الإدارة بين الفن والعلم

التعليقات: 0
https://wahhnews.com/?p=12728
الإدارة بين الفن والعلم
كميل السلطان

نستطيع الجزم بأن أي نجاح في أي عمل أساسه هو وجود تخطيط سليم وتنظيم متقن تقوم به إدارة ذلك العمل، والعكس صحيح فإن الحكم بفشل أي مشروع أو عمل يقابله سوء في التخطيط وعشوائية في التنظيم، لذا فإن الإدارة كعمل هو لبنة النجاح الأولى وقاعدته المتينة التي ستقوم عليها أعمدة المشروع لتقف أمام التحديات الكبرى.

والإدارة بمفهومها العام أشمل من أن تكون حكرا على مسار مؤسسي أو اقتصادي أو مجال مهني فهي تتعدى ذلك إلى مجالات لا تقل أهمية وإن أغفلناها بل هي منطلق شخصي أولا لكيفية إدارة الشخص حياته، فإدارة الوقت مثلا ركيزة هامة لنجاح أي عمل وأي فرد فلا يمكن تجاهل أهمية الزمن في تحقيق أهدافك سواء كانت على المستوى الشخصي أو المهني، فالتنسيق بين الأولويات الحياتية والمهام وتوزيع الوقت حسب ما يقتضيه الهدف المنشود أمر مهم، فعلى سبيل المثال لا يمكن القول بأن شخص ما ناجح لأنه استطاع أن يقطع مسافة 100 متر في عشر دقائق بينما المنطق يقول بأن باستطاعة الشخص السوي قطع هذه المسافة في دقيقة وعليه فإن ما سيفوت على ذلك الشخص الذي استغرق 10 دقائق لقطع تلك المسافة كبير جدا بالمقارنة مع أقرانه.

كذلك يتوسع مفهوم الإدارة لدائرة أخرى وهي إدارة الخلافات والأزمات وهذه لربما في اعتقادي ملكة وفن لا يستطيع الكل امتلاكها بالتعلم، هناك شخصيات تستطيع حل المشكلات وتجنب المهاترات في حياتها لامتلاكها هذا الفن من فنون الإدارة، فتجد السمة الغالبة على هذه النوعية من الناس هي الذكاء الاجتماعي الذي يجعلها قريبة من الجميع وعلى العكس من ذلك تماما فحين تفتقر الشخصية لهذه الملكة فإنها على المستوى الشخصي ستعيش العزلة والصدامات وعلى المستوى المهني حين تفتقد شخصية في موضع إدارة عمل ما هذا الفن فإنها ستصبح جزء من المشكلة والأزمة والخلاف بدلا من أن تكون المرجع الذي ينهي الخلافات بإدارة متوازنة لا تميل لمصالح شخصية أو فئوية على حساب نجاح العمل الذي يحتاج لنجاح الفريق وتوحده ورص صفه.

وللإدارة الاقتصادية نصيب كبير في ذلك أيضا فهذا الجانب جوهري في تحقيق الأهداف المؤدية لنجاح الفرد والعمل فسوء إدارة الموارد المالية وطرق صرفها كفيلة بفشل أي مشروع، والأمر يتعدى ذلك أيضا ليصل لجوانب عدة منها إدارة نفسية تتحكم بالانفعالات والعواطف والأمان النفسي، وإدارة اجتماعية لتكوين شبكة علاقات قائمة على الاحترام والتقدير والثقة، وإدارة مستقبلية قادرة على قراءة المستقبل ومعطياته لرسم منهج يواكب المعطيات ويحقق التطلعات والمجالات في ذلك تتعدد ويبقى مفهوم الإدارة الأكثر صعوبة بكل مجالاته.

ولتحقيق شخصية إدارية ناجحه على المستوى الشخصي أو المهني فإن ذلك يتطلب إكتساب العلوم الإدارية وامتلاك فنونها إضافة إلى امتلاك الشخص مهارات خاصة يستطيع من خلالها تقييم العمل وتجويده من خلال قراءته الخاصة لمسار العمل وعدم الاكتفاء بما يسمع وينقل له، إضافة لقدرته على رسم خارطة للعمل من خلال توزيع المهام والأدوار وإشرافه عليها بدلا من خلط الأدوار وتشتيت جهود الفريق في مسارات متداخلة.

كما أن إتقان مهارات التواصل يمثل أرضية خصبة لمد الجسور بين فريق العمل الواحد، فالوقوف على مسافة واحدة من الجميع دليل على فهم تلك الشخصية بأن نجاح الإدارة منطلقه هو إيجابية التواصل مع فريق العمل لا البعد عنه، فمعرفة نقاط قوة أفراد الفريق تعزز فرص النجاح ومعرفة نقاط ضعف الفريق تسهم في علاج هذا الجانب وتوزيع الأدوار بطريقة إحترافية ستثمر حتما في نجاح الفريق ومن ثم نجاح الإدارة ومن ثم نجاح العمل.

القدرة على تحقيق الأهداف الشخصية أو قيادة فريق عمل أمر مهني بامتياز يتطلب من الشخص مهارات خاصة في التواصل والقدرة على اتخاذ القرارات إضافة إلى التخطيط والتقييم المستمر لمسار العمل وحل المشكلات بطرق مهنية ناجعة وعليه فإن الإدارة هي خليط مركب بين العلم والفن.

التعليقات (٠) اضف تعليق

اضف تعليق

بريدك الالكترونى لن نقوم بأستخدامه.

You may use these HTML tags and attributes:
<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>