ذات مرة، حضرتُ مجلس عزاء، فسمعتُ كلمات تقطر مدحًا وشكرًا وثناءً عن امرأةٍ رحلت. تمنيت لو عادت للحظة فقط، تسمع ما قيل عنها، كم أحبوها، كم أثّرت فيهم، كم كانت عظيمة في أعينهم… لكنها رحلت، ولم تعد تسمع.
فيا ترى:
لماذا لا نُكرّم الناس إلا بعد رحيلهم؟
لماذا نُخبّئ كلمات الثناء حتى يُصبح الوقت منفىً، لا عودة منه؟
الثناء بعد الرحيل: جميل… لكنه متأخر
صحيح أن الحديث الطيب عن الراحلين صدقة جارية في محبتهم، لكن الأجمل منه أن نمنحهم تكريمًا يليق بهم وهم أحياء… أن نرفع رؤوسهم بمحبتنا قبل أن تنحني أجسادهم على أسِرّة المرض أو في لحد الغياب.
كم من معلم مات ولم يسمع كلمة “أثّرتَ فيّ”
وكم من أمٍّ رحلت دون أن تسمع “شكرًا لأنكِ منحتني الحياة”
وكم من جارٍ، صديق، موظف، قريبة، صانعة أمل… كانت تنتظر فقط كلمة امتنان واحدة، ولم تأتِ.
الثناء في الحياة… حياة!
حين نكرّم إنسانًا وهو حي، فإننا نُحييه من الداخل، نمنحه شعورًا بأنه مرئي، مقدّر، محبوب، نزرع في قلبه دافعًا ليُكمل العطاء بروح أعلى.
الثناء في حياة الإنسان أكسجين معنوي. وليس شرطًا أن يكون التكريم رسميًا ولا على منصات، بل يكفي أن يكون صادقًا، واضحًا، وفي وقته.
ثقافة التكريم ليست ترفًا… بل مسؤولية
في مجتمعاتنا، أحيانًا نظن أن الثناء يُفسد، أو أن الشكر ضعف، أو أن الناس لا تحتاج إلا المادة، بينما الحقيقة أن الإنسان في كل مراحله يحتاج أن يشعر أنه مقدَّر، مسموع، مذكور بالخير.
من مسؤوليتنا:
– أن نقول للمحسن: “جزاك الله خيرًا”
– أن نشكر المعلم، والمربية، والطبيب، والخادمة، والجار، والقريبة، والابن، والبنت، والأم، والأب، والعمال، … وكل من ترك أثرًا
– أن نوثق الأثر بالكلمة، بالدعاء، أو حتى برسالة بسيطة تُنير يوم أحدهم
الشكر… عبادة وأثر
الثناء في حياة الإنسان ليس مجرد مجاملة… بل هو قيمة قرآنية عظيمة، وقد قرن الله الشكر بالزيادة في البركة والنِّعم، فقال جلّ في علاه:
﴿ولَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: 7]
فالشكر ليس فقط عبادة، بل هو وسيلة لبناء الأرواح والعلاقات. وحين نشكر الإنسان، فإننا بذلك نعكس فهمنا العميق لشكر الله أيضًا، لأن الناس هم أدوات العطاء الإلهي في الأرض. ولربما كانت كلمة “شكرًا” هي سبب زيادة في رزق أو سعادة أو طمأنينة لمن قيلت له.
