة المؤسسية لا يقتصر على البُعد التسويقي، بل يتعداه إلى بناء الثقة والموثوقية طويلة الأمد، مما يُسهم في استقطاب أفضل الكفاءات ويعزز الولاء والانتماء لدى المنتسبين للمؤسسة.

خامسًا: ترسيخ قيم الانتماء والولاء المؤسسي
حين يشارك فريق العمل في رحلة إعداد ملف التميز، ويرى بأم عينيه الإنجازات التي حققتها المؤسسة، والجهود المبذولة لتحقيق التميز، فإن ذلك يُعمّق لديه الشعور بالفخر والانتماء. هذا الشعور يتحول إلى طاقة إيجابية تنعكس على الأداء اليومي، وتخلق بيئة عمل محفزة تدفع نحو المزيد من الإنجاز والتطوير.

التحديات: فرص مقنّعة للتطوير
لا يمكن إغفال التحديات التي تواجه المؤسسات التعليمية في رحلة المشاركة بجوائز التميز. من ضغوطات الوقت، إلى التزامن مع ملفات اعتماد أخرى كهيئة القياس والتقويم، مرورًا بالتحديات التقنية المتعلقة بحجم الملفات الإلكترونية والمتطلبات الفنية الدقيقة، وصولًا إلى التحدي الأكبر وهو الموائمة بين معايير الجائزة – المصممة أحيانًا بمنظور عام – مع طبيعة العمل التربوي الخاصة.
إلا أن هذه التحديات، حين يتم التعامل معها بمنهجية علمية وتخطيط استراتيجي محكم، تتحول إلى فرص حقيقية لتطوير المهارات المؤسسية. فالتخطيط التشغيلي المحكم، وتوزيع المهام المتوازن، والاستعانة بالحلول التقنية الذكية، كلها ممارسات تُكتسب خلال هذه الرحلة وتبقى رصيدًا مؤسسيًا دائمًا.

نحو منظور استراتيجي شامل
إن النظر إلى جوائز التميز كغايات منفصلة يُفقدها جزءًا كبيرًا من قيمتها الحقيقية. المنظور الأصوب هو اعتبارها أدوات ضمن منظومة أشمل للتحسين المستمر وضمان الجودة الشاملة. المؤسسات التعليمية الراغبة في تحقيق الاستفادة القصوى من هذه الجوائز عليها:

* دمج معايير الجوائز ضمن نظام الجودة الداخلي المعتمد بالمؤسسة
* بناء قاعدة بيانات مؤسسية متكاملة للشواهد والأدلة تُحدّث بشكل دوري
* الاستثمار في بناء قدرات الكوادر البشرية على منهجيات التقييم الذاتي المؤسسي
* تحويل التغذية الراجعة من الجوائز – سواء في حالة الفوز أو عدمه – إلى خطط تحسين قابلة للتنفيذ والقياس

وختاما :- تجربتنا مع جائزة الأحساء للتميز أكدت لنا أن الجوائز ليست شهادات تُعلق على الجدران، بل هي محطات تحول مؤسسي، ومحفزات استراتيجية تدفع نحو التميز المستدام. إن الاستثمار في المشاركة بهذه الجوائز – بالوقت والجهد والموارد – يُعد من أذكى الاستثمارات التي يمكن للمؤسسة التعليمية أن تقوم بها، لأن عوائده لا تقتصر على لحظة التتويج، بل تمتد لتشمل تحسينًا جذريًا في جودة العمليات والمخرجات، وبناءً ممنهجًا لثقافة التميز المؤسسي.

وفي الختام، أدعو كافة المؤسسات التعليمية إلى النظر إلى جوائز التميز ليس كإضافة ترفيهية على هامش العمل، بل كأداة استراتيجية محورية في رحلة التطوير المستمر، وكمرآة صادقة تعكس واقع الأداء المؤسسي بموضوعية وشفافية.

التعليقات (٦) اضف تعليق

  1. ٦
    زائر

    ‏ما شاء الله ‏مقال مفيد شكرا لك

  2. ٥
    زائر

    كلمات من ذهب لقائدة ملهمة في صرح تعليمي بارز

  3. ٣
    زائر

    ما شاء الله..
    كلمات من ذهب لقائدة ملهمة في صرح تعليمي بارز

  4. ٢
    زائر

    كلام رااائع فمدارس الكفاح دائما رائدة وقدوة يجب أن يحتزي بها الجميع

  5. ١
    زائر

    ما شاء الله مقال وافي وكافي مو بغريب على الاستاذة ريم وخبراتك المتراكمة التربوية والادارة في صرح يبني قادة المستقبل

اترك تعليق على زائر الغاء الرد

بريدك الالكترونى لن نقوم بأستخدامه.

You may use these HTML tags and attributes:
<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>