لقد اتفقت معظم تعريفات الطالب الموهوب على مستوى العالم على أن الموهبة لا يمكن أن تبرز أو تظهر و لا يمكن إنتاجها إلا من خلال ( منظومة متكاملة ).
حيث تتكون هذه المنظومة من عناصر أساسية و مترابطة كلما ارتفع مستوى التفاعل فيما بينها كلما ظهرت و برزت موهبة الطالب، و هذه العناصر متنوعة ما بين أشكالها تزيد أو تنقص حسب كل تعريف تربوي.
و من هذه العناصر هي : الطالب الموهوب – و المدرسة – و الأسرة – و الأصدقاء – و زملاء المدرسة – و البيئة – و التطور المعرفي – و نوع البرامج الإثرائية المقدمة – و أساليب الرعاية – و أساليب الاكتشاف .
و لكن دعونا في هذا المقال نضع المجهر على عنصر مهم جدا في منظومة الموهبة، ألا و هو عنصر المدرسة، و هو العنصر الأهم و الأكثر فاعلية في منظومة الموهبة، بل هو البوابة الرئيسية في اكتشاف الطلبة الموهوبين و رعايتهم.
ومن هنا يأتي السؤال ما هي خصائص المدرسة التي تمتاز بالجودة العالية في اكتشاف و رعاية الموهوبين؟ و لكي نتعرف على هذه الخصائص يجب علينا إغمار مصطلح المدرسة في تعريف الطالب الموهوب لكي يخرج مصطلح المدرسة مصبوغ بصبغة تعريف الطالب الموهوب ، عندها سوف يتغير مصطلح المدرسة إلى مصطلح ” المدرسة الموهوبة ” ، و قبل أن نبتكر تعريف ” للمدرسة الموهوبة ” سوف نلقي نظرة على تعريف الطالب الموهوب .
إذا عرفنا أن الطالب الموهوب بأنه الطالب يتفوق و يتميز على زملائه الذين معه في نفس العمر من خلال معيار ” الأداء المتميز ” و هي الموهبة التي تحمل طابع ” المهارة الفائقة ” مثل الأداء المتميز في المشاركة في فعاليات أو مسابقات الرياضيات أو العلوم أو الكيمياء أو الفيزياء أو الأحياء أو الفلك و الفضاء أو المعلوماتية أو التمثيل أو القراءة أو الإلقاء أو الحفظ أو الألعاب الرياضية أو الألعاب الإلكترونية، أو من خلال معيار ” المنتج الإبداعي ” و هي الموهبة التي تحمل طابع ” التصميم الإبداعي ” مثل المنتجات الإبداعية في فعاليات أو مسابقات البحث العلمي أو الابتكار أو البرمجة أو التأليف، أو من خلال معيار ” القدرات العقلية المتعددة ” و هي الموهبة التي تقاس باختبارات الذكاء مثل الطالب الموهوب الذي يحصل على درجات استثنائية عالية في ” اختبار مقياس موهبة ” .
و من خلال التعريف السابق للطالب الموهوب نستطيع أن ندرك بأن مفهوم ” المدرسة الموهوبة ” يرتبط بقدرة المدرسة في اكتشاف و رعاية الطلبة الموهوبين وإبراز قدراتهم بجودة عالية بناء على معايير متنوعة تتفق و تتطابق مع مستهدفات النظام التعليمي.
و من هنا يمكننا أن نعرف ” المدرسة الموهوبة ” بأنها المدرسة التي لديها استراتيجيات في اكتشاف و رعاية الموهوبين و يكون لديها حصيلة من الطلبة الموهوبين في مسار ” الأداء المتميز ” و حققوا إنجازات في فعاليات أو مسابقات الرياضيات أو العلوم أو الكيمياء أو الفيزياء أو الأحياء أو الفضاء أو التمثيل أو الإلقاء او الحفظ أو الألعاب الإلكترونية ، أو يكون لدى المدرسة حصيلة من الطلبة الموهوبين في مسار ” المنتج الإبداعي ” و حققوا إنجازات في فعاليات أو مسابقات البحث العلمي أو الابتكار أو البرمجة أو التأليف ، أو أن يكون لدى المدرسة حصيلة من الطلبة الموهوبين في مسار ” القدرات العقلية المتعددة ” وحققوا إنجازات في اختبار مقياس موهبة و حصلوا على درجات استثنائية عالية .
و دعونا نلقي نظرة على بعض نماذج ” المدرسة الموهوبة ” فنجد مدرسة قد تميزت في اكتشاف و رعاية الطلبة الموهوبين في مجال الروبوتات و الأجهزة الذكية و قد وفرت لهم الدعم من خلال توفير أجهزة الروبوتات و الأجهزة الذكية الحديثة.
بالإضافة إلى توفير مدرب خبير و متميز في مجال الروبوتات و الأجهزة الذكية و قد حقق الطلبة الموهوبين من هذه المدرسة إنجازات محلية و دولية في فعاليات و مسابقات الروبوتات و الأجهزة الذكية.