ماذا لو تأخرنا؟
تأمل هذا الموقف:
تُريد أن تُخبرها كم أثّرت فيك… لكنها ترقد بلا حراك
تُريد أن تشكر والدك… لكن هاتفه لن يرنّ مجددًا
تُريد أن تردّ معروف إنسان… لكنك نسيت أن الوقت لا ينتظر أحدًا
فهل ننتظر أن نبكي على قبورهم، ونحن نملك أن نُضحك قلوبهم الآن؟
دعوة من القلب: لا تؤجلوا المحبة
لا تؤجلوا الكلمة الطيبة
لا تنتظروا منصات التكريم
اصنعوا منصاتكم في القلوب، بالكلمة، بالرسالة، بالثناء العلني، بالمبادرة
ربما لا نعرف من يحتاج منا اليوم كلمة “أحبك في الله”، “أنتَ مؤثر”، “أنتِ نعمة”، “شكرًا لأنك كنت هنا”
فلنكن من أولئك الذين يتركون في حياة الآخرين وردة امتنان… لا باقة ندم بعد الفقد
في الختام
نحن لا نملك التحكم بالموت، لكننا نملك أن نُحيي بعضنا قبل الموت بكلمة، بدعاء، بابتسامة، بثناء عابر لكنه صادق.
فأكرِموا أحبابكم الآن… قبل أن تُصبح الكلمات مؤبّدة في القلوب دون عنوان يُسلّم إليها.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته /—/ مساء الخير يابنتي كل المساء والليل لا يحلو إلا بالأبناء الطيبين أمثالكم رعاكم الله تعالى
فيا ترى:
لماذا لا نُكرّم الناس إلا بعد رحيلهم؟
لماذا نُخبّئ كلمات الثناء حتى يُصبح الوقت منفىً، لا عودة منه؟
الثناء بعد الرحيل: جميل… لكنه متأخر
الشكر… عبادة وأثر
الثناء في حياة الإنسان ليس مجرد مجاملة… بل هو قيمة قرآنية عظيمة، وقد قرن الله الشكر بالزيادة في البركة والنِّعم، فقال جلّ في علاه:
﴿ولَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: 7]
فالشكر ليس فقط عبادة، بل هو وسيلة لبناء الأرواح والعلاقات. وحين نشكر الإنسان، فإننا بذلك نعكس فهمنا العميق لشكر الله أيضًا، لأن الناس هم أدوات العطاء الإلهي في الأرض. ولربما كانت كلمة “شكرًا” هي سبب زيادة في رزق أو سعادة أو طمأنينة لمن قيلت له
أجمل وأنبل التحيا لكم أبنتي الغالية أم الهيثم العبدالرضا معصومة الدكتورة / المستشار / الأستاذة الكريمة
بديع بن عبدالله {{ أبوفلاح }}
الحاجي محمد
صاحبة السعادة الدكتورة معصومة رعاها المولى سبحانه وتعالى، يطيب لي أن أشكر مقامكم السامي على هذا المقال المثقف النابع من عيون التقدير المستحق والذي ينعكس على ترسانه العطاء والإخلاص وراحة الوفاء قبل الرحيل والتي تجسد كوكب في داخل النفس وتقرب الألفة بين الجميع، هذا المقال يجسد طريقة ولاة الأمر والأفضل من الأقوام النبلاء رعاهم الله، أرجوا قبول كلمات مكرر شكرا من الأعماق على تواجدك معنا في الواحة نيوز وفي كل زمان ومكان.
شكرا لمرورك أستاذي الموقر .. ومرورك نوع
من أنواع التكريم.
أستاذي الموقر تعليقك أضاف عمق وثراء للمقال… شكرا لمرورك الكريم .
التعليق
الكلمة التي تداهم الكوامن مثلها مثل صواريخ الحرب..صواريخها معبأة بالورد والياسمين والحب..هكذا تفاهمنا معصومة..
لانملك أمام هذا الابداع الا ان تناخ رحالنا أمام سطوة كل ذلك الابداع…
جميل جدا فعلا لماذا لا يكون والإنسان على قيد الحياة المدحوالثناء والشكر هل فقط بعد الممات ليسمعوا ذويه
فعلا راق لي كثير هذا الموضوع.
شكراً د معصومة دوم تتحفينا بالجميل
محمد المسيلم
تقديري وامتناني .. وهذا ما نأمله أستاذي .
تشبيه قوي بقوة تذوقك أستذي .. فائق تقديري
شكر لمرورك الكريم وتعليقك قوي بقوة تذوقك الأدبي.