عندما تتقاطع التجارب وتتفق الرسائل: ما تعلّمته من مؤتمر دولي يضم أكثر من 65 دولة

1 تعليق
عندما تتقاطع التجارب وتتفق الرسائل: ما تعلّمته من مؤتمر دولي يضم أكثر من 65 دولة
https://wahhnews.com/?p=90817
عندما تتقاطع التجارب وتتفق الرسائل: ما تعلّمته من مؤتمر دولي يضم أكثر من 65 دولة
الواحة نيوز

مع نهاية نوفمبر، وجدت نفسي أعود إلى بدايته. أُعدّ حقائبي للعودة إلى الوطن، وأتأمل هذا الشهر كمحطة متكاملة جمعت بين التجربة، والتعلّم، والتحوّل.

في مطلع الشهر، كنت في الأحساء أشارك في تنظيم ملتقى “لستِ وحدك”، الذي جمع أكثر من 250 امرأة في مساحة آمنة احتفت بالمشاعر، والدعم، والوعي الذاتي. وفي نهايته،أجدني في طوكيو أشارك في المؤتمر الآسيوي السابع عشر للتعليم، بحضور ممثلين من أكثر من 65 دولة.
ورغم اختلاف المكان واللغة والسياق، ظهرت لي رسالة واحدة بوضوح: أهمية التعلّم الاجتماعي والانفعالي، والاعتراف بأن الإنسان، بمشاعره وتواصله، هو جوهر كل عملية تعلّم وتطوّر. سواء في جلسة محلية نسائية، أو مؤتمر دولي، تكرّرت الحاجة ذاتها:أن نُصغي، أن نفهم، وأن نضع الإنسان في قلب كل حوار.

في ملتقى “لستِ وحدك”، لم يكن الهدف تبادل المعلومات، بل خلق مساحة آمنة للتعبير والاستماع. ومن خلال المشاركة الصادقة، تحولت التجارب الفردية إلى وعي جماعي، يعزّز الشعور بالانتماء ويفتح المجال لفهم أعمق للذات والآخر. وفي المؤتمر، لم يكن التركيز على المناهج أو السياسات التعليمية فقط، بل على أهمية الأبعاد الاجتماعية والنفسية في التعليم. هذه المبادئ لا تنحصر في المدرسة أو الجامعة، بل تمتد إلى العلاقات بين الوالدين وأبنائهم، الأصدقاء، المعلم والمتعلم، الطبيب والمريض، وحتى في مؤسسات المجتمع.

رغم تنوّع التخصصات والمجالات، واختلاف الفئات العمرية والتعليمية، أكّد كثير من الباحثين على أهمية منح المشاعر والتواصل الصادق مكانة محورية، باعتبارها أساسًا للتعلّم، وبناء العلاقات، وتحقيق النجاح. كما أشار المشاركون إلى أن التعلّم الاجتماعي والانفعالي لا يقل أهمية عن المحتوى الأكاديمي، وأن المهارات والعلاقات يجب أن تكون جزءًا أساسيًا من العملية التعليمية، لا عنصرًا ثانويًا.

في إحدى الجلسات، قال أحد الباحثين المشاركين في هذه الجلسة جملة بسيطة لكنها بقيت عالقة في ذهني: “يمكنك أن تأخذ دورة تدريبية عبر الإنترنت، أن تتعلم مهارة جديدة أو تتعرّف على موضوع ما، لكن ما يبقى حقًا هو التفاعل الإنساني… ما تتعلمه من اللقاء الحقيقي مع شخص آخر، من الاستماع لتجاربه، وأفكاره، ووجهات نظره، هو الأثر الأعمق والأطول.” توقفت عند هذه الفكرة طويلًا. ففي زحمة المحتوى والمعرفة المتاحة، ننسى أحيانًا أن أعمق أشكال التعلّم ممكن أن تحدث مع شخص اخر، بعد لقاء صادق أو حوار مفتوح. ولذا مثل هذه التجارب تمنحنا بُعدًا جديدًا لفهم حاجتنا العميقة إلى المساحات التي نتشارك فيها ونتعلّم ونتغيّر معًا. سواء كانت محلية أو عالمية، فهي ليست رفاهية، بل ضرورة. ففي كلا الحدثين، تكرّرت نفس الحقيقة: أن التحوّل لا يبدأ بالمحتوى، بل بالنية في بناء علاقات قائمة على الوعي المشترك، والفهم، والثقة، والاحترام المتبادل. نعم فمع اقتراب العودة، أدركت أن ما في حقيبتي يتجاوز الهدايا والتذكارات المادية. في حقيبتي تجارب ترسخ رسالة واضحة: التعلّم لا يُختصر بما نعرفه، بل يتجلّى في ما نعيشه ونشعر به. فالإنسان، لا المنهج، هو محور كل تطوير حقيقي.

من الأحساء إلى طوكيو، أدركت أن كل تفاعل بسيط يحمل فرصة لوعي أوسع، ولفهم أعمق، وثقة أكبر، ونمو مشترك.

د.هاجر خليفه السلطان

أستاذ مساعد الثقافة وتعليم اللغة الانجليزية كلغة ثانية/أجنبية

جامعة الملك فيصل

التعليقات (١) اضف تعليق

  1. ١
    زائر

    جميل جدا استشعارك
    والإنسان يحتاج جميع جوانب الاهتمام المختلفه

اترك تعليق على زائر الغاء الرد

بريدك الالكترونى لن نقوم بأستخدامه.

You may use these HTML tags and attributes:
<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>