و من الفوائد الكبيرة التي ينتج عن هذه الرعاية في هذه المدرسة هو نشأت مجتمع الطلبة الموهوبين المتميزين في مجال الروبوتات و الأجهزة الذكية، مما ينعكس على ذلك تبادل الخبرات فيما بينهم مما يضمن استمرارية جودة و تميز المدرسة الموهوبة في اكتشاف و رعاية الطلبة الموهوبين في مجال الروبوتات و الأجهزة الذكية ، بالإضافة إلى ذلك ضمان استمرارية ارتفاع مستوى الإبداع لدى الطلبة الموهوبين في مجال الروبوتات و الأجهزة الذكية.
حيث يقوم الطلبة الحاليين بابتكار أفكار و منتجات أكثر إبداعا و تميزا من أفكار و منتجات الطلبة السابقين الذين حققوا إنجازات و ابتكروا منتجات إبداعية .
نموذج ثاني لمدرسة موهوبة قد تميزت في اكتشاف و رعاية الطلبة الموهوبين في أحد المجالات الأكاديمية أو بعضها مثل مجال الرياضيات و العلوم و الفيزياء و الكيمياء و المعلوماتية.
وقد وفرت لهم هذه المدرسة الدعم من خلال تصنيف مواهبهم حسب كل مجال من المجالات السابقة ، و من ثم توفير مدرب خبير و متميز في كل مجال يقوم بتدريبهم و إثرائهم و تطوير مهاراتهم ، ثم يقوم بتحفيزهم على المشاركة في فعاليات أو مسابقات أو أولمبيادات الرياضيات أو العلوم أو الفيزياء أو الكيمياء أو مجال المعلوماتية.
و قد حقق الطلبة الموهوبين من هذه المدرسة إنجازات محلية و دولية بالفوز في هذه المسابقات أو بالتقدم في مراحل و مستويات فعاليات هذه المسابقات ، و لا نغفل أنه من نواتج الرعاية في هذه المدرسة الموهوبة هو نشأت مجتمع الطلبة الموهوبين المتميزين في مجال الرياضيات أو العلوم أو الفيزياء أو الكيمياء أو الأحياء أو المعلوماتية.
مما ينعكس على ذلك تبادل الخبرات فيما بينهم مما يضمن استمرارية جودة و تميز المدرسة الموهوبة في اكتشاف و رعاية الطلبة الموهوبين في هذه المجالات ، بالإضافة إلى ذلك ضمان استمرارية ارتفاع مستوى الإبداع و التميز لدى الطلبة الموهوبين.
حيث يقوم الطلبة الحاليين باكتساب المعرفة و تطوير مهاراتهم في هذه المجالات من خلال الاستفادة من مهارات و إثراء المعرفة من الطلبة السابقين الذين حققوا إنجازات في هذه المسابقات .
و نأتي للنموذج الثالث للمدرسة الموهوبة ، فنجد هذه المدرسة قد تميزت في اكتشاف و رعاية الطلبة الموهوبين في مجال البحث العلمي و مجال الابتكار و قد وفرت لهم الدعم اللازم من خلال توفير مدرب خبير و متميز في مجال البحث العلمي و الابتكار و أيضا توفير الأدوات لكل ما يتطلبه بحث أو ابتكار كل طالب.
بالإضافة إلى تميز المدرسة في عملية ربط الطلبة الباحثين و المبتكرين بالجامعات و المؤسسات التي تدعمهم في تطوير أبحاثهم و ابتكاراتهم ، و قد حقق الطلبة الموهوبين من هذه المدرسة إنجازات محلية و دولية في فعاليات و مسابقات البحث و العلمي و الابتكار ، و من الفوائد الكبيرة التي ينتج عن هذه الرعاية في هذه المدرسة هو نشأت مجتمع الطلبة الموهوبين المتميزين في مجال البحث العلمي و الابتكار ، مما ينعكس على ذلك تبادل الخبرات فيما بينهم مما يضمن استمرارية جودة و تميز المدرسة الموهوبة في اكتشاف و رعاية الطلبة الموهوبين.
بالإضافة إلى ذلك ضمان استمرارية ارتفاع مستوى الإبداع لدى الطلبة الموهوبين في مجال البحث العلمي و الابتكار حيث يقوم الطلبة الحاليين من خلال الطبة السابقين الذين حققوا إنجازات في البحث العلمي و الابتكار باكتساب الخبرة في طرق تطوير البحث العلمي و الابتكار و كيفية التواصل و الارتباط بالجامعات و المؤسسات التي تدعم المشاريع العلمية.
بالإضافة إلى اكتساب المعرفة في مجالات البحث العلمي و الابتكار و تطوير مهارات التخطيط و تنظيم مشروع البحث العلمي و الابتكار و البناء على الأفكار السابقة من أجل ابتكار أفكار و مشاريع أكثر إبداعا و تميزا من مشاريع الطلبة السابقين الذين حققوا إنجازات في المسابقات بمشاريعهم العلمية .
