نظّم نادي وسم الثقافي مساء اليوم الأربعاء 29 أكتوبر 2025م، على مسرح سايتك بمدينة الخبر، أمسيةً نوعيةً بعنوان «بين لغة الكرة ولغة الكلمة»، استضاف فيها الأستاذ أحمد عيد الحربي – الرئيس الأسبق للاتحاد السعودي لكرة القدم ولاعب النادي الأهلي الملكي النخبوي والمنتخب السعودي – في حوارٍ ثري أداره الإعلامي القدير الأستاذ جاسم العثمان، بحضور رئيسة النادي الدكتورة عبير بنت علي العبدالقادر، وجمعٍ من الأدباء والإعلاميين والمهتمين بالشأنين الرياضي والثقافي.
افتتاح اللقاء
استهلّت رئيسة النادي الدكتورة عبير العبدالقادر الأمسية بكلمةٍ عبّرت فيها عن شكرها وامتنانها لحضور شخصيةٍ رياضيةٍ بحجم الأستاذ أحمد عيد، وشخصيةٍ إعلاميةٍ بحجم الأستاذ جاسم العثمان، كما شكرت الحضور من الأدباء والمثقفين والرياضيين والإعلاميين والمهتمين.
وأشادت بمسيرة أحمد عيد التي «رسمت للشارع الرياضي خطة عملٍ لا تزال آثارها الإيجابية ممتدة على مستوى الوطن»، وبعطاء الإعلامي جاسم العثمان الذي «أثّر في الساحة الإعلامية وارتقى بها».
وأكدت أن النادي يسعى إلى ربط الثقافة بالرياضة تحت مظلةٍ واحدة تُعنى بالفكر والإبداع والهوية الوطنية، وأن هذه الأمسية تأتي امتدادًا لنهج النادي في جعل الأدب فضاءً للحوار مع مختلف التجارب الإنسانية، مشيرةً إلى أن الأدب ليس حكرًا على النصوص، بل هو وعيٌ بالجمال في كل ما يترك الأثر.
كما أعربت عن شكرها وتقديرها لـ هيئة تطوير المنطقة الشرقية على دعمها المتواصل للمبادرات الثقافية، وحرصها على تعزيز مفهوم المسؤولية المجتمعية بوصفه جزءًا أصيلًا من التنمية الثقافية في المنطقة.
من الميدان إلى المنصّة
أدار الإعلامي جاسم العثمان الحوار بروحٍ أخويةٍ خفيفة الظلّ بعيدًا عن الرسمية، مستعرضًا محطاتٍ من مسيرة الضيف الميدانية والإدارية، مؤكدًا أن كرة القدم كانت مدرسته الأولى في القيادة والإصرار.
فعندما يُذكر اسم أحمد عيد، لا يُستحضر مجرد لاعبٍ أو إداريٍّ، بل رمزٌ رياضيٌّ جمع بين الميدان والإدارة، وسجّل اسمه كأول رئيس مُنتخب في تاريخ الاتحاد السعودي لكرة القدم عام 2012م، فاتحًا صفحةً جديدةً في الوعي الرياضي بالمملكة.
البدايات: حارسٌ يحرس الحلم
بدأ أحمد عيد مسيرته حارسَ مرمى في النادي الأهلي السعودي، متميّزًا بموهبته وهدوئه وثقته العالية، ومثّل المنتخب السعودي في بطولاتٍ محليةٍ وخارجية، وكان أحد رموز الجيل الذهبي للأهلي في السبعينيات والثمانينيات، قبل أن ينتقل إلى العمل الإداري في الاتحاد السعودي لكرة القدم.
التحوّل إلى القيادة والإدارة
تدرّج الحربي في المناصب الإدارية حتى تولّى رئاسة الاتحاد السعودي لكرة القدم بالانتخاب عام 2012م، في تجربةٍ وصفتها الـ FIFA بأنها «نقلة نوعية في الحوكمة الرياضية على مستوى المنطقة».
ومن أبرز منجزاته خلال فترة رئاسته (2012 – 2016م):
• إطلاق عهد الانتخابات الرياضية وترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة.
• توقيع اتفاقيات تجارية كبرى أبرزها عقد حقوق البث مع مجموعة MBC ورعاية الدوري تحت مسمى دوري عبداللطيف جميل.
• شراكة مع المركز الدولي للأمن الرياضي (ICSS) لمكافحة التلاعب والفساد الرياضي.
• استضافة كأس السوبر السعودي في لندن لأول مرة.
• قيادة المنتخب الوطني في المرحلة المؤهلة لكأس العالم 2018 وتحقيق المركز (28) عالميًا في تصنيف الفيفا.
• تحقيق الأندية السعودية بطولاتٍ محليةٍ وخارجيةٍ عزّزت مكانة الكرة السعودية ورسمت صورة منافسة وطنية شاملة.
رؤية رياضية وإنسانية
قال أحمد عيد خلال الحوار:
“كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل مسؤولية مجتمعٍ كاملٍ يحبها ويعيشها.”
مضيفًا أن الاحتراف الحقيقي يبدأ من الفكر والانتماء قبل النتيجة، مؤكدًا أن الرياضة بوابةٌ للتنمية الإنسانية قبل أن تكون منافسةً في الميدان.
إرثٌ يتواصل
بعد انتهاء فترة رئاسته، ظلّ الحربي حاضرًا كمستشارٍ وخبيرٍ ومرجعٍ في الشأن الرياضي، يُستدعى اسمه كلما ذُكر التطوير المؤسسي والتحوّل نحو الاحتراف، ليبقى رمزًا يُلهم الأجيال ويذكّرهم بأن الحلم يُحرس بالإصرار كما تُحرس الشباك بالثقة.
أحمد عيد يستعيد سيرة الأمير عبدالله الفيصل
استعاد الحربي في ختام اللقاء ذكرى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله الفيصل – رحمه الله –، واصفًا إيّاه بأنه «شاعر الرياضة وفيلسوف الانتماء»، قائلاً:
“الأمير عبدالله الفيصل لم يكن مجرد داعمٍ للرياضة، بل هو الروح التي بثّت في الملاعب معنى الانتماء والذوق الرفيع، شاعرٌ كتب بإحساس الوطن قبل أن يكتب بالحبر.”
وتوقف عيد عند الجانب الشعري للأمير الراحل، واصفًا قصائده بأنها “بوح القلب المفعم بالعاطفة الصادقة، ومرآةٌ لجمال اللغة وعمق الإحساس”، مؤكّدًا أن تميّز الأمير عبدالله الفيصل في الشعر يعكس إنسانيته الراقية ورؤيته المتقدمة في فهم الناس والحياة والفن.
واختتم حديثه قائلًا:
“حين نقرأ شعر الأمير عبدالله الفيصل، نكتشف أن الجمال لا يقتصر على النص، بل يمتد إلى السلوك والموقف، تمامًا كما كان في ميادين الرياضة، قائدًا يلهم ورجل دولةٍ يزرع الأثر ولا ينتظر التصفيق.
تفاعل الحضور ووهج الأمسية
شهدت الأمسية حضورًا نوعيًا وتفاعلًا كبيرًا من الجمهور الذي امتلأت به قاعة سايتك، حيث تداخلت الأسئلة بين الرياضيين والمثقفين في حوارٍ جمع بين الحنين والتأمل والتقدير لمسيرة الحربي.
وفي ختام اللقاء، سلّمت رئيسة النادي الدكتورة عبير العبدالقادر شهادة تكريم لضيفي اللقاء ، والتُقطت الصور التذكارية وسط تصفيقٍ حارٍّ احتفاءً بتجربته الثرية وإنسانيته الرفيعة.
