يُعدّ الفنان محمود سعيد (1897–1964) رائد الفن الحديث في القرن العشرين، ومن خلال فنه، ترك بصمة خالدة جعلته رائد الواقعية الرمزية المصرية، وأحد المؤسسين الحقيقيين لمشروع الفن العربي الحديث.
وأحد الذين أسّسوا الهوية الوطنية في التشكيل الحديث في مصر ، تميّز بأسلوب الرمزية الواقعية، واستطاع أن يجسّد ملامح الإنسان المصري وبيئته بصدقٍ وبصيرةٍ. فنيةٍ نادرة.
ولد محمود سعيد في الإسكندرية في أسرةٍ أرستقراطية، وكان ابنًا لقاضٍ كبير، وأخًا للملكة فريدة زوجة الملك فاروق. ورغم نشأته في بيئة مترفة، اتّجه إلى دراسة الفن بدافعٍ ذاتيٍّ عميق، حيث درس الرسم في إيطاليا وفرنسا، متأثرًا بمدارس الفن الأوروبي الحديث، لكنه سرعان ما عاد ليؤسس لغته التشكيلية الخاصة المستمدة من واقعه المصري.

تميّزت لوحات محمود سعيد بتوليفةٍ تجمع بين الواقعية والانطباعية والرمزية، فهو لا ينقل المشهد كما هو، بل يعيد صياغته عبر رؤية فكرية وجمالية تعبّر عن جوهر الشخصية المصرية.
تتمحور اغلب لوحاته حول المرأة المصرية، التي صوّرها بملامحها القوية الصافية، وأجسادها الممتلئة التي تعكس خصوبة الأرض ودفء الريف. كما أعطى اهتمامًا كبيرًا بالضوء الشرقي والظلّ الذهبي الذي يكسو الأجسام والوجوه في لوحاته .
ومنها لوحة بنات بحري وذات الرداء الأزرق، تعبّر عن جمال مصري خالص؛ فيها تلتقي الملامح الشعبية بالرمزية الروحية، ويبرز حسّه البنائي القائم على التوازن الهندسي والانسجام اللوني.

لم يكن محمود سعيد مجرّد مصوّرٍ للجمال الخارجي، بل كان على مستوى عالي من الثقافة و مفكرًا بصريًا سعى لتجسيد روح مصر الحديثة التي تبحث عن هويتها بين الشرق والغرب.
لقد رأى في الفن وسيلة لإظهار الخصوصية الثقافية للشعب المصري، وفي هذا السياق، تُعدّ أعماله بمثابة بيانٍ بصريٍّ للنهضة المصرية، حيث منح الملامح المحلية مكانتها في التشكيل الراقي، وجعل من الإنسان البسيط رمزًا للجمال.
استخدم محمود سعيد الألوان الزيتية بمهارةٍ عالية، مع تدرجاتٍ دافئة تميل إلى ا والأخضر الزيتوني والبني ، مما أكسب لوحاته طابعًا كلاسيكيًا بضربات فرشاته المحسوبة والمتزنة، تمنح السطح اللوني لمعانًا يشبه الضوء الداخلي، وكأنّ الشخصيات تُضاء من داخلها. كما كان ملمًا بقوانين المنظور والتكوين، ما جعل أعماله متينة البناء وذات بعدٍ معماري متماسك.

في عام 1964 رحل عن عالمنا وقد ترك لنا محمود سعيد إرثًا بصريًا ضخمًا يضم مئات اللوحات، تُعرض اليوم في متاحف مصر والعالم، أبرزها متحف محمود سعيد في الإسكندرية، الذي كان منزله سابقًا.
وقد أثّر في أجيالٍ من الفنانين المصريين والعرب الذين وجدوا في فنه نموذجًا للجمع بين الأصالة والمعاصرة.
يظلّ محمود سعيد واحدًا من أكثر الفنانين صدقًا وعمقًا في التعبير عن مصر والشعب المصري.
كل مره اقرأ مقال لك يافنانه أتعلم معلومه جديده عن الفن والفنانين ، اتمنى لك كل التوفيق فنانه بيبي
موضوع جميل جدًا ومفصَّل بشكل سلس لأهم أعمدة الفن المصري والعربي
مقال رائع كالعادة للأستاذة بيبي
التعليق
التعليق
ابداع استاذة بيبي وانتقاء موضوع جميل التحدث عنه
وصاحب ريشه مثلك يتميز برفاهية الحس ومشاعر جياشة وانتماء لمن بشابهك في الفن والابداع……..
منيرة العايد