و النموذج الرابع من المدرسة الموهوبة هو آخر ما نتحدث عنه حيث تقوم هذه المدرسة بتبني برنامج يتضمن فصول للموهوبين تحت إشراف الإدارة التعليمية حيث تقوم هذه المدرسة بتجميع الطلبة الموهوبين في فصول خاصة و الذين تم الكشف عنهم بمقاييس محددة مثل مقياس موهبة.
و يقوم معلمي المدرسة خاصة معلمي الرياضيات و العلوم و الحاسب و اللغة الإنجليزية بإثراء الطلبة الموهوبين في فصول الموهوبين و تطوير مهاراتهم في المناهج إلى أعلى مستويات الإبداع ، بالإضافة إلى وجود منسق للموهوبين في هذه المدرسة يقوم بتشجيع الطلبة الموهوبين على المشاركة في المسابقات المحلية و الدولية التي تهتم بالموهوبين ، بالإضافة إلى ربط الطلبة الموهوبين بالبرامج الإثرائية خارج المدرسة.
و من الفوائد الكبيرة التي ينتج عن هذه الرعاية في هذه المدرسة التي تتبنى برنامج فصول الموهوبين هو نشأت مجتمع الطلبة الموهوبين المتميزين داخل هذه الفصول ، مما ينعكس على ذلك تبادل الخبرات فيما بينهم في جميع المجالات مما يضمن ارتفاع قدراتهم و مواهبهم بشكل ملحوظ مما يؤدي إلى استمرارية جودة و تميز نواتج التعلم في هذه المدرسة الموهوبة.
بالإضافة إلى ذلك ضمان استمرارية ارتفاع مستوى الإبداع لدى الطلبة الموهوبين في جميع المسابقات العلمية ، و ضمان استمرارية اكتساب الخبرات و اكتساب المهارات و ارتفاع مستوى الإثراء المعرفي فيما بينهم ، مما يؤدي إلى تحقيق إنجازات في الفعاليات و المسابقات.
و لكن يوجد عنصر مهم لتحقيق نجاح المدرسة الموهوبة ، فالمدرسة الموهوبة عبارة عن منظومة متكاملة لعدة عناصر ، حيث تتكون هذه المنظومة من الطلبة الموهوبين و من المعلمين المتميزين و من أولياء الأمور الداعمين لأبنائهم في برامج الموهوبين ، و لكن العنصر الأهم في هذه المنظومة هو مدير المدرسة ، فلو تأملنا المدارس الموهوبة التي حققت إنجازات و نجاحات كبيرة في برامج رعاية الموهوبين فسوف نكتشف أن العنصر المهم الذي ساهم في تحفيز و تنظيم و دعم برامج الموهوبين في هذه المدرسة الموهوبة هو مدير المدرسة بالدرجة الأولى ، و في المقابل قد نجد مدارس مؤهلة لأن تكون مدرسة موهوبة بأن لديها عدد كبير من الطلبة الموهوبين الذين تم الكشف عنهم بمقاييس الذكاء مثل مقياس موهبة.
و بالتالي إمكانية شرط افتتاح فصول للموهوبين أصبح متحققا في هذه المدرسة و لكن الذي يمنع ذلك هو عدم دعم مدير المدرسة لهذا الإجراء و الاكتفاء في عدم فتح فصول للموهوبين.
و قد نجد مدرسة أخرى مؤهلة لأن تكون مدرسة موهوبة حيث يوجد فيه طلبة موهوبين قد حققوا إنجازات كبيرة أو أنهم مؤهلين لتحقيق إنجازات كبيرة في المسابقات العلمية سواء في البحث العلمي أو الابتكار أو برمجة الروبوتات أو أولمبيادات الرياضيات و العلوم و لكن مدير المدرسة لم يقدم لهم الدعم الكافي لإكمال مسيرتهم لتحقيق الإنجازات.
كما أن مدير المدرسة لم يستثمر مواهب الطلبة الذين حققوا إنجازات في بناء مجتمع للموهوبين لتبادل الخبرات و اكتساب المعرفة و تطوير المهارات لضمان استمرارية مستوى الإنجاز و رفع مستوى الإبداع في هذه المدرسة .
إن نجاح المدرسة الموهوبة مرهون بأن يكون لها مدير مدرسة يمتاز بالطموح و الخبرة و التميز في التخطيط و التطوير لبرامج الموهوبين في مدرسته و أن يكون الداعم الأساسي لجميع إنجازات و إبداعات الطلبة الموهوبين .
سلمت يمينك أ. مبارك 👌
مقال متميز 👍🏻👍🏻👍🏻👍🏻
لا فض فوك أبا محمد .
سبحان الله الموهوب مثل النبته إذا اهتم بها وتم سقيها كبرت وأتت أينعها .
مقال رائع
موافقين يارب