أكدت دراسة تاريخية بأن المنطقة الشرقية من شبه الجزيرة العربية كانت سوقاً دولياً لأفضل أنواع الخيل منذ أزمنة بعيدة. وذكرت الباحثة فاطمة عمر العلي خلال ندوة بعنوان “الخيل العربي.. ثقافة وتجارة” ضمن فعاليات مهرجان (واحة الأحساء) في مسرح (الخيالة) في عين النجم، بأن الخيل تعتبر من أجود السلع التي صدرتها شبه الجزيرة العربية لأقطار العالم.
وقالت العلي التي حصلت على الماجستير من كلية الآداب بجامعة الملك فيصل بالأحساء عن دراستها (تجارة الخيل في شرق شبه الجزيرة العربية 1288هـ – 1331هـ)، قالت بأن الكويت والبصرة كانتا خلال تلك الفترة مركزاً رئيسياً لتصدير الخيل فتوافرت فيهما الموانئ والسفن المناسبة لنقل الخيل، وكان نقل الخيل البحري يتطلب سفناً بمواصفات خاصة، فاستحدثت سفن (البغلة)، وتأسست شركة المراكب العربية المحدودة لتطوير النقل البحري بين الكويت والهند،واستوردت عربات النقل التي تجرها الخيل إلى بلاد العرب.
وأشارت بأن الخطاب الإسلامي في عمومه تضمن سواء في الكتاب أو السنة الحث على استخدام الخيل في خدمة الإسلام وتهذيب النفس وتوجيهها لاقتناء الخيل، قال تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ)، وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: (الخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ).
وأوضحت العلي بأن “كرائم الخيل في شرق شبه الجزيرة العربية ذات صيت ذائع، فعرفت المنطقة بغناها بالخيل، وأصبح اللؤلؤ والخيل هما جواهر شرق شبه الجزيرة النفيسة، ولهذا ارتفعت الأهمية التجارية للخيل في أنحاء العالم”.
وحول أشهر ملاك الخيل في تلك الفترة، بينت بأن مربط الإمام فيصل بن تركي (1203هـ – 1282هـ) كان من أشهر مرابط الخيل بتاريخ شبه الجزيرة العربية، حيث تشير مصادر تاريخية بأنه كان يضم عدداً كبيراً من الخيل الأصيلة في الرياض والخرج، وبلغ من اهتمامه أن وّجه عثمان بن بشر إلى تأليف كتاب (سهيل فيما جاء من ذكر الخيل).
وقالت الباحثة العلي بأن العرب يفضلون إناث الخيل على ذكورها؛ ولذلك ارتفعت أسعار الأفراس الإناث ارتفاعاً كبيراً عن الحصان، ولأنها أصبحت ذات قيمة مادية مرتفعة؛ فقد صار تملكها صعباً، والعناية بالخيل أيضاً تكلف مبالغ باهظة، وأضحى من الصعب توفير متطلباتها من العلف، وهذا ما جعل ملكيتها محصورة بين ميسوري الحال في أغلب الأحيان، إضافة إلى أن الظروف المعيشية الصعبة شكلت سبباً في حصر ملكيتها، لأنها تحتاج إلى تكاليف مادية عالية لاقتنائها ورعايتها.