من أبرز المُستجدات على الساحة التعليمية للعام الدراسي 1446 تطبيق الاختبارات المركزية للفصل الدراسي الثالث للمدارس الابتدائية والمتوسطة الحكومية والأهلية من خلال اليوم الدراسي، وتَعتبر وزارة التعليم أن فترة الاختبارات من الفترات الهامة في العملية التعليمية حيث تُعد مُؤشرا على مدى تحقق الأهداف التعليمية، وتُسهم في قياس مستوى التحصيل الدراسي للطلاب ،وأن أهمية اليوم الدراسي لا تقتصر على أداء الاختبارات فحسب بل تتعداها إلى الحفاظ على انتظام التَّعلم وبناء المهارات الأساسية ولذلك فإن تفعيل اليوم الدراسي أثناء الاختبارات ضرورة تربوية تُسهم في تعزيز الانضباط المدرسي.
ويواجه الطرح السابق مفهومان لابد من تفكيكهما وإعادة الهيكلة التربوية للوصول إلى جدية الانضباط المدرسي من قبل الطالب والمعلم والمدرسة كهدف تربوي تسعى وزارة التعليم للوصول إليه، مفهوم الاختبارات بما تعنيه من حالة خوف ورهبة لدى الطالب لقياس مستوى أداء التحصيل الأكاديمي بأدوات الاختبارات التقليدية التي طرأ عليها تعديلات شكلية لا جوهرية، وأيام الفراغ الدراسية التي تسبق الاختبارات بعد انتهاء المقررات الدراسية وبدء جدول الاختبار حيث مفهوم عادة الغياب عن المدرسة مِن قبل الطالب للمذاكرة والاستعداد ،فالغياب المدرسي جاء نتيجة الاختبارات، والاختبارات من ضروراتها الغياب في حالة تلازم نفسية وسلوكية درج عليها الطلاب جيل بعد جيل ،والمزاوجة والارتباط بينهما يحتاج إلى تعديل في برمجة المفهوم مضمونا لا شكلا وواقعا لا نظرية.
فتجربة التحول في الانعكاس من الخارج إلى الداخل أو التوازن بينهما في منظومة السياحة والترفيه والنجاحات التي حققتها وزارة السياحة على مستوى الداخل والخارج والتي أبهرت الجميع في احترافها قد تكون نموذجا يمكن النظر إليه لأخذ الإطار العام لتغيير إعادة برمجة المفاهيم أولا للوصول إلى النتائج المتوقعة ،فعندما تم إعادة هيكلة مفهوم مصطلح سائح وسياحة على أسس نموذجية وجاذبة ومتكاملة تُراعي فيها كل الاحتياجات الشخصية والترفيهية والرياضية والاجتماعية والتاريخية والعلمية والوطنية والفنية والاقتصادية للسائح وفق معايير للانتقال إلى المفهوم الجديد والتفاعل معه والتقييم والتحسين المستمر تم الوصول إلى التوافق بين المنظومة والسائح بنجاح فائق.
فعندما نتحدث عن أهمية الانضباط المدرسي فهل راجعنا عناصر بيئة الانضباط ومكوناتها التي ينفر منها الطالب أو التي يتمنى وجودها في بيئته المدرسية فلا يجدها ،وهل تساءلنا لماذا يفضل الطلبة الوجبات في المطاعم المجاورة للمدرسة ويصومون عما في داخلها ؟ولماذا يزداد التنمر بين الطلبة في فترة الاختبارات وتكثر حدتها ؟ ولماذا يكثر السهر ويقل المضجع من مواصلة الاستذكار إلى وقت الاختبار ؟ وهل تشكيلات المدرسة من معلميها وإدارتها قادرين على تطبيق الاختبارات ولجانه وتصحيحه ومراجعته ورصده وعلى انتظام التَّعلم وبناء المهارات في وقت واحد؟
إننا أمام خيار وتجربة تعزيز الانضباط المدرسي إما بالهدر في الوقت والجهد بين منظومة التعليم وإداراتها وتشكيلاتها المدرسية للوصول إلى هدف التعزيز وفنون تحايل الطلبة وبحثهم عن أسباب التسرب وعدم الانضباط بالتمسك بحق الغياب من أجل الاستذكار للاختبارات وعدم وجود مُحتوى لشغل يومهم الدراسي، أو بالاستثمار الأمثل في صناعة مُحتوى وأنشطة وفعاليات مدرسية جاذبة ومُمتعة وذات سياحة معرفية وترفيهية بأدوات فوق عصرية لا يكون للمدرسة فيها سور ولا حارس أمن والكل يتمنى ألا يخرج منها لروعة ما فيها.
هناك أمور لا بد من قبولها وإن كانت غير محببة للنفس فشتان بين أمور الترفيه والسياحة وموضوع الدراسة والانضباط فيها وما نحتاجه (من وجهة نظري )هو زرع قيمة الانضباط في أبنائنا الطلاب والصبر على تعب الدراسة لتحقيق الأهداف المنشودة وفي المقابل اعتراف ببعض الحاجات كأسبوع إجازة يخصص للاستعداد للاختبارات النهائية بدل إجبارهم على الحضور رغم انتهاء الدروس! وأما موضوع رغبة الطلاب في الأكل من خارج المدرسة فهو موضوع آخر يحتاج مقال خاص به مع الشكر والتقدير لكاتبنا الأستاذ بكر العبد المحسن على طرحه المميز .
نحن نريد انضباطا من أبنائنا الطلبة بلا ثمن ولا جهد .. السياحة غيرت في مفهوم السائح وراعت جميع الجوانب التي يحتاجها ليعيش في السياحة الداخلية ويستمتع بأجوائها ويتفاعل مع جوانبها .. التعليم يحتاج للاستفادة من تجربة السياحة من الخارج إلى الداخل في تغير المفهوم لدى الطالب من الغياب إلى الانضباط وهذا لا يتم إلا بإعادة هيكلة أنظمة الاختبارات التي تطرد الطالب ولا تجذبه وتنفره ولا ترغبه وتسربه من المدرسة ولا تحببه في البقاء فيها.
تبارك الله. ابداع
التعليق
التعليق
ادارت التعليم
سلمت يدك
ادارات التعليم كافة بحاجة للغربلة وإعادة صياغتها
شكرآ لك على هذا المقال المتعلق بالعملية التعليمية التي تعتبر حجر الأساس للتنمية و التطوير كما انها تمس كل بيت .
هناك أمور لا بد من قبولها وإن كانت غير محبوبة للنفس فشتان بين أمور الترفيه والسياحة وموضوع الدراسة والانضباط فيها وما نحتاجه (من وجهة نظري )هو اعتراف ببعض الحاجات كأسبوع إجازة يخصص للاستعداد للاختبارات النهائية بدل إجبارهم على الحضور رغم انتهاء الدروس! وأما موضوع رغبة الطلاب في الأكل من خارج المدرسة فهو موضوع آخر يحتاج مقال خاص به مع الشكر والتقدير لكاتبنا الأستاذ بكر العبد المحسن على طرحه المميز .
مقال رائع