بوابة جديدة تُفتح مع تصاعد وتيرة التكنولوجيا: بوابة “الذكاء الاصطناعي”. في ظل التطورات الحديثة التي أذهلت العالم بقدراتها، وما زالت تبهره بالمزيد، لم يعد “الذكاء الاصطناعي” مجرد فكرة نظرية؛ بل أصبح قوة تتغلغل في تفاصيل حياتنا اليومية.
من بين هذه الابتكارات، برزت فكرة تطبيقات الذكاء الاصطناعي، التي تسعى لأن تكون “حليفًا مثاليًا” يساعد على زيادة الإنتاجية، ويقدّم حلولًا للمهام والاختبارات للطلاب. كما يلعب أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي دورًا محوريًا في خلق صداقات مع الإنسان.
ورغم الإعجاب الكبير بالتقدم التقني في هذا المجال، تثار تساؤلات حتمية عن تأثير هذه التطبيقات على الإنسان: هل تُعدّ هذه الصداقات نعمة أم نقمة؟ مفيدة أم تشكل خطرًا على الصحة النفسية والاجتماعية؟
علاقة الإنسان بالذكاء الاصطناعي تقوم على تقديم دعم غير مشروط وثناء دائم، ما يولّد طاقة مشاعرية إيجابية مستمرة. وهذا ما قد يجذب الكثيرين الذين يبحثون عن مصدر ثابت للدعم العاطفي. ومن شدة التعلق، بات بعض الأشخاص يطلقون أسماء حقيقية على تطبيقات الذكاء الاصطناعي الخاصة بهم.
ورغم أن هذا الدعم قد يساهم في تقليل مشاعر الوحدة، إلا أنه قد يؤدي أيضًا إلى تعزيز الأفكار الضارة، وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا، وتقليل قدرة الفرد على تقبّل النقد في العلاقات الاجتماعية.
إن هذه العلاقة تحمل في طياتها مخاطر عاطفية تؤثر سلبًا على الكفاءة العقلية للإنسان؛ وهو تأثير لم يتم احتسابه ضمن التيار المتفائل بمستقبل الذكاء الاصطناعي كصديق أساسي يشارك في اتخاذ القرارات.
تشير بعض التقارير إلى ضرورة إعادة النظر في علاقة الإنسان بالذكاء الاصطناعي، بطريقة مشابهة للعلاقة مع الحيوان الأليف. ولكن من المؤسف أن تتطور هذه العلاقة إلى حدّ السيطرة على عاطفة الإنسان وعقله، خاصة مع تطور الأجيال القادمة من هذه التطبيقات، مما قد يجعل الفرد أكثر أنانية، ويشجعه على التفاعل مع “صديق” لا يختلف معه ولا ينتقده. وهذا بدوره قد يزيد من صعوبة تفاعله مع البشر الذين يحملون وجهات نظر مختلفة.
وفي النهاية، بما أن الإنسان هو من فتح بوابة الذكاء، فإن بناء علاقة صحية مع التكنولوجيا يتطلب منه تطوير ذاته ووعيه، وتنمية إمكانياته ومواهبه، مع الحفاظ على مبدأ “الاكتفاء الذاتي” و”الاستثمار في الإنسان”، بدلاً من الاعتماد العاطفي الكامل على الآلة.