تشهد المملكة العربية السعودية ارتفاعا في نسبة الطلاق بين المتزوجين حديثًا هذا العام، والنسبة تزداد عامًا بعد عام، فارتفاع نسبة الطلاق يعني قلة الأسر، وقلة الأسر تعني قلة أفراد المجتمع وانتشار التفكك الأسري.
ووفقًا لهيئة الإحصاء، ازدادت نسبة الطلاق 12.7% في عام 2020م عن عام 2019م، وقد أشارت أيضا إلى أن معدلات الطلاق وصلت إلى حالة كل 10 دقائق، وأجرى “عبدالله الحمد” تحقيقًا استقصائيًا بعد أن بحث في دراسات علمية، وفي إحصائيات لدى عدد من الجهات الحكومية.
أسباب حدوث الطلاق
أغلب الأسباب هي مشاكل مستمرة لفترات طويلة، أو حتى مدى الحياة، وإما أن تكون من إحدى الزوجين، أو من المجتمع الذي يعيشان فيه. فتذكر بعض الدراسات أن من هذه الأسباب إهمال أحد الزوجين لحقوق الآخر، وقد تكون من زوج لا ينفق على زوجته من شدة بخله، أو من زوجة تهمل مهامها المنزلية ولا تعتني بزوجها، أو من الطرفين نفسهما. أيضا، عدم توافق اجتماعي بين الزوجين أحد أسباب الطلاق، ويكون إما تعليميا، أو ثقافيا، أو اقتصاديا، أو عمريا.
والسبب غالبا في عدم التوافق هو الفارق العمري الكبير بين الزوجين. بالإضافة إلى ذلك، الخيانة الزوجية أحد أسباب الطلاق أيضا، فهناك الكثير من حالات الطلاق سببها الخيانة الزوجية، وأبرز سبب للخيانة هو شبكات التواصل الاجتماعي. كذلك، تدخل الأهل والأصدقاء في حياة الزوجين، فلا شك أن تدخل الأهل والأصدقاء غالبا ما يؤدي في النهاية إلى الطلاق.
والسؤال هنا: لماذا يتدخل الأهل والأصدقاء في حياة الزوجين؟ والإجابة هي من الزوجين نفسهما في غالب الظن. كيف؟ من خلال شكوى أحد الزوجين من الآخر عند الأهل والأصدقاء. أيضا، عدم الإنجاب أحد العوامل الدافعة إلى الطلاق، فيمثل الإنجاب ضرورية اجتماعية، وأهمية كبيرة، ويعد من العوامل استقرار الحياة الأسرية. كما أن قلة الدخل أحد الأسباب، فإذا قل الدخل، تأثرت احتياجات الأسرة ومتطلباتها، وهو ما يؤدي إلى خلق توترات ومشاكل في حياة الزوجين. أيضا، محاولة سيطرة الزوج على أموال زوجته، فيكون الهدف الرئيسي للزواج هو سيطرة الزوج على أموال زوجته واستغلالها ماديا، وفي حال رفض الزوجة إعطاءه الأموال، سيمارس العنف ضدها، مما سيؤدي إلى طلب الطلاق من الزوجة.
وأخيرا، الغيرة الزائدة والتي تكون من الزوج أو الزوجة، فقد تدفع إلى التجسس، والتحليل السلبي لكل كلمة أو حركة، مما يعكّر صفوة الطرف الآخر ويوتره.
آثار الطلاق على المجتمع
تذكر بعض الدراسات العلمية أن زيادة نسبة الطلاق يزيد من المشكلات الاجتماعية، وتحديدا على النساء والأطفال. فأول شيء تعاني منه المرأة هو التكيف مع الوضع الجديد بعد الطلاق، وتكوين علاقات جديدة بعد أن كانت علاقاتها مرتبطة بنساء متزوجات. وأيضا، ستعاني المرأة من نظرة المجتمع القاسية للمرأة المطلقة، ومسؤولية تربية الأبناء بمفردها، والمشاكل المادية مثل الصرف على نفسها وأبنائها. فكلما كانت المرأة تنتمي إلى مستوى اقتصادي منخفض، كانت أكثر عرضة للمعاناة المادية، وخاصة مع رفض الكثير من الأزواج المطلقين دفع النفقة لزوجاتهم.
