شهد فندق الأحساء إنتركونتيننتال مساء السبت 6 ديسمبر 2025م، تنظيم ورشة عمل نوعية حملت عنوان «التراث غير المادي… تطلعات وتحديات»، نظّمتها جمعية التراث غير المادي بالأحساء، بتوجيه من رئيس الجمعية الدكتور عثمان الصيني، وحضور عضو الجمعية المؤسس الدكتور سمير الضامر، والرئيس التنفيذي الأستاذة سارة سعود الجهني، وتقديم العضو المؤسس الشاعر والإعلامي والباحث الأستاذ راشد عبدالرحمن القناص ، وسط حضور نخبوي من الباحثين والمختصين في الشأن التراثي.
فضاءٌ يستعيد ذاكرة المكان
غدت القاعة مساحة تتوهّج بذاكرة الأحساء؛
حكايات تُستعاد، وأصوات حرفٍ تتردّد، وملامح إنسانٍ أحسائيٍّ تنبعث من بين الكلمات.
كان المشهد أشبه بعبورٍ بين زمنين…
ماضٍ يمد جذوره، وحاضرٍ يعيد إليه الحياة، تأكيدًا على أن التراث غير المادي ليس سردًا محفوظًا، بل روحٌ حيّة تُضيء وجدان المجتمع.
افتتاح رسمي… وكلمة ترحيبية للمقدم راشد القناص
بدأت الورشة بالسلام الملكي السعودي، قبل أن يعتلي المنصة الشاعر والباحث راشد القناص مقدّمًا كلمة حملت نبرة شاعرٍ عاشق للمكان، قال فيها:
«أنقل لكم تحيات رئيس مجلس الإدارة الدكتور عثمان الصيني وشكره على حضوركم الكريم.
ثم قال عاشق المكان والتراث والتاريخ والموروث الشعبي راشد القناص :
التراث ليس ذاكرةً نحتفظ بها على الرفوف… بل هو نحن؛ أصواتنا، طقوسنا، حكاياتنا، وملامحنا التي لا تكبر. وما نجتمع عليه اليوم هو صونُ حياةٍ تتوارثها الأجيال قبل أن تتوارى.
كلمةٌ شكّلت جسرًا دافئًا عبَر منه المشاركون نحو نقاشٍ علميٍّ ثريّ.
الرئيس التنفيذي: رؤية استراتيجية وتحديات ملهمة
قدّمت الأستاذة سارة سعود الجهني كلمة أكدت فيها أن حماية التراث مسؤولية مشتركة تتكامل فيها جهود المجتمع، مبينة أن الجمعية تعمل على تنفيذ مشاريع نوعية في مجالات التوثيق والتدريب والمبادرات المجتمعية، وأن المرحلة المقبلة ستشهد برامج أكثر اتساعًا واستدامة.
وأوضحت الجهني أن الجمعية واجهت خلال مسيرتها عدداً من التحديات، تمثّلت في ضعف الوعي المجتمعي بأهمية التراث غير المادي، وقلة الموارد المخصصة للمشاريع البحثية، والصعوبات المرتبطة بحصر الممارسين والحرفيين والوصول إليهم لتوثيق معارفهم. وأكدت أن الجمعية تمكنت من تجاوز هذه الصعوبات عبر بناء شراكات فاعلة، وتطوير آليات التوثيق، وتفعيل برامج تدريبية تستهدف المختصين والمهتمين، إلى جانب إطلاق مبادرات مجتمعية أسهمت في رفع مستوى الوعي بالتراث الوطني.
واختتمت الجهني كلمتها بالتأكيد على أن ما تحقق يمثل قاعدة متينة للانطلاق نحو مرحلة قادمة أكثر نضجًا وفاعلية، بما يعزز دور الجمعية في صون التراث غير المادي والمحافظة عليه .
كلمة الدكتور سمير الضامر… بوصلة تُضيء الطريق
ألقى الدكتور سمير الضامر كلمة لاقت تفاعلًا واسعًا، قال فيها:
«التراث غير المادي هو الذاكرة الحية التي تحرس الهوية، وهو الامتداد الطبيعي للرؤية السعودية 2030 م التي جعلت الثقافة جزءًا من قوة الوطن ومستقبله. وما تقوم به الجمعية اليوم ليس توثيقًا فحسب… بل صناعة وعي، وبناء مستقبلٍ يعرف جذوره جيدًا.»
وأشار الضامر إلى أن تجاوز التحديات جاء ثمرة إيمان العاملين برسالة الجمعية، ودعم المجتمع، ووعي الأجيال بقيمة الإرث الوطني.
كما عُرض فيلم تعريفي جسّد مسيرة الجمعية وإنجازاتها وريادتها في حفظ التراث اللامادي.
محاور علمية تُلامس عمق الهوية
توزعت الورشة على أربعة محاور رئيسة:
الاهتمامات – الرؤية – التطلعات – التحديات .
وشارك في إثرائها نخبة من المتحدثين:
.أ. خالد الفريدة
.د. غازي المغلوث
.الباحث طارق الفياض
.د. أحمد العمير
.أ. محمد الجلواح
.د. ياسين الرمضان
.م. عبدالله الشايب
.المرشد السياحي أ. عبدالعزيز العمير
.الأستاذة إلهام الجبارة
امتدت الحوارات بينهم كجسرٍ يصل الحاضر بالجذور، مؤكدين أن التراث الحي مرآة الهوية السعودية وبوابة فهم الإنسان والمكان.
تفاعل المجتمع ودور العضويات
قدّمت الأستاذة أمجاد الشاقي عرضًا تفصيليًا حول آلية العضويات في الجمعية، مبينة أن المجتمع هو الشريك الأول في حماية التراث واستدامته، وأن المرحلة القادمة ستشهد فرصًا أوسع للمشاركة التطوعية والبحثية.
ختامٌ بنكهة أحسائية أصيلة
اختُتمت الورشة بمأدبة غداء تراثية جسّدت الضيافة الأحسائية في أجمل صورها، لتكتمل لوحة اليوم بين الهوية المعرفية والهوية الغذائية والوجدان الشعبي.
رسالة المستقبل
غادر الحضور وهم يجمعون على حقيقة واحدة:
«ما دامت الأحساء تنبض بالتراث… فالمستقبل سيأتي دائمًا محمّلًا بالهوية والضوء.»
