لا يعني أبدًا إعجابك بشكل غلاف الكتاب وحجمه وألوانه أن مضمونه سوف يعجبك أيضًا. فكما نلاحظ في عموم أمور الحياة قد يعجبنا المظهر الخارجي لبضاعة ما لكننا نفاجأ بسوئها حين استخدامها، وقد يبهرنا شكل وجبة ما لكننا لا نستسيغها عند تذوقها، وحتى بالنسبة للأشخاص قد نتوسم في بعضهم كل خير وطيبة فنُصدم بأخلاقهم السيئة بعد معاشرتهم.
لذلك ينبغي علينا أن نتريث قبل شراء أي كتاب، فالعالم مليء بآلاف، بل ملايين، الكتب، ولا يكفي العمر لقراءة ولو نسبة ضئيلة منها، ومن ثَمَّ علينا أن نسأل عن الكتاب ونبحث عن مراجعات له في المواقع المناسبة قبل شرائه؛ فالكتابة فن قد لا يتقنه بعض الكُتَّاب، وحتى لو أتقنه فقد لا يعجبنا أسلوبه أو مضمونه. فكما أن هناك ما يسمى بالكيمياء التي تحكم علاقة الأشخاص بعضهم ببعض، هناك كيمياء خاصة بالكلمات، ومن يتقنها يستطيع أن يجذب جمهوره الخاص، لكن مهما حاول فإنه لن يحوز رضا الجميع.
وبناء عليه؛ فإن شكل الكتاب وملمسه وجمال شكل حروفه (فيزيائيته) لا يعني أبدًا أنك قد تقع في حبه عند شرائك له وقراءته. هنا فقط يأتي دور كيميائية الكلمات عند قراءتها.
فبين فيزيائية الكتب وكيميائية الكلمات سرٌّ لا يتقنه سوى القليلين الذين خبروا كيفية اختيار الكلمات ثم المزج بينها، مع وضع إضافات مناسبة حتى يصلوا إلى الخلطة السرية المناسبة التي تجتذب الجمهور المستهدف وتجعله ينسى نفسه حينما يقرأ، حتى لا يكاد يترك الكتاب إلا ويعود إليه ثانية، ولا يكاد ينتهي منه حتى يمسكه ثانية فيعود إلى بعض صفحاته يكرر قراءتها؛ تمامًا كما يحصل حينما يعجب الشخص بطعم وجبة ما لكنه لا يعلم لماذا، فإذا ما بدأ بتناولها لا يستطيع التوقف، ناسيًا أو متناسيًا وعود تقليل الطعام وتخفيض الوزن.
وكما يؤثر طعم الطعام ورائحته وشكله وحتى ملمسه في حجم الوجبة التي يتم تناولها، كذلك الأمر حينما تؤثر كيمياء الكلمات في القارئ فينطلق في صفحات الكتاب صفحة وراء أخرى ناسيًا مواعيد أخرى تنتظره، ومؤجلًا نومه.
