د. محمد الملحم يكتب : هذا هو الوجه الآخر من حفل تخرج جامعة الملك فيصل آملًا أن يصل للمسؤولين

د. محمد الملحم

‏يوم الخميس الأول من مايو 2025 حضرت اليوم الثاني من حفل تخرج جامعة الملك فيصل حيث كان اليوم الأول هو الأربعاء، وحضوري هو كولي أمر لتخرج ابنتي إذ دعتنا الجامعة أنا ووالدتها.

فحضرت مع من حضر من أولياء الأمور وليتني لم أحضر فقد شاهدت ‏معالم محبطة في هذا الحفل من جامعة دائما يحدونا الأمل أن ترتقي و تتطور بينما نجدها في هذا الحفل قدمت أنموذجا أقل من مستواها مع الأسف، وأنا هنا لا أتحدث عن الاحتفالية والأنوار المبهجة والأوبريتات والخلفيات الصوتية، وإنما أتكلم عن “تنظيم” فالحفل أي حفل عنوان نجاحه هو نجاح التنظيم.

‏أدون أمامكم الحقائق التالية لأني أعلم أن المسؤول الأول ليس بالضرورة على علم بكل تفاصيل ما يحدث في مثل هذه المناسبات.

لذلك فإني أضع هذه السطور بين أيديهم .

أولا وهي الطامة الكبرى فعندما تعثر على كرسي للجلوس ستجده متسخا جدا فلقد كان شكل الكرسي الذي عثرت عليه تعلوه مسحة غبار تجعلك في شك فوضعت يدي ومسحته قبل الجلوس فعادت أصابعي سوداء، فلم يكن إذن ذلك الشكل المغبر “النظيف” ، ولكنه كان غبارا حقيقيا مع ذلك السواد الذي يقول لك إنه تراكم عبر وقت طويل دونما تنظيف.

وذلك لم يكن في كرسي واحد بل وجدته في الكراسي التي فحصتها جواره، ثم تحركت عبر المكان لأشاهد كراسي أخرى هنا وهناك شاغرة كلها بنفس الشكل والهيئة ، ولفت انتباهي عدد من الأشخاص عثروا على قطعة كرتون فوضعوها تحتهم وآخرون أحضروا معهم سجادات جلسوا عليها فآمنت أن الشق واسع‏، وأدركت بنفس الوقت أن هؤلاء أصحاب السجادات أفضل مني خبرة بإمكانيات الجامعة في التنظيم ومستواها و أكثر معرفة بتاريخها في ذلك.

أما أنا فقد أتيت بكل ثقة أني محل إحتفاء واهتمام كولى أمر لطالبة من طالبات هذه الجامعة! فاعذروني على ثقتي هذه ..

وتساءلت في نفسي ماذا عن يوم أمس! فنحن حضور اليوم الثاني للتخرج، ولاشك أن من حضروا بالأمس مسحت ثيابهم قسطا من وسخ هذه الكراسي ليبقى لنا هذا القدر الذي وصفته لكم ، وأترك الحكم لكم إذن ماذا كان وضع هذه الكراسي في اليوم الأول!

‏ثانيا اشترطت الجامعة الحضور 5:30 عصرا “كحد أقصى” أي قبل بدء الحفل بثلاث أو أربع ساعات! علما أننا في فترة الصيف والجو حار، وقد شاهدت الحراس يغلقون بوابة الجامعة فعلا تمام الساعة السادسة في وجوه أولياء الأمور ولم يتم تمكينهم من الدخول مع أن لديهم بطاقات دعوة فعادوا الى بيوتهم، ويفترض أن الدعوات موزعة بما يتناسب مع استيعاب المكان!

ثالثا صلاة المغرب السادسة والربع والجامعة لم تؤمن للحضور مكانا للصلاة وبسؤال المتواجدين للتنظيم أين نصلي؟ قالوا هنا مشيرين إلى أرضية مدخل الاستاد الرياضي الاسمنتية غير النظيفة أوالطاهرة والتي تجاورها أيضا دورة المياه! ‏ومن يخرج للصلاة في مسجد الحي المجاور “الخالدية” وهو على خطوات معدودة فإن بوابة الجامعة ستغلق دونه تمام السادسة ولن يستطيع العودة مع أن لديه بطاقة الدعوة!
‏

رابعا شاهدت ازدحاما كبيرا جدا جدا في دورة المياه ولا أدري هل توجد أخرى، ولكن على جميع الأحوال فإن الأعداد الكبيرة لا يمكن أن تخدمها هذه الدورات المحدودة ‏خاصة عند النظر إلى العدد الكبير من أولياء الامور الذين طلب منهم أن يحضروا قبل بدء المناسبة بثلاث وربما أربع ساعات!

خامسا تدخل إلى أماكن الجلوس وتفاجأ أنها تقريبا ممتلئة ولا يكاد يوجد كرسي قريب للجلوس ولا توجد خطة واضحة لدى الأشخاص المنظمين الواقفين هناك في كيفية تنظيم جلوس الناس وإنما هم فقط يشاهدون الموقف ويكتفون بالإشارة إلى أماكن فيها بعض الكراسي الفارغة والتي تكون في الداخل تماما حيث تحتاج أن تتخطى عشرين شخصا لتصل إليها ، بينما كان يمكنهم منذ البداية أن ينظموا الجلوس بحيث لا تبقى هذه المقاعد التي في الوسط شاغرة مما يصعب الوصول إليه.

ونتصور جميعا أن هذه مهمتهم في الأساس ! كما أنه من الواضح أن عدد الحضور أكثر من عدد الكراسي الشاغرة مما أدى إلى أن هناك من اكتفوا بالوقوف طوال تلك الفترة، ولا أعلم ما الوضع في الجانب النسائي.

أخيرا نحن نسمع دائما مقولة مسؤولي الجامعة أن الطلاب أولا (ويفترض أولياء أمورهم أيضا)، ولكن واقع حفلات التخرج أن الجامعة أولا وغيرها تاليا ، ذلك أن الحفل الذي بذلت فيه الجامعة ‏جهدها نجح أن يظهر بمظهر جميل من بروفات مسيرات وأوبريت وتجهيزات لكبار الضيوف وكلمات معدة بطريقة جميلة وإضاءة وصوتيات وتسجيلات وبث حي.

لقد كان ذلك كله ناجحا في إبراز الجامعة وتقديمها للحضور، أما الخريجين وأولياء أمورهم فقد أوكل أمرهم إلى بعض الموظفين الذين أعرف أنهم عادة يؤمنون بالمقولات التالية حول الجمهور الكبير: “يتدبرون أمرهم ” ومقولة “لابد أن يتعاونوا معنا” ومقولة “إنها ليلة واحدة فلابد أن تتحملوا من أجل أبنائكم”.

وهنا ‏سؤال منطقي: هل حفل التخرج هو لأجل الخريجين وأهلهم أو هو لمصلحة الجامعة! ‏وإن ‏شئت فيمكنك أن تلطف هذا بالسؤال لفئة من الناس بقولك: إذا كانا معا فأيهما له الأولوية؟ إن من يؤمن أن “الطالب أولا” ، كما نسمع دائما، فسوف يهمه مقالي هذا.

ومن يعتقد أن المقولات التي قدمتها قبل قليل مما يطوق عنق أصحاب التنظيم لأولياء الأمور والخريجين هي مقولات حقيقية أو على الأقل “لابأس بها” فليلق مقالتي إلى الخلف وليمد رجليه للأمام.