يقول المؤرخ الكبير أ/ سيف مرزوق الشملان ( أن الطرب البحري يعرف بالنهمة ويسمى المطرب البحري بالنهام ) فهو مطرب البحارة على ظهر السفينة والنهام لغة المولع ومعه الطبال ( يضرب الطبل ) والعواد (يعزف على آلة العود ) ومن الآلات الموسيقية المستخدمة الرق والصنوج ( آلة نحاسية تصدر أصواتًا رنانة ) ، وهو من يغني ويطرب البحارة ويسليهم في كل مرحله من مراحل رحلة الغوص الطويلة والممتدة لمدة أربعة شهور.
و للنهمة تأثير إيجابي على البحارة فتجدهم يقومون بأعمالهم المتعبة بكل نشاط وقوة ناسين التعب والإرهاق ويضفي عليهم الحماس ويرفع الروح المعنوية لهم خاصة عندما يتميز النهام بصوت جميل وشجي . (ويضيف أن فن النهمة صعب لأنه يشبه الزحير وقيل هو صوت فوق الزفير ) وقيل أيضا معنى الصوت يشبه صوت الأسد أو زجر الإبل ، وآخرون قالوا هو يشبه صوت الحيتان الكبيرة .
وللنهام سهم ونصف ويساعده نهام ثان وله سهم وربع ويغني لهم الأغاني والأهازيج مثل الزهيريات والمواليا الذي يحرفه النهام بإحتراف فيحوله إلى يامال يامال أو هوب يامال في مخلتف أنواع الفنون ومنها الحدادي والحساوي والفجري في أغاني العتاب والشوق والغزل من الدشة ( بداية رحلة الغوص ) إلى القفال ( نهاية رحلة الغوص ) ، وهم مع الطرب يرقصون ويصفقون والصفقات هي مستمدة من أصوات الأمواج وتلاطمها مع بعض حيث نلاحظ أن التصفيق يسرع ويبطئ ثم يلتطم جميعه ويقف من جديد وهكذا بحركات الأمواج .
وتتوزع المراحل كالتالي :-
1-مرحلة الوداع :- في وداع البر والنزول إلى البحر بداية رحلة الغوص ( الدشة) ، يصدح فيها النهام بأبيات مثل :
أو يامال يامال أو يامال ودعتكم بالسلامة ياضوى عيني . بخلافكم ماغمض جفني على عيني. واعدتني بالوعد لما انحفت عيني . ظليت ياسيدي جسم بليا روح . فر مني العقل وظل الجسم مطروح . كل العرب هودت وأنا شجي الروح . يانور عيني كثر ماأراعيك راعيني . يامال يامال يامال يامال .
2- مرحلة رفع شراع السفينة، وفيها يردد النهام يالله يالله يالله يالله شلنا وتوكلنا على الله هولو هولو ياسيدي هولو يا فزعة الله. 3- مرحلة رفع المرساة – يالله بدينا يالله صباح مبارك. عزيت يامن له الملك كريم تعلم بحالي .
البحار / دخيل مطلق العويس
4- مرحلة وقوف السفينة فوق الهير ( منطقة يتكاثر بها المحار ) :-
دار نزلنا وأبرك دار على الهير والمحار. يالله بمنزل إمبارك. وأنت خير المنزلين .
5- مرحلة طي الشراع :- هولو بين المنازل أي والله أسمر سباني. هولو حلو الشمايل أي والله زين المعاني. أسمر ومضمر مافيه مثاله شفته يتمخطر مثل الغزالة . سبحان من صورحسنه ودلاله أسمر والله الحلو سباني .
6- مرحلة الاستراحة :- يازين حبك بلب إحشاي ظل وسكن . كالموس جرح معاليج الضمير وسكن .
7- مرحلة الخطفة والعودة للوطن ( القفال انتهاء رحلة الغوص ) . عادت الأيام فوق السفينة مره معانا الريح ومره علينا بين السفر والروح رحنا وجينا.
مهما تصير الحال ماقط شكينا
ياللي وضعنا الروح عنده رهينة
لوكانت الأقدار من صنع أيدينا .
انسجام البحارة مع النهام
ومن أبرز النهامه بالمبرز كل من الآتي :-
محمد سعد الربيع – إبراهيم سيف العويصي بوخليفة – عيسى الدوخي – محمد البوص .
أما الغاصة والسيوب والتبابه فمنهم الآتي :-
عبدالعزيز سعد الكري – فهد سعد الكري – أحمد سعد الكري – عبدالله بوشليبي – عبدالرحمن سعد الربيع – عبدالعزيز محمد العوض- حسن ناصر المحسن – سالم العليان – راشد حسين العجل – علي حسين العجل – سعد حسين العجل – صالح حسين العجل- محمد عبدالعزيز الغوينم ( عتيق ) – دعيج جالي المهنا المويزري – دخيل العويس (بومطلق ) .
ومن المواقف الطريفة التي حدثت في تلك الفترة يقول أحد الغاصة كنا في مغاصات دولة البحرين وقبل بدء رحلة الغوص كان بجوار سكننا مطعم يقدم الوجبات للبحارة بأسعار معقولة ومن ضمن تلك الوجبات كان التمر لكن طريقة دفع قيمته بحصر عدد النوى ( الطعام ) الذي أكل الشخص تمره يقول هذا الغيص كنا أثناء أكل التمر نزرطه ( نبلعه) مع النوى ونضع في الطاسة عدد يسير من النوى ( الطعام ) لكي نحاسب عنه حتى يكون الحساب كلفته أقل .
رحم الله من رحل منهم وأطال عمر من بقي وجزاهم الله خير الجزاء على ماقدموه من خدمات للمجتمع وجعل ذلك في ميزان حسناتهم .
المصادر:-
1- كتاب تاريخ الغوص تأليف أ/ سيف مرزوق الشملان .
2- أ/ محمد سالم بوسحة ( بوزكي ) شكر خاص للمشرف التربوي :
أ/خالد عبدالله إبراهيم الحليبي ( بوعبدالله ).
شكراً اخ صالح على المقال الجيد وسرد تفاصيل دقيقة مكنت للقارئ ان يكون عنده تصور جيد لدور النهام و إبداعهم في اختيار ابيات ملائمة للحدث ومليئة بالدعاء لله ليعينهم على عملهم الشاق
شكرا للأستاذ : صالح النصر على هذا المقال التوثيقي الجميل. جهود مباركة ياأباأسعد..
صلاح بن هندي
التعليق