أما عن الأطفال، فسيفقدن الجو الأسري نتيجة التوتر بين أفراد الأسرة، وهو ما يمثل الحرمان. وسيفقدن الثقة بالذات لانعدام ثقتهم بوالديهم، لأنهم سيعتقدون أن والديهم يتصرفون بطريقة لا يمكن الوثوق بها، وتحديدا إذا استخدم أحد الوالدين الأطفال في إيذاء الآخر. وهنا، سيصاب الأطفال بالأمراض النفسية مثل: الحزن، الاكتئاب، والعزلة.
وسيشعر الأطفال بالغموض بشأن المستقبل، وهذا لانعدام الاستقرار الأسري الذي سيؤدي إلى ضعف المستوى التحصيلي الدراسي للأطفال، وتعرضهم للانحراف نتيجة ضعف المتابعة والتربية والاهتمام من الوالدين. وربما سيتعرضون إلى التعنيف من إحدى الوالدين نتيجة التوتر الحاصل في حياة الأسرة. وربما ستكون النتيجة في النهاية هي التفكك الأسري.
كيفية تقليل نسبة الطلاق
تقل نسبة الطلاق من خلال التثقيف الأسري الذي يتم من خلال أن يتابع المقبلين على الزواج والمتزوجين الدورات والمحاضرات واستشارة أهل الاختصاص. بالإضافة إلى ذلك، الذهاب إلى مراكز الإصلاح الأسري للأزواج الذين لديهم مشاكل وأخذ عدد معين من الجلسات مع أهل الاختصاص.
وأيضا التدخل الأسري والمقصود منه ليس تدخل أهل الزوجين في حياتهم الشخصية، بل توفير الدعم للزوجين من خلال إشراك أفراد الأسرة في مساعدة الزوجين على حل المشكلات فقط. وأخيرا، متابعة أهل الاختصاص والجمعيات الأسرية على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي لأن هذا يزيد من ثقافة الزوجين في موضوع التثقيف الأسري. فمثلا، لدينا جمعية التنمية الأسرية نشرت على منصة الإكس (تويتر سابقا) هذه السنة 115 تغريدة وعدد مشاهداتها 122,904 مشاهدة بالإضافة إلى ذلك مركز الإصلاح الخاص بها فإجمالي حالات هذه السنة 34 حالة، والذي تمت بالصلح 11 حالة، والذي لم تتم بالصلح 6 حالات، والذي تحت الدراسة 13 حالة، والتي لم تتجاوب 4 حالات، وعدد الجلسات 80 جلسة، وعدد المستفيدين 255 مستفيد، ونسبة الصلح 65%، وعدد المصلحون 17 مصلح.
طرق الوقاية من الطلاق
أحد أبرز وأشهر الطرق الموجودة في عصرنا الحالي هي الذهاب إلى المؤسسات المتخصصة في التنمية الأسرية، قبل الزواج للتهيئة وبعد الزواج لزيادة الثقافة والخبرة. بالإضافة إلى ذلك، فهم احتياجات الطرف الآخر والسؤال عنها، ما هي احتياجاتك؟ هل هي الأمانة، الحب، المصداقية؟ وهناك مقولة تنطبق عليه هذه الطريقة وهي “أفهم زوجك تهدأ نفسك”.
وأيضا المصارحة مهمة جدا بين الزوجين، فهناك أزواج لم يصارحوا بعضهم منذ أن تزوجوا، فعلى الأقل تكون المصارحة مرة في العمر والأفضل تكون مستمرة بشكل سنوي أو شهري، فعدم المصارحة يعتبر طلاق مخفي مثل ما قالوا عنه علماء الاجتماع، والمقصود هو أن الزوجين متزوجين اجتماعيا ومنفصلين في المنزل. إلى جانب ذلك وهو الأهم، التقبل. والمقصود هو الوصول إلى مرحلة تقبل الطرف الآخر بعيوبه.