د.عرفات المرزوق ‏تكتب: التدريب التحويلي.. من اكتساب المهارات إلى إعادة تشكيل العقلية المهنية

التعليقات: 0
 د.عرفات المرزوق ‏تكتب: التدريب التحويلي.. من اكتساب المهارات إلى إعادة تشكيل العقلية المهنية
دكتور عرفات المرزوق
https://wahhnews.com/?p=83764
 د.عرفات المرزوق ‏تكتب: التدريب التحويلي.. من اكتساب المهارات إلى إعادة تشكيل العقلية المهنية
الواحة نيوز

في زمنٍ تتسارع فيه المعارف، وتكثر فيه التحديات ، لم يعد التدريب مجرد محطة لالتقاط المهارات أو ‏اكتساب بعض الأدوات التقنية، بل غدا مسارًا تحويليًا يعيد تشكيل العقلية، ويصوغ الفكر، ويستنبت في الإنسان ‏معنى جديدًا للوجود المهني‎.‎

لم يعد المتدرب ذلك المتلقي الصامت الذي يحضر جلسة تدريبية ليخرج منها بمذكرة أنيقة وبعض الشرائح ‏اللامعة، بل أصبح شريكًا في التجربة، وفاعلًا في التحول، وصانعًا لقيمته الداخلية‎. ‎التدريب اليوم ليس فعلاً ‏مضافًا، بل فعلًا محوريًا في هندسة الذات المهنية، وتكوين الشخصية القيادية، وتجديد للرؤية والرسالة تجاه العمل ‏الذي يقوم به‎.‎

إن التدريب التحويلي لا يكتفي بترقية الأداء، بل يسعى إلى إعادة تعريف المفاهيم، وكسر الأنماط الجامدة، ‏وزرع التساؤلات الذكية التي تحرّك في النفس نهمًا للتعلّم المستمر، وتفتح مدارك جديدة نحو التغيير. هو ذاك ‏النوع من التدريب الذي لا يستحي أن يصطدم بالمعتقدات المهنية السائدة إذا ما ثبت عجزها عن مواكبة العصر، ‏ولا يتردد في نسج عقول جديدة بلغة جديدة‎.‎

ولأن العقلية هي مرآة السلوك، فإن التدريب التحويلي ينفذ إليها برفق، يغرس الإلهام قبل المعلومة، ويبعث ‏الحماسة قبل المهارة، ويرفع منسوب الوعي قبل أي أداة تطبيقية‎. ‎هو تدريب يلامس الروح لا اليد، يوقظ في ‏القلب إحساس الانتماء قبل أن يوجّه نحو المهام‎.‎

في المؤسسات التربوية والتعليمية، نحن اليوم بحاجة إلى هذا النوع من التدريب‎:
تدريب يعيد تشكيل علاقة القائد بفريقه، والمعلم بطلبته، والإداري برسالته‎.

تدريب لا يتوقف عند حدود “ماذا أفعل؟”، بل يمتد إلى سؤال أعمق‎: “‎لماذا أفعل؟‎”

وهنا يكمن الفرق الجوهري بين التدريب التقليدي والتحويلي: الأول يغيّر الأفعال، والثاني يغيّر القناعات‎.‎

إننا في زمن لا يكفي فيه أن نكون “أكثر كفاءة”، بل ينبغي أن نكون أكثر وعيًا، أكثر مرونة، أكثر فهمًا للغد‎. ‎والتدريب التحويلي هو مفتاحنا إلى ذلك الغد، ليس لأنه يضيف إلينا أدوات جديدة، بل لأنه يعلّمنا كيف نُعيد ‏استخدام أدواتنا القديمة بعيون جديدة، وعقول أوسع، وأرواح مؤمنة بأن التغيير يبدأ من الداخل‎